ماذا قال دكتور جبريل إبراهيم عن مشاركته في مؤتمر مجموعة بنك التنمية الإسلامي بالرياض؟    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    الصليب الأحمر الدولي يعلن مقتل اثنين من سائقيه وإصابة ثلاثة من موظفيه في السودان    انجاز حققته السباحة السودانية فى البطولة الافريقية للكبار فى انغولا – صور    والي الخرطوم يصدر أمر طواريء رقم (2) بتكوين الخلية الامنية    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    شاهد بالفيديو.. في مشهد خطف القلوب.. سيارة المواصلات الشهيرة في أم درمان (مريم الشجاعة) تباشر عملها وسط زفة كبيرة واحتفالات من المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء أثيوبية تخطف قلوب جمهور مواقع التواصل بالسودان بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها مع إبنها على أنغام أغنية وردي (عمر الزهور عمر الغرام)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء أثيوبية تخطف قلوب جمهور مواقع التواصل بالسودان بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها مع إبنها على أنغام أغنية وردي (عمر الزهور عمر الغرام)    في اليوم العالمي لكلمات المرور.. 5 نصائح لحماية بيانات شركتك    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    تحديد زمان ومكان مباراتي صقور الجديان في تصفيات كاس العالم    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصف قرن وسبع سنين ولم يأتِ العام الذي (فيه يغاث الناس وفيه يعصرون)
نشر في الراكوبة يوم 29 - 06 - 2013

ان المتتبع لحالة هذا الجزء من العالم (السودان) يرى فيه الكثير من الموارد الطبيعة التي تسندها قاعدة بشرية عريضة يمكن ان تنمو وتزدهر بهذه البقعة من الارض , ولكن منذ مولد هذا القطر بتاريخه الحديث ظلت تتقاذفه ريب المنون من طائفية رجعية , وصراعات عنصريه اودة به الى حرب اهليه منذ نعومة اظافره وحتى الان ,ساقته الى الانقسام والتشظي والذى يبدوانه سوف يستمر بصوره كروزميه , نتيجة لعدم اكتمال الصيرورة التاريخية والاجتماعية والتمازج المطلوب لتكون هوية موحده اثنيا ودينيا ولغويا .
ان طرقنا لهذا البحر العميق من مشكلات الوطن السودان لن يكون بعمق الجراح المحدثة في جسد هذا الوطن ولكن ستكون قراءة لمائلات الثلاث وعشرون عاما الأخيرة والتي تتمثل في نظام الانقاذ الذي يعتبر القشة التي قصمت ظهر البعير .
فبعد ان اعياه النضال وطني الذى كتب عليه منذ يوم بذوق فجره في 1956م وعندما كان جنينا في احشاء الاستعمار ان
تتقاذفه هوية عربية وحدويه مع مصر واخرى سودانية ذات طابع إسلامي عربي تشرئب الى التاج البريطاني ,كرست لهما عقلية الأفندية التي كانت تطمح الى حكم البلاد دون المام واضح وكامل باليات الحكم , ودون معرفة تامة بكل التضاريس السودانية من اثنيات وثقافات واعراق متعددة ومتباينة , فقط كانوا يطمحون للوظائف والكراسي التي سوف يتركها الانجليز والمصريين .
فولد الوطن بديمقراطية لا عيب فيها امام فرحت مواطنيه , وباقتصاد يسنده اكبر مشاريع افريقيا والوطن العربي أي باستقرار اقتصادي تام , وبكل صراعات الطائفية الرجعية , والعقلية النخبوية القاصرة التي لا تعرف سواء كراسي السلطة الفارغة , تحركها احلام الهوى النجدي ,قاد اول رئيس وزراء الى بسط العهود والمواثيق الى المستنيرين من ابناء الجنوب ولم ينفذ منها ولا حرف , فأوغر ذلك صدور الجنوبيين مبكرا من فكرة السودان الموحد وزاد من اوار الحرب التي اشتعلت اساسا قبل عام من ذلك الميلاد.
