اضحكني الاستاذ بدوي الخير ادريس عضو مجلس الولايات حتى دمعت عيناي ثم استغفرت الله وقلت اللهم اجعله خير، على عادة السوداني عندما يستغرق في الضحك، وكدت اقول على عادة السودانيين ايضا «الله يجازي محنك يابدوي» التي يقولونها حين ينتزع منهم أحد ضحكة من الاعماق، أو يدهشهم بعد طول عبوس وتجهم وتقطيب هو من طبيعة شخصيتهم، أو يدهشهم أحد «المسلطين» بفعل ما أو تصرفٍ ما، لولا ان «المحنة» ليست محنة الاستاذ بدوي وانما هي «محنة» حملة العكاكيز من زملائه اعضاء مجلس الولايات الذين استنكر عليهم زميلهم بدوي هذه الروح البدوية المتأصلة فيهم لدرجة أنها لم تمنعهم من حمل العكاكيز حتى وهم داخل «مؤسسة» مهمتها الاساسية ممارسة العصف الذهني وقدح العقول ولا علاقة لها من قريب او بعيد باي «عكاز» كبر او صغر ولا حتى العكاز المسمى «الحدّاثة» الذي يستخدمه في الغالب كبار السن والمشايخ في مجالس الجودية والصلح. حكاية السيد بدوي الخير مع عكاكيز النواب حسبما نقلت عنه الغراء «الرأي العام» بدأت حين ازعجه منظر العكاكيز داخل القاعة فرفع يده في وضع «نقطة نظام» يطلب فرصة الحديث وحين أُذن له قال: «ارجو من رئيس المجلس اصدار قرار بمنع دخول الاعضاء قاعة المجلس بعكاكيزهم واضاف: «واطالب بجمع العكاكيز خارج القاعة وذلك حفاظاً على أمنها. لم أكد افرغ من من مطالعة هذا الخبر الطريف حتى انفجرت ضاحكا على النحو الذي اشرت اليه في البداية، ذلك ان حديث هذا النائب عن العكاكيز اعاد الى ذاكرتي مقولة مشهورة لأهل الفاشر ابو زكريا «أدّاب العاصي» حاضرة ولاية شمال دارفور يقولونها في وصف أحد احيائهم العريقة وهو حي «مكركا» فيقولون عنه ولا ادري أساخرين أم مفاخرين «مكركا محل عصاية قال كع» والراجح من هذه المقولة ان هذا الحي يعج بحملة العكاكيز ويكثر فيه استخدام هذا العكاكيز في حالتي الدفاع أو الاعتداء، أما لماذا فذلك ما لا اعرفه على وجه الدقة ولا ارغب في التفلسف والتحذلق والتنظير كما يفعل بعض من يطلقون عليهم محللين في بعض برامج الفضائيات السودانية يعلقون على اي شي ويفتون حول اي قضية في عصرنا هذا المعروف بأنه عصر التخصص الدقيق... الاستاذ بدوي لم يكشف لنا نوعية هذه العكاكيز التي يستخدمها هؤلاء النواب من حيث اشكالها واطوالها واحجامها، فالمعروف ان للعكاكيز وظائف مختلفة تختلف باختلاف الشكل والحجم والطول، وهذا حديث يطول لا تسعه هذه المساحة، ولكن دعونا نحمل هذه العكاكيز التي يحملها النواب على محمل الظن الحسن وننسبها باعتبار السن والمقام اما الى ذلك النوع الذي يستخدمه كبار السن للارتكاز عليها في حالتي الصعود أو الهبوط فقط وليس لاية اغراض اخرى، أو الى ذلك النوع الذي يستخدم لزوم «البكش والحشحشة» لاكمال مظاهر الابهة والفخامة، ونستبعد تماما ان تكون من ذلك النوع الذي جرى عليه المثل السوداني «السكين للسلب والعصاية من الكلب وفكة الريق مسمار قلب والبيابا الصلح لا بد يتغلب» أو ذلك النوع الذي يستخدمه الشرّامة والعنقالة والبلطجية الذي يسمى «المضبب» مع الاعتذار لكل من يحمل هذا النوع دفاعا عن النفس، وربما كان ايضاً سبب حمل النواب لهذه العكاكيز تأسيا بسيدنا موسى عليه السلام صاحب اشهر عصا في التاريخ مذكورة في القرآن الكريم في قوله تعالي: (وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى) وعليه فقد تكون لهؤلاء النواب مآرب أخرى في عصيهم هذه، ولكن ما يخيف من امر هذه العكاكيز هو ان السيد بدوي الخير حين طالب بمنعها أو حجزها خارج القاعة قال ان ما دعاه الى ذلك هو الحفاظ على امن القاعة، فما هي يا ترى حقيقة هذه العكاكيز البرلمانية.؟ الصحافة