وصلت الأزمة بين الشمال والجنوب ، لحد الحشد المسلح على الحدود ، وبدأت الإتهامات تتطاير كالشظايا هنا وهناك ، لدرجة إتهام الجنوب للشمال بسرقة نفطه ، وكانت النتيجة إغلاق أنابيب البترول في خطوة مفاجئة ، ومتوقعة في حال إستمرار الوضع كما هو ..!! دخل البلدان في أزمة إقتصادية قاسية جداً ، عانى منها الشعبين ، ولكن في ذات الوقت لم يحدث أي إختراق جديد للأزمة ، حتى بدأت الأطراف الدولية في التحرك ، تارة الأفارقة وتارة أخرى الأمريكان ، حتى تكللت المساعي بإجلاس الطرفين على طاولة المفاوضات ..!! على طاولة المفاوضات تجددت الإتهامات مرة اخرى ، وبصورة أعنف ، بعد أن شطب المؤتمر الوطني إتفاق ، ( عقار ، نافع ) بجرة قلم دون تفكير في النتائج ، وحينها خرج قطاع الشمال عن الدولة حاملاً السلاح ، ومصرحاً بأن الخرطوم لا تعرف سوى هذه اللغة ..!! الخرطوم تتهم جوبا بدعم الجبهة الثورية ، جوبا تنفي الإتهام ولكنها تؤكد دعمها اللوجستي للجبهة الثورية ، الخرطوم تضع شروط للحوار من ضمنها عدم تعامل جوبا مع الجبهة الثورية ..!! جوبا تؤكد أن الصراع في النيل الأزرق وجنوب كردفات ، لايخصها من بعيد أو قريب ، فهو صراع شمالي شمالي ، وعلى الخرطوم حل مشاكلها دون إقحام الجنوب ..!! تحت الضغط الإقتصادي للبلدين وتذمر الشعبين ، وتحت الضغط الأفريقي والأمريكي ، تم توقيع إتفاق إطاري ، وضعت من خلاله مصفوفة ، للبدء في حل مجمل القضايا العالقة ..!! قام البشير بزيارة جوبا ، بعد تاجيل الزيارة لعدة مرات بسبب التورترات والإتهامات ، ولكن الزيارة أحدث بعض الإختراق في الأزمة ، كانت نتيجته الإتفاق على فتح أنابيب البترول ، والإتفاق على سعر مرور البترول عبر أراضي الشمال ..!! في ذات اليوم الذي كان البشير يزور فيه جوبا ، قامت قوات الجبهة الثورية بضرب مدينة أم رواوبة ، وتصعيد العمل العسكري ، في رسالة واضحة للخرطوم ، مفادها ، نحن هنا ولا علاقة لنا بجوبا ..!! كان من المقرر أن يزور سلفاكير الخرطوم خلال الشهر الجاري ، ويستقبل مع البشير أول قطرة من النفط في بورتسودان ، في إحتفال جماهيري ، ولكن تاجلت الزيارة لعدة أسباب ، منها تصاعد الإتهامات مرة اخرى بين البلدين ، وإتهام جوبا للخرطوم بقفل الأنابيب ، ونفي الأخيرة للإتهام ..!! تعقدت الأزمة أكثر بعد زيارة وزير خارجية الخرطوم ومدير جهاز أمنها لجوبا ، وفي أجندتهم ، مطالبة جوبا بالكف عن دعم الجبهة الثورية ، وإبراز وثائق تؤكد تورط جوبا في دعم الجبهة الثورية وتسهيل عملياتها الحربية في النيل الأزرق وجنوب كردفان ، وجوبا بدورها تنفي الإتهام ، وتؤجل زيارة سلفاكير للخرطوم ، وتؤجل إحتفال ضخ النفط في بورتسودان ، وتؤكد أن الخرطوم طلبت منها طرد كل التجار الشماليين من الجنوب ، في إشارة لتورطهم مع الجبهة الثورية ..!! ونحن بدورنا نحاول فهم المعادلة دعك من محاولة حلها ، فالمسألة أصبحت معقدة ، لدرجة أن تذهب الخرطوملجوبا ، وتقدم لها وثائق إتهامها في عقر دارها ، في الوقت الذي يتنظر فيه الغلابة المعدمين ، تساقط قطرات النفط ، لتطفئ الظمأ ..!! ولكم ودي .. الجريدة [email protected]