وليت الطائفية كانت قد غرقت في مركب الولاء والتنصيب لصاحبة الجلالة , وليتها قد ابتعدت بقيمتها الدينية عن صراعات السياسة (انتم ادرى بشئون دنياكم ) ولكنهم اتوا الى برلمان هش التكوين , فافرغوا صراعتهم الذاتية فيه , فادت هذا المكايدات السياسية وعدم التقدير لهشاشة التجربة وحداثتها الى اول انقلاب علي السلطة في بلد لم يمضي علي استقلاله عامان .
برغم ان انقلاب 1958م لم يكن بذلك الانقلاب الذى تتذمر فيه القيادة العسكرية من القيادة السياسية وتقوم بالتحرك لوحدها , الا انه كان عبارة عن تسليم وتسلم بغرض المكيدة بالخصم ليس اكثر ولا اقل , اذ كان بإمكان الحزب الحاكم (حزب الامة ) ان يقطع الطريق امام خصمه بالدعوة الى انتخابات مبكره او هكذا حل في كل الديمقراطيات , الا انهم فضلوا الحل الاقصاى للخصم , مما ادى الى واد التجربة الديمقراطية الاولى في مهدها , ولكن الادهى والامر انهم بذلك ادخلوا المؤسسة العسكرية في اتون السياسة وهذا هو العمل الذى لا تجيده ولا يجب ان تجيده , اذ انه يقلل من احترافيتها القتالية وجهوزيتها الفنية لدحر الاعداء في تخوم البلاد , بل جرها ذلك في مقبل السنوات الى التهام ابنائها .
واستمر الشعب السوداني تواق الى الديمقراطية والحرية , وواصل نضالاته الى لانتزاع حقه المسلوب عبر مؤسساته ومنابره النقابية , فادرك مبتغاه في اكتوبر1964م اكبر الثورات في افريقيا والعالم العربي في القرن الماضي, في ثورة كان اكبر عوامل تفجرها قضية الجنوب والحرب التي قضت على العباد والبلاد (كان خلف الصمت والاحزان يحيى صابرا منتصرا) , كذلك ادراك النقابات والهيئات لضرورة افساح المجال للديمقراطية والتعددية والتبادل الديمقراطي للسلطة , وليس التبادل السلمى للسطلة كما يعتقد امام الانصار, اذ ان التبادل السلمى يمكن ان يكون كما كان في حالة تسليم السلطة للجنرال عبود من قبل عبدالله بك خليل رئيس الوزراء , او كما حدث في حالة امام الانصار الصادق عندما استولت الجبهة الإسلامية في 1989م على السلطة دون يقول لها اى شخص (اش ولا كر) , اما التبادل الديمقراطي فلا يتم الا عبر صناديق الاختراع , ان هاذين المثالين وامثلة عدة تدعونا للتشيك حول اهمية الديمقراطية لدى حزب الامة ولدى الحزبين الكبيرين تحديدا , برغم من قاعدتهما الجماهيرية الكبيرة التي قادتهما دوما الى مقاعد البرلمان , ربما يعود ذلك الى ان الديمقراطية قبل ان تمارس على مستوى الدولة والشعب يجب ان تمارس على مستوى الحزب وقواعده ويبدو اننا امام قاعدة (فاقد الشى لا يعطيه) ,
وبرغم المحاولات الجادة لحكومة اكتوبر لحل مشكلة جنوب السودان ,عبر مؤتمر المائدة المستديره في مارس 1965م , والذى خرجت بتوصيات , ارضت كل الاطراف ووقعت عليه الاحزاب والهيئات السودانية , وبدات حكومة سر الختم الخليفة بتطبيق بنوده ووقف العمليات العسكرية , واغرت بعدم جدوي الحل العسكري للمشكل واعترفت بالتعدد الاثني والعرق والديني للسودان والفوارق الاجتماعية والتاريخية للإقليم الجنوبي . الا ان المؤسسة العسكرية والتي كانت مخترقه بصرع الأيدولوجيات , وعناصر الطائفية التي بدأت المكايدات السياسة مرة اخر , وحتى حزب الامة انقسم اول انقسام له على نفسه , وعدم احترام راي القضاء في قضية طرد الحزب الشيوعي من البرلمان , والتفاف الحزبين الطائفيين على توصيات مؤتمر المائدة ادى حول قضية الجنوب , ادى هذا الاحتقان بالجنرالات من حملة الأيدولوجيات الى تحريك دباباتهم نحو القصر الجمهوري مرة ثانية في مايو 1969م.
