الجدل الذي اثارته النخب والاقلام الصحفيه بمصر المحروسه جراء قرار اثيوبيا الذي مبقتضاه تم تحويل مجري نهر النيل الازرق ايذانا لدخول سد النهضه المراحل التنفيذية كان يمكن هضمه واحترام مبرراته لجهة ان مصر هي هبه النيل ولايقوم امرها وتستقيم حياتها الا به ،فهو بالنسبه لها واهب الحياة وعلي قطرات مياهه تحيا مصر وبعدمه فان الموت الزووام هو المصير المحتوم لشعبها ،نقول نتفهم كل ذلك واكثر لو لم تقحمنا النخب المصريه كسودان وكسودانيين في المساله للدرجه التي يصفنا بها ايمن نور احد هؤلاء النخبه وفي لقاء بثته الفضائية المصريه وعلي الهواء مباشرة بان موقفنا حيال مايجري من احداث بالمقرف ،وكانما اراد نور هذا ان يصطف السودان خلف مصر في موقفها من مشروع سد الالفيه الاثيوبي دون هدي او كتاب منير ،في وقت ظل فيه الموقف السوداني مبدئي وجوهري عندما انتهج النهج العلمي والموضوعي وقال ان الامر يجب ان يترك للجنة الفنية المكونه من الدول الثلاثه ،وتضم عددا من الخبراء الاجانب وتنتظر الدول الثلاثه مخرجات هذه اللجنه لمعرفة جدوي السد من عدمه . اذا موقف السودان واضح ولالبس او غموض فيه ،وانبني علي اسس علميه سليمه لاتعرف الجدل او القفز فوق الحلول السياسية ،مقروءا هذا مع الاستفادة الظاهريه للسودان من قيام السد الاثيوبي ،فاذا حكمنا حسابات المصالح التي صارت تعليها الدول والمجتمعات فان المنطق والحكمة تقولان بالا مصلحه للسودان في عداء احد ،او الانحياز لاحد دون النظر لمصالح البلاد العليا ،وان كانت مصر يسؤوها قيام السد الاثيوبي فان السبيل المنطقي والطبيعي هو الحوار السياسي المفضي لحلول تتراضي عليها جميع الاطراف دون ان تصعيد مخل لايخدم المصالح المرعيه . ان الشعب السوداني صدم بتصريحات ايمن نور التي تنم عن استخفاف وضيق في البصيرة السياسية للرجل ،الذي اخذته الحماقه فاخذ يهذي ويخطرف بمثل هذه الترهات التي تسي للسودانيين ،وتجعلهم يفكرون الف مرة في الدواعي التي دفعت الرجل ليتفوه بمثل هذا الغثاء ،رغم ان السودان ظل وسيظل رصيدا ايجابيا لمصر وبوابه جنوبيه للامن المصري ،لاسيما وان المشروعات المشتركه التي تم الاتفاق عليها عند زيارة الرئيس المصري محمد مرسي الاخيرة للسودان شكلت دفعه حقيقية للعلاقات بين البلدين ،مع تبادل الكلمات الطيبه التي تنم عن رغبة الارادة السياسية للقيادات هنا وهناك للمضي قدما بالعلاقة الي افاق ارحب ،خاصة وان مصر بعد ثورة 25يناير لامصلحه لها في عداء او استعداء اشقائهم السودانيين الذين استبشروا مثلهم بانقضاء العهد المباركي الفاسد الذي رهن العلاقات مع السودان لخدمة مصالح واجندات اجنبية لاتريد اي استقرار او ازدهار لشعبي وادي النيل،ولايعجبها اي تقارب حقيقي بينهما لعلمهما التام بان مصر القويه والسودان القوي يمثلان ارادة جبارة ورصيد ضخم لمحيطهما العربي والافريقي . ان التصريح الشاذ والمخل لنور يضع العلاقات الناميه بعد وصول اول رئيس مصري منتخب علي المحك ،ويزرع الشكوك بان المصريين لايهمهم الامصالحهما ،رغم تاكيدنا كسودانيين ان مصر هي الشقيقة الكبري ،والرصيد القوي للسودان خصوصا ان التكامل المنشود ان تم فسيغني كلا الشعبان في البلدين عن الفواتير المسممه والاعانات المشروطه والقيود المذله ،وبالتالي تحرير قرارهما . ان ملايين الافدنه البور والبكر في سهول السودان وبطاحه اذا اتحدت بسواعد الفلاح المصري الخبيرة والمدربه فانها ستطرح قمحا ووعدا ،وستحيل وادي النيل الي حله خضراء زاهيه تكفل للجانبين الحياة الحرة الكريمه ،لان قدر الجغرافيا والمصير المشترك حتما علي كلا الشعبان الحرص علي علاقات وديه اساسها الاحترام المتبادل ،والنديه الكامله ،فما عاد السوداني ذاك الرجل الطيب الذي مجدته السينما المصريه ونصبته بوابا حصريا للعمارة المصريه او في احسن تقدير طباخا في البيوت الارستقراطيه ،وان مياه كثيرة قد مرت تحت الجسر اصبحت فيها الشعوب واعيه بحقوقها ومكتسباتها ،لاتقبل الوصايه او الحيف ،فعلي نور ومن لف لفه ان يعلموا بان الزمان قد استدار وولي عهد الخيلاء الزائفه وصارت العمله الوحيدة القابله للتداول في مشوار العلاقات هي ضرورة النظر للشان السوداني عبر افرازات ومعطيات المرحلة وسنة التغيير التي جعلت الشعب المصري نفسه يطرد عنه حاجز الخوف ،ويجتاح في عنفوان مذهل ميدان التحرير ،ويرفض مغادرته الا بعد مغادرة نظام مبارك نهائيا عن حكم مصر مرددا الشعار (مش حنرحل ..هو يرحل)والسوداني ليس في حاجه للهتاف ضد ازلية العلاقات وتاريختها ان ارعوت النخبه الصفويه من المصريين وثابت الي الرشد وايقنت ان الولوج الي قلب السودانيين لايمر الا عبر بوابة الاحترام المتبادل . حسنا فعل الدكتور البرادعي وهو يقدم عبر تغريدته بتويتر اعتذاره للسودانيين والاثيوبيين بل ويطالب الرئاسة بالاعتذار العلني نيابة عن الشعب المصري ،مؤكدا ان اي حلول لاتبني علي فهم الاخر وتقدير مواقفه سوف لن تجد الاذن الصاغيه وقد تقود الي تصلب في المواقف تبعد كثيرا من الوصول الي تفاهمات مرضيه ومجديه لجميع الاطراف . يذكر ان سد النهضه وحسب اراء متخصصه لايمثل اي اضرار علي السودان وقد يستفيد منه السودان لوقوعه علي الحدود مع اثيوبيا ،اللهم الا اذا انهار لاقدر الله فان الضرر يمكن ان يلحق بالسودان وهذا امر مستبعد من جهه ان بناة السدمن اشهر بيوت الخبرة العالميه في المجال . ومهما يكن من امر فان الثابت ان دول حوض النيل بحاجه ماسه اليوم واكثر من اي وقت مضي لاجراء مراجعات وحوارات بناءه حول انجع السبل والوسائل المفضيه الي حلول توافقيه ترضي الاطراف جميعها وترسم خارطة الطريق لكيفية استفادة اي دوله من مياه النيل . [email protected]