تعتقد الكثير من الأسر السودانية أنه وعندما تملك اطفالها هواتف نقالة تكون قد صعدت بهم علي درج الرقي والتحضر وانها اجتهدت في امتلاك وسيلة تجعلها مطمئنة عليهم في فترات غيابهم طويلة عن المنزل , الا انه تعد حيز الموضوعية وذهب تفكير بعض الاسر بعيدا" فاصبح بعضهم يفاخر بنوع التلفون الذي ملكه لابنه بناءا علي طلبه الشخصي فيذكر انه قد اقتني له الجلاكسي ومنهم من يردد ان الآيفون هو رغبة ابنه بالتحديد وانه قد حققها ارضاءا له,لم تدري تلك الاسربأنها قد افلحت وبشكل كبير في إبرام اتفاق بين الهاتف الجوال وذلك الطفل ليشغله وينشغل به , وان الحصيلة نتيجة عكسية غير التي كانت ترجوها الاسر، فكثيرا ماسمعنا وشهدنا بالعين المجردة بعض التفلتتات التي صاحبت تلك الظاهرة , بل وأحدثت جراحات ثم عمقتها لتصبح جراح وجراح وانتهت إلي انحرافات اهلكت الاسر قبل الاطفال,ونظل نحن نجاري الجديد والمتجدد الذي لايتناسب و طبيعة الحال ونفتخر ونفاخر بأعلي صوت ثم نبكي ا سرما إن تحل الكارثة وبهمس غيرمسموع (ليتنا لم نتفحص التكنولوجيا ) عبارة نرددها حيال فشل الاطفال في استخدام الهاتف لن نرمي عليهم اللوم لا نعاقب الطفل ولن نرمي عليه كل اللوم بل نسلط كل الضوءعلي تلك الاسر التي لم تراعي لاولويات التربية ، ولم تتفهم بأن الهاتف لايتناسب عقليا" مع عمر الطفل ،ولم تتدارك ان لكل شئ مشرق وجه آخرمظلم إما أن نتفاداه او ان نتجاهله , فان تجاهلناه وصل الامر بنا وبأبنائنا جهلا في قمه مداه, كما اننا لا نملك فنيات المراقبة التربوية فمجرد أن يتفقد الأب هاتف ابنه في لحظة خاطفة فهي للاسف مبادرة ليست كريمة منه بل والعكس فهي في نظر الاطفال محاولة تجسس وتدخل في خصوصياتهم وبالتالي تعتبر اولي محطات الانفلات الاخلاقي التي تجعلنا في مواجهة غير متوازنه فيقل الحوار ويأخذ جانب غيرأدبي, ويصبح الاب مجرما والطفل هو القانون ثم تأتي الكوارث تباعا" وتصبح المعالجات احيانا داءا بدلا من الدواء, فكثيرا ما روت لنا الاسر التي تأذت بسبب هذه الظوهر الفرق بين ما آلت اليه وما كانت قبله من حال, تعتبرهذه الفئة جلبت لنفسها الدمار وقبلت الموت قهرا ,وهكذا اصبح مجتمعنا يعيش أزمة علي كافة المستويات الاخلاقيةوالاجتماعية ولعل اكبر إفرازات هذه الازمة صعود الطفل إلي مستوي غريب لايحتمله ولا يتحمل عقباه، فالاسر في حوجة ماسة لمجهودات توعية , حتي لا تظل في حالة هروب دائم من السلبيات ومن دورها المباشر تجاه الاطفال وتكتفي بالبكاءعلي الاطلال . علي كل فالقضية برمتها بحاجة لعودة وإنتباه لايقل إنتباها عن المصروفات الحياتية فنحن نحتاج فعلا" إلى جراحةحقيقية عاجلة لمعالجة التشوهات التي ضربت بنموذج الطفل ،نحتاج فعلا لإعادة نظر وتدخل فوري والعودة من جديد بالمجتمع لعهده الزاهي ,بإحكام الأمور والمرونة المعتدلة في توصيل بعض الذي لايحتاج الي صرامة التي ربما انعكست الي انحراف دون دراية منا اوعلم فلكل شئ اخلاقيات ومهما تقدمنا في العلم والمعرفة ستظل عاداتنا هي مقدمتنا التي تضمن لنا استقرار الحياة بين الاطفال واوليائهم بسبب الهاتف الجوال اسرة حائرة واخري جائرة ,موازين مقلوبة ونفق مظلم ,مرآة ضبابية ونحن في غفلة وهم بهايغفلون جمال يحى إدريس الطاهر [email protected]