ولعل جنرال مايو اكبر المتقلبين في الأيدولوجيات , فبدا اشتراكيا في اقصى اليسار وانتهى ترابيا في اقصى اليمين , وبالرغم من ان مايو اوجدت حل لمشكلة الجنوب , استمر لعشر سنوات مستفيدة من توصيات المائدة المستديرة ,ولكنها ادخلت كل المشاكل السياسة والاقتصادية والاجتماعية للشعب السوداني , فبداء تأكل الاقتصاد وانحرافه , وبدات التشققات والتصدعات في المؤسسة العسكرية , فأكلت ابنائها وضح النهار , وبداء حكم اجهزة الامن وبيوت التعذيب .
لكن كل هذا يهون امام الادهى والامر, اذ انها اى مايو اضحت الحاضنة لما سمى بالجبهة القومية الاسلامية (1986 - 1989 : شكل الدكتور حسن عبد الله الترابي الجبهة الإسلامية القومية' : (لم يكن كثير من الناس يفرقون فعليا بين الإخوان المسلمين وبين حسن الترابي وفريقه لان حسن الترابي كان المراقب العام لفترة مهمة وكان أغلب تنظيم الجبهة فعليا من الإخوان المسلمين) الترابي أصبح الأمين العام للجبهة لتصبح حزباً إسلامياً عصرياً، وظل الإخوان المسلمون تنظيم الحبر يوسف نور الدايم (هكذا كان يميزهم الناس)
الجبهة التي أسسها الترابي 1986 دعمت حق المرأة في التصويت والترشح، وكانت أهداف الترابي الرئيسية (التي يقول بها)هي أسلمة المجتمع وتأسيس حكم الشريعة الإسلامية في السودان. (الجبهة الإسلامية) اخترقت البرلمان والحكومة والجيش والمنظمات المحلية والإقليمية ومنظمات رعاية المرأة والشباب. وقد قامت أيضاً بإنشاء منظمات الرعاية الخاصة بهم مثل شباب البناء ورائدات النهضة، كما أقاموا الحملات التعليمية لأسلمة المجتمع من خلال الدولة. وفي نفس الوقت قاموا بالسيطرة على مؤسسات إسلامية خيرية من أجل الترويج لأفكارهم والتي أدت لنشر أفكارهم في المجتمع (فقد استفادوا من مشاركتهم للرئيس النميري 1979 حتى 1985 في التمكين الاقتصادي والاجتماعي). ولكن التأسيس الاكبر والاستفادة الاكبر كانت بتأسيس الخلايا داخل الجيش والاجهزة الامنية والتي كانت خلايا نائمة .
ان الترابي وحزبه ومنذ ولوجهم للحياة السياسة في السودان 1949م , واختلاف مسمياتهم منذ ذلك التاريخ (كما صاحب الدكان مرة يفتحوا دكان مره صيدلية مره جزاره حسب المستاجر – جبهة ميثاق – اخوان مسلمين جبهة اسلاميه – موتمر وطنى ) لا يومن الترابي ولم تومن عشيرته بالديمقراطية , والحرية والمساواة بين الناس حتى داخل حزبهم (ابناء غرب – مكر شايقية – حماقة جعليه ) هكذا دارت المفردات ازا انقسامهم الكبير في رمضان 99-2000م .
