هللت مؤسسة الرئاسة والسلطة الاقليمية بدارفور لاتفاق الصلح(الشامل) بين قبيلتي الأبالة والبني حسين وذلك بقصد وضع حداً للنزاع الذي نشب بين الطرفين على خلفية الأحداث في منطقة جبل عامر... قطعا لا أحد يرفض وقف النزاع بين القبائل ووقف هدر الدم، لكن بنود الاتفاق تستوجب النظر فقد تضمن الاتفاق الذى يتكون من(21) بنداً شملت بنوداً منها: حصر الخسائر وتحديد التعويضات وتسليم إدارة جبل عامر للسلطات الرسمية، وانشاء صندوق للتعويضات ينشأ من عائدات جبل عامر الذي يخصص منه(65%) لدفع الديات والخسائر من الطرفين، بينما تخصص نسبة (25%) لإعادة تأهيل مرافق محلية السريف والمحليات المتأثرة. من الملاحظ أن الديات قد حظيت بالاهتمام الأكبر، بدليل النسبة الكبيرة المخصصة لها من الموارد، ربما كان دافع الموقعين والمشرفين على الاتفاق الوصول لصيغة تؤدي لفتح الطريق لإطفاء الحرائق بين الأطراف المتنازعة، لكن أخشى أن تقود لتعميق النزاع، واخشى أن يتحول الموت لإداة سمسرة وتجارة بأرواح البشر في تلك المنطقة التي كانت تشهد سلاماً اجتماعيا قبل أن تقوم الإيادي الآثمة بتحريك العوامل القبلية لأجل مكاسب سياسية وقبلية وذاتية. الاتفاق لم يخاطب جذور المشكلة التي تتمثل في تنصل الدولة عن القيام بدورها السياسي والاجتماعي وإحالة الأمر لحلفاء نخب قبلية يحيلون المواجهات لجموع فقيرة مغلوبة بدوافع قبلية خدمة لولاء سياسي أو طمع في الحصول على مكاسب آنية، الخاسر الأكبر في تلك النزاعات هي المجتمعات المحلية التي لم تحظ من ذلك الاتفاق سوى نسبة(25%) لإعادة تأهيل محلية السريف، مع التجاهل التام للآثار الاجتماعية بعيدة المدى على اللحمة الاجتماعية والأحزان العميقة التي ضربت أفئدة الأمهات والآباء على شبابهم الذي راحت أرواحهم هدراً ومن الطرفين. مأساة جبل عامر بقصص الموت والدمار النفسي والمادي أكبر من مجرد صلح مكتوب على ورق، أنها مأساة تدهور دولة وتراجع مجتمع واحالته لحالة نزاع حول السلطة والثروة يتم التعبير عنها بأدوات وأشكال غاية في القسوة.. ستعود مؤسسة الرئاسة والسلطة الإقليمية لديوانها الفخيم في الخرطوم والفاشر؛ لكن كيف سيكون الوضع على سفوح جبل عامر؟ الميدان