نحاول ان نركز فى هذه المقالات الثلاث، على ثلاثة اشياء جعلت السودان يرزح فى الدونية المفرطة والتبعية المكررة حتى فقدنا ماء وجهنا ،اول هذه الاشياء (الاقتصاد وسوء التردى الخدمى) وثانياً (الحروبات التى قادتها الانقاذ للحفاظ على حكمها،)وثالثاً( تفتيت وحدة الوطن وبيع اجزاءه ومؤسساته) .ونحاول فى هذه الاجزاء الثلاثة ان نضع الحلول اللازمة،ما امكن،ولأننا نعيش فى وطن مأزوم ، ونعانى من تبعيات هذه الازمات وافرازاتها،اليوم وبشكل اساسى فى مستوى الخدمات بسبب فشل حكومة الانقاذ فى حكم هذا السودان المتعدد الاثنيات والاعراق، ولان مستقبل السودان يبدو رماديا فى هذه الاونة الاخيرة فى ظل وجود الانقاذ، فان الواجب الوطنى يحث ضمير الكاتب الحى ان يكتب بعيدا عن النفاق والتطبيل سعيا لكشف مواطن القوة وزيادتها ،واظهار مواطن الضعف وتلافيها عاجلا أو اجلا _ولاننا لاندرى اشرّ اريد بنا ام اننا ننتظر الخير من هؤلاء الذين نسوا حال هذا المواطن الذى ذاق ماذاقه من ويلات ومرارات فاننا نذّكر ببعض المشاكل التى تعترض مستقبل السودان وتجعله غامضا ورماديا –ان لم نجد الحلول السريعة لهذه الاشكاليات ،ونذّكر لعل الذكرى تنفع وننادى لكل المواطنين الشرفاء،ان يهبّوا لنجدة هذا الوطن المأزوم . (1)احدى اكبر المشكلات التى تواجه التقدم الصحيح للدولة الوضع الاقتصادى الراهن –- ما تحتاجه الدولة هواقتصاد قوى فمن دون الاقتصاد القوى تبدو الدولة فى موقف تبعى مكرر للدول الاخرى وهو ما يبدوا جلياً جداً فى عهد الانقاذ–وتبدواضطرابتها ظاهرة للعيان –وايضا ثقتها الداخلية مهزوزة –وينموالاجرام نموا طرديا نحو اعلى المستويات،حيث يسود الفقر –والبطالة ،وتتردى الخدمات المدنية ،وينتشر الفساد –والمحسوبية –والرشوة ،وبا لكاد تمثل كل هذه الصفات مداخل انفاق مظلمة ،تجعل الدولة فى حالة ركود فكرى جامد،عن البحث فى طريق اللحاق بركب الدول المتقدمة ، ولكن عكس ما ذكر اذا ما كانت الدولة اقتصادها متين فهى ،دولة لها القدرة فى الميدان العا لمى للعب ادوار مهمة فى معظم الاصعدة –وتجدها تؤثر بشكل مباشر فى القرارات الدولية ،وهى بذلك تعتمد على اقتصادها القوى ،ومواردها المتجددة ،وغير المتجددة وتستغلها احسن استغلال ، هناك عدة اختلالات هيكلية وتلك تمثل السمة الرئيسية للبلدان النامية ،ويعتبر السودان ،كأحدى الدول النامية ،والذى تعتمد خزينته بشكل مباشر على اموال النفط ، حيث لا بدائل اخرى ،رغم وجودها وفى مقدمتها الزراعة التى تم تجاهلها عن قصد،اضف لذلك ما فعلته حكومة الانقاذ ازاء المشاريع الذراعية الكبرى التى تم تفتيتها وبيعها ، كمشروع الجزيرة ،والرهد و----الخ! ولكن دعونا نذكر بعض الاختلالات الهيكلية لاقتصاد الدولة بشكل عام ،والذى يتمثل اساسا فى اختلال وضعف التركيب القطاعى لهيكل الانتاج ،حيث تسود قطاعات الانتاج الاولى والتى تشمل –الزراعة –والصناعات الاستخراجية –وبعض الصناعات الاستهلاكية الخفيفة ،بالاضافة الى قطاع الخدمات غير الانتاجية –بينما لا تمثل الصناعات الانتاجية وفى مقدمتها الهندسية والمعدنية الا وزنا ضئيلاُ، فى هيكل الناتج المحلى الامر الذى يترتب عليه ضعف علاقات التشابك القطاعى وضحالتها ،مما يؤدى الى ضعف فى الدفع الذاتى للنمو وبالتالى عدم القدرة على الخروج من الدائرة المفرغة من التخلف والفقر . ان اقتصادنا يحتاج الى دراسة اعمق وموضوعية خاصة فى بناءه الهيكلى ،والاقتصاد فى حالة متغيرة دوما وعلينا ان نعى ضعف هيكلنا الاقتصادى ،وذلك من خلال تبنى استراتيجيات تنموية تتسم بتوجهها للداخل تستهدف اساسا اعادة تشكيل هيكلها الاقتصادى ،من خلال صياغة انماط تخصيص الاستثمار وتستحدث فروع انتاج جديدة تؤدى فى الاجل الطويل الى قيام اقتصاد مركب متعدد القطاعات والانشطة،حتى يقوم اقتصاد متوازن داخليا ،بشرط ان يوجه نشاط التجارة الخارجية ليلعب دورا تنمويا يسهم فى تصحيح الاختلالات الهيكلية وليس مجرد تصحيح العجز فى الميزان التجارى ويقتضى الاخذ باستراتيجية التنمية الموجهة داخليا الى مقومات اساسية:_--------- (1)قيام الدولة بالدور القيادى للتنمية من خلال اتباع نهج التخطيط القومى الشامل ، وبناء قطاع عام قوى يتولى ادارة القمم الحاكمة للاقتصاد القومى من هياكل البنية التحتية الاساسية وصناعات وبنوك وشركات تأمين وشركات تجارة خارجية . (2)الارتفاع بمعدلات الاستثمار ليس فقط من خلال تعبئة المدخرات النقدية (ولكن ايضا تعبئة المدخرات الحقيقية الكامنة )مثل القضاء على مختلف اشكال الفقد فى استخدام الموارد كتحويل (3)تحقيق نسبة عالية من الاكتفاء الذاتى فى الغذاء،من خلال الاهتمام بتطوير الزراعة وتحديثها كذلك الاهتمام بالصناعات الغذائية . (4)الاهتمام بالتنمية البشرية وذلك بالاهتمام بتنمية الانسان منذ طفولته صحيا وتعليميا ولرفع القدرات الانتاجية للعامل البشرى،وبما يسهم فى رفع المتوسط العام للانتاجية على المستوى القومى . (5)الاهتمام بالعدالة الاجتماعية من خلال الاخذ بالسياسات والاجراءات التى تحقق التوزيع العادل للثروات والاصول الامر الذى يقضى على الشعور بالاغتراب وزيادة الانتماء للمجتمع .ويبقى تحقيق هذه المقومات الاساسية رهناً بذهاب الانقاذ الى المزبلة التاريخية كما حدث لاخوان مصر، احمد يعقوب