وبعد نضالات النقابات والهيئات السياسية والمدنية سقطت مايو في 1984م غير مأسوفا عليها (لا ابا يسال عنها ولا اما تبكى عليها ) .
جاءت الديمقراطية الثالثة بكل عيوب الماضي وجاء معها ال البو ربون ( الحزبين الكبيرين) لم يتعلموا شئيا ولا ينسون شئيا . بحكومة تحالف غلب عليها طابع التناحر الحزبي والطائفي . ولم يكترث السيد رئيس الوزراء بالمطالب النقابية والشعبية التي ادت الى الانتفاضة وحملته الى القصر , من مطالبات بحل لمشكلة الجنوب , وابعاد سدنة نظام مايو ,وميثاق حماية الديمقراطية . الا ان السيد رئيس الوزراء اثر ان يطالب اولا بممتلكات ابيه المصادرة , والحديث الممل لوسائل الاعلام فالرجل مثقف ويحب الظهور , وعداء غير مبرر لدول الجوار , ومن ثم بداءة المكايدة الحزبية , في المماطلة بالمصادقة على اتفاقية الميرغني قرنق(1988م) في البرلمان الذى يمتلك فيه حزبه الأكثرية . ليذهب الى حكومة ائتلاف مع اس البلاء الجبهة القومية , ويعين رجلا لم يفز في صناديق الاختراع وزير ا للعدل ووزيرا للخارجية , وليس في الامر قضاضه ولكن الرجل معروف عنه انه ابعد من العدل وابعد من القانون الذي قرائه وابعد من الدبلوماسية وغير مرغوب فيه من دول الجوار , ويجيد التآمر والتلاعب لمصلحة حزبه ونفسه , فوقف سدا منيعا امام تمرير اتفاق الميرغني قرنق , وكان في نفس الوقت يخطط ويدبر لؤد النظام الديمقراطي في رفضة الصريح هو وحزبه في التوقيع على ميثاق حماية الديمقراطية.
اما السيد رئيس الوزراء فكان كما صرح لبرنامج قناة الجزيرة (زياره خاصة –انه كان في حوار دائم مع عقله الباطن وانه كان موافقا على الاتفاقية وانه تنبا بأكثر من عشرين حدث وقعت في العالم منها وفاة الرئيس ناصر ) فلما لم يتنبأ بهذا الشيطان الجالس بجواره ؟ .
هكذا قدر السودان والسودانيين ان يحكمهم ابناء الساده المتنبئون بأضغاث الاحلام ويتبعهم المتسلقون المتعلمون الطامحين الى الحكم باي ثمن .
كان للترابي ما اراد فى1989م وهو شريك في الحكومة وحزبه منتخب في البرلمان بأكثر من خمسين مقعدا , ان يقوض النظام الديمقراطي مرة اخرى عبر خلايا الاسلاميين النائمة داخل المؤسسة العسكرية (اذهب للقصر رئيسا واذهب للسجن حبيسا) . ليدخل السودان والسودانيين في حكم اعتي الديكتاتوريات متوشحا بردا الدين المقدس لدي السودانيين , ليقوم ردع الناس والعباد باسم الدين وهو بري براءة الذئب من دم ابن يعقوب .
بداء الهدم الموسس للسودان بزج الدين فى السياسه , وتكفير كل مناهض للنظام الجديد, ونقل مفاهيم الجهاد والاستشهاد الى الحرب الداير روحاها فى جنوب البلاد , وكان هذا اس البلاء , فسادت روح الاقصاء الدينى والعرقى .
هكذا نقل الترابى ونظامة الموسسة العسكرية والتى لم يكن يحترمها فى الاساس ولم يكن يحترم قادتها , الى حرب دينية ضد الحركة الشعبية فى الجنوب , مما اتاح للنظام ان ينخر فى داخلها (الموسسة العسكرية ) كالسرطان داخل الجسد , فاسخنها بالاقالات لقادتها , والمهوسين وغير الاكفاء من الموالين للنظام (الدفاع الشعبى ) وسلم قيادتها للمدنيين (نافع – صلاح قوش – الجاز – وحتى الناطق الرسمى الحالى ويسمى الصوارمى ليسوا خريجى الكلية الحربية السودانية ) .
هكذا اصبح حال اهم موسسات البلاد التشريد والتنكيل بابنائها , بل القتل بدون محاكمات حتى فى شهر رمضان الكريم
ولم يكن الحال باحسن فى قطاعات الخدمة المدنية , بل العكس لقد كان الوضع هناك اسواء بالف مرة , فقد شرد المواطتين الابريا ء من عملهم وبيوتهم ليسكنها موالى النظام غير الموهلين والمتسلقين , فاستشراء الفساد قى الخدمة المدنية وانهار دولاب العمل , واصبح التوظيف بالمحسوبية والولاء للنظام وحتى فى بعض الوزارات للقبيلة (اورنيك وزارة النفط) .
كل هذا جرى باسم الدين وشعارات وهتافات التمكين (فليعد للدين مجده) , ولم يكن مجدا الدين (والذى هو برئ من هذا براءة الذئب من دم ابن يعقوب ) فى يوم من الايام فى تشريد وتجويع الناس , ولم يكن بالمحسوبية القبلية ولو كان كذلك لما اذن بلال يوم فتح مكة فى الكعبة , ولوكان بتشريد وتخويف وزج الناس فى السجون وبيوت الاشباح لما انزل الله من علياءه قران يتلى )
لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)) . اذا فالتمكين لدين الله يكون اولا باطعام العباد والجياع ونشر الامن والامان وسط العباد دون النظر الى دينهم فقريش لم تكن مومنة عن بكرة ابيها.
لقد وجه الانقلابى البشير خطابا للشعب السودانى فى 30 - 6 – 1989 م المشوم , به اكثر من تسع نقاط وصفها بانها هى التى دعته الى الانقلاب , وناحذ منها نقطتان الاولى وهى الحالة الاقتصادية والتى وصفها بالانهيار واسثشراء الفساد والثانية بارتهان سيادة البلاد للقوى الاجنبيه وتحديدا صندوق النقد الدولى ولا اريد ان اورد ماسمى بالبيان رقم واحد لكى لا اطيل على قارئى الكريم .
ولوجئنا للنقط الاولى فاننا نجد الاقتصاد السودانى كان يئن اساسا من ضربات الجبهة الاسلامية , ابان الديمقراطية الثالثة والتى وجهتها اليه عبر سيطرتها القطاع الحر خلال فترة اوخر عهد مايو , حيث بداء نموها الجرثومى عبر بنك فيصل الاسلامى . لقد كان تجار الجبهة الاسلامية يضاربوا فى قوت الشعب , وكانوا يخلقون ازمات السكر والخبز للحكومة الديمقراطية التى هم شركاء فيها . لكن اعتقد ان الجنرال المنقلب لم يعنى هذا الامر وانما عنا ارتفاع سعر الصرف للدولار , فاتى بوزير للنفط كان من اكبر المضاربين بالدولار حتى ارتبط اسمه به , وان الدولار ارتفع الى اعلى معدلات الصرف بعد الانقلاب بشهر واحد فقط ومازال يرتفع حتى الان , وبيعت كل موسسات الدول على انها موسسات خاسره , ومن الذى اشتراها رجال (ثورة الافلاس انفسهم ) , فاين الفساد ايها الجنرال ؟
لقد منئ الله على الانقاذيين بالنفط فى منتصف التسعينيات , واستخدم كلمة (على الانقاذيين ) مستعيرا رد - د.الطيب زين العابدين احد كوادر الحركة الاسلاميه عندما سئل عن مذكرة العشرة فكان ان رد موجها انتقادات لفساد الاسلاميين فى السلطة وقال انهم يتعاملون بمبداء ( اموال السلطة هى اموالكم ) , فاودعوا عايداته جيبوبهم وبنوك ماليزيا وسويسرا بدلا من ايداعها فى الاقتصاد الذى وصفه البيان الاول بالمنهار , ولم يرفعوا هذا الانهيار بالدعم للزراعة ولا للصناعة ولا التجاره بل رفعوا اكفهم (للهبر ) من هذه الغنيمة , واستغلت موارد البترول بعد النهب فى تجييش الة القمع (الاجهزة الامنية ) حتى اصبحت دولة داخل دولة واصبحت شرطة مكافحة الشغب تمتلك قدرات اعلى من الجيش نفس المنوط به حراسة الحدود وحراسة العباد , اضف الى ذلك ان عقود البترول مع الشركات الماليزية والشركات الصينية (مع العلم ان الصين القوى الشيوعية الاكبر فى العالم الان) لم تكشف لى احد حتى الان ولا حتى فى اتفاق نيفاشا للسلام , فاين الفساد ياعمرو؟
ان الله الذى منئ على الانقاذيين بالنفط , اراد ان يكشف سؤتهم للناس , وحسب المثيودلوجيا السودانية ( الكضاب وصلوا الباب) , فكان الانشقاق فى1999م وقال الرجل(الترابى ) ما قال فى البشير وزمرته , وقال البشير فى الرجل وزمرته ما قال , وانكشف المستور, وعرف الشعب من المفسدين فى الارض .
ان النقطة الثانية , والتى تحدث فيها الجنرال المنقلب عن ارتهان سيادة البلاد للقوى الخارجية , بانت جليا بعد ان عجز نظام الجهة عن تحقيق نصر ساحق على الحركة الشعبية برغم كل مواسم الصيف (صيف العبور) التى قضاها قى السلطة فسعوا لكل عواصم العالم , بحثا عن السلام الذى يبقيهم فى السلطة فقط دون حل جذرى لقضايا الاقتتال , فكانت ابوجا وكانت نيروبى وكانت القاهره وجنيف حتى وصلنا الى نيفاشا القشه التى قصمت ظهر البعير , فراينا اصحاب القبعات الخضراء وسط الخرطوم وفى دارفور وفى جنوب كردفان , فكيف هو التدخل الاجنبى سيادة العقيد؟ وكيف هو الارتهان للقوى الاجنبيه؟ .
ان الدولة السودانية والتى يحاول الاسلاميين العلمانيين تحويلها الى ملكا عضوض , اصبحت فى مفترق الطرق , مابين التشظى والانقسام وهذا ما بداء فعليا , او العودة الى التماسك وبناء دولة القانون والمواطنة .
يجب اولا ان نوضح لما نعتناهم بالاسلاميين العلمانيين , ان المتتبع لامر هولاء لا يخفى عليه ان يرى العلمانية مختفية خلف ستر الدين , نوجز للايضاح فى سياسىة السوق الحر التى انتهجوها فى الاقتصاد, القروض الربويه لبناء الطرق والسدود (سد مروي) , السلوك الاستخباراتى المنفتح على الCIA من قبل رئيس جهاز الامن والمخابرات السابق والمعتقل حاليا صلاح قوش كما يقول اهل اليسار(مافى فرق فى الوقت الراهن بين واشنطن والخرطوم).
مساهمة الاجهزة الامنية السودانية بصوره فعالة وجادة فى ضرب خلايا القاعده داخل وخارج السودان وفى العراق والصومال وافغنستان (النموذج التركى) – تقرير للCIA, وكثير من الامثلة يمكن اخذها فى هذا السياق وكما قال المهدى ( ناس الجبهة دخلوا الناس الجوامع وهم دخلوا السوق) .
ان المتتبع لمسيرة وطننا يجده مثل الثور المذبوح , الذى كثرة سكاكينه , فمن سكاكين الطائفيه والرجعية وحب السلطة , الى سكاكين العسكر المغامرين مرورا بساطور الجبهة ذو الشفره الدينية الحاده ,التى مزقت البلاد ايما ممزق .
ففى عهد الانقاذ ذهب جنوب البلاد الى الانفصال , وكان التبرير لذلك بان الانفصال اهون من ذهاب الدين والشريعة الاسلامية , وكانه كان للدين يوما ارض اوبلاد محددة الحدود . والان عشر سنوات من الاقتتال فى اقليم دار فور وليس هنالك من ينكر نار القران فى هذا الاقليم ولن ينكر بالطبع تدين اهله , فيبرر القتل والتشريد لى اهالى الاقليم بواسطة مليشيات الحكومة المسلحة (الجنجوبد) هذه المرة بالاستهداف الخارجى , والاستهداف للدين فكان هولاء هم الصليبيين او التتار مع العلم بان اكبر الحركات المسلحة فى الاقليم المناهضة للانقاذ وليد شرعى للحركة الاسلامية (جركة العدل والمساواة ) . ان الصراع الذى انتشر فى كل البلاد جنوب كردفان جنوب النيل الازرق مناطق الشرق مناطق سد كجبار والنوبة فى الشمال , لا يمكن ان يكون كل هذا عداء للاسلام والمسلمين , لانه ببساطة كل هذه المناطق تدين بالاسلام , اذا فالصراع ضد الجبهة اللا اسلامية التى تدير الوطن والبلاد بعقلية احادية الروئ لا تنظر الى الاخرى , ولا تلتفت الى قضاياه وهمومه , بل كل همها الجلوس فى كرسى الحكم مهما كلف ذلك , متوشحتا برداء الدين الذى انكشف منها تمام مثلما كشفه عمار بن ياسر يوم موقعة صفين ضد المطالبين بدم الخليفة عثمان بن عفان رضى الله عنه وارضاه حين قال(اين من يبتغى رضوان الله عليه ولا يؤؤب الى مال وولد ,فاتته عصبة من الناس , فقال : ايها الناس اقصدوا بناء هولاء الذين يبغون دم ابن عفان ,ويزعمون انه قتل مظلوما , والله ما طلبتهم بدمه ولكن القوم ذاقوا الدنيا فاستحبوها واستمروؤها وعلموا ان الحق اذا ما لزمهم حال بينهم وبين ما يتمرغون فيه من دنياهم , ولم يكن للقوم سابقة فى الاسلام يستحقون بها طاعة الناس والولاية عليهم , فخدعوا اتباعهم بان قالوا : امامنا قتل مظلوما ليكونوا جبابرة وملوكا).
هكذ لم يكن لرجال الجبهة والانقاذيين سابقة فى اسلام السودانيين ولا تدينهم , ونحن نقولها لهم الان وهم , يحتفلون باربعة وعشرون سنة من هلاك النسل والحرث .
ان اى محاوله لربط هذا التهتك وراب الصدع فى هذا الجسد المسمى السودان يجب ان تمر من عدة محاور ومرتكزات اساسيه لا تقبل التنازع او التفاوض او التاخير .
اضحى اسقاط الجبهة الاسلاميه اهم مرتكزات المجتمع السودانى , ورغم اهمية هذا العمل وما يحتاجه لحشد جميع الطاقات , فانه يجب ان يتم بعيدا (ان امكن ذلك )عن القوى الرجعيه الطائفيه المتلهفه الى السلطة فقط والتى اذا ساهمت فى هذا العمل فانه سوف تعيد عقارب الساعة الى ماقبل 30يونيو 89 البغيض, وكذلك بعيدا عن ما يسمى الموتمر الشعبى بقيادة حسن الترابى لانه اس البلاء , ان ما احدثته ثورة الاتصال الان من التيوتر والفيس بوك وكل مواقع التواصل الاجتماعى , وهذا لايسمى اقصاء ولايقلل من ايماننا بالديمقراطيه , ولكن لكم تجاربكم خلال محاولات الخروج الاخيره , وتجارب ما )يسمى الربيع العربى (وكيف استطاع الاخوان والجماعات الاسلاميه ركوب الموجه فى كل بلاد هذا الربيع , اضف الى ذلك ان قوة الديمقراطيه تكمن فى استدامتها , وهولا يتربصون بها .
ان ما احدثته ثورة الاتصالات الان من التيوتر والفيس بوك وكل مواقع التواصل الاجتماعى ورغم ما يعانيه شباب بلادى من شح فى الموارد , الا انها تعتبر المحركات الرئيسه للثورة , ويمكن ان تبعدهم عن الزعامات التقليديه والطائفيه التى هى بالاساس جزء من المشكلة , وقد يذهب بى احداهم الى ان عدم وجود قيادة يحبط العمل الثورى ولا يدفعه الى الامام , انه بذلك يكون مخطئا فنحن بحاجه الى دم جديد واحزاب جديده زات روح جديده تتفهم متطلبات العصر الجديد, اضف الى ذلك ان هذا التصرف ينائ بالثورة عن المتاجره بها من قبل الاحزاب وقادتها , الميالين الى اللين والتفاوض وكثرة الكلام ولديكم انموذج فى زعيم حزب الامة القومى , كذلك يساهم هذا الامر فى تامين الثورة من رصد الاجهزة الامنيه والدولة , ويقطع الباب امام الدوله لنهج التفاوض والالتفاف الذى هو ديدنها .
الاقرار من كل الاحزاب وكل مكونات المجتمع المدنى بالتنوع الاثنى والثقافى لهذه الرقعة الشاسعه من الارض واحترام معتقدات وديانات وثقافات الاخرين , لا هذا الازدراء للغير او لللاخر هو الذى اودى بجنوب السودان , ويجب ان يضمن هذا الاعتراف والاحترام فى دستور دائم ديمقراطى وتومن به وتوقع عليه كل الطوائف والاحزاب والمكونات الاقليميه والاثنيه .
يجب وضع حل عادل ومنصف لمشكلة دارفور عبر جلوس كل الاطراف داخل السودان , مع الحكومة الانتقاليه وعليها (اى الحكومة الانتقاليه ) تطبيق مقررات ذلك الحل مباشرة ودون تاخير .
قد يكون الذهاب الى كونفدراليه حقيقة , مع دولة جنوب السودان يغذى الاققتصاد المنهار والمتدهور فى كلا الدولتين الدولتين ويخفف العب والمعاناة عن كاهل مواطنى البلدين , مما يقود الى سلام دائم وعادل على الحدود بين الطرفين .
ان العمل فى الجانب الاقتصادى يحتاج الى توزيع عادل للثروة وكذلك السلطة فى البلاد , مع مراعاة للاقاليم التى تحتاج الى دعم من المركز بسبب معانتها من الحرب التى اشعلها الانقاذيين فيها , وهذا يتطلب سعة افق وصبر كبيرين من قادة وحكومة الفترة الانتقاليه تحديدا وكذلك من الحكومة المنتخبة ديمقراطيا
حقا ان هناك الكثير من المتطلبات لضمان نجاح هذه العملية الجراحيه المعقده , ولكن الاستعجال وعدم التحلى بالصبر سوف يودى برجل افريقيا المريض الى الفناء الابدى .
هذا ما وصلنا اليه بعد سبع وخمسون سنه من استقلال السودان , واربع وعشرون سنه من حكم الجبهة الاسلاميه وعمر البشير, ولم ياتى العام الذى -(فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ) .
م . عزالدين خاطر
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.