(1) الحرب في دارفور بين الحركات المسلحة و الحكومة منذ العام 2002م تركت اثارا سالبة على الاقتصاد و الوضع السياسي و الاجتماعي و تبدلت ثقافة السلم و التسامح الاجتماعي السائد في دارفور الى ثقافة العنف و الحرب و القتل غير المبرر وبدون اسباب منطقية نزح الاهل من العرب والقبائل غير العرب الى المدن داخل دارفور, منهم من هاجر الى الخرطوم و منهم من لجأ الى خارج السودان في دول الشتات طالبا" اللجؤ السياسي فاصبحنا مثل الصوماليين عندما انهارت الدولة عام 1990م اصبحت دولة الصومال دولة قبائل فانقسم الصومال الكبير الى ارض الصومال في الشمال و في الجنوب بقي الصومال القديم ما يعرف بمقديشو وهنالك صومال بونتلاند في الشرق ونخشى ان تنقسم دارفور بفعل ابناءها الى صومال اخر في افريقيا. (2) كما للحرب شباب يشعلونها للسلم ايضا شباب يؤمنون بها و يعملون لها ولان التاريخ ليس ثابتا" فعدو اليوم ربما يصبح صديق الغد وصديق اليوم ربما يصبح عدو الغد وهذه العلاقة تربطها تقاطع المصالح بين المجموعات المتحاربة فليس هنالك عدو دائم ولا صديق دائم ولكن يوجد هنالك مصالح دائمة. اذا كانت قبائل الفور و المساليت و الزغاوة قاتلوا القبائل العربية او العكس و تبادلوا الاتهامات فيما بينهم بالقتل و النهب و التشريد فان عجلة التاريخ وبفضل حكماءها وشبابها سوف يعملون الى قلب الاحداث الى وضعها الصحيح وضع التعايش السلمي و الحوار المجتمعي من اجل استعادة السلم الاجتماعي المفقود. و هنالك امثة كثيرة تدل على عدم ثبات الامور على حالها فمثلا الدكتور جون قرنغ كان الاعلام الحكومي في السودان يصفه بالمتمرد و الخارج وتارة بالعميل الصهيوني الغربي فمجرد توقيع اتفاقية نيفاشا انقلب الاعلام الحكومي ذاته في مدح الدكتور جون قرنغ بانه صانع سلام وانه وطني غيور لاهل وبلده.فما الذي يمنع ان تعود العلاقات بين الفور و العرب و بين الزغاوة والعرب و بين المساليت و العرب بل بين كل مكونات مجتمع دارفور الى سابق عهدها بل اكثر تطورا وقوة في وثيقة تضامن اجتماعي جديد يضمن للقبائل حق التعايش و الحوار و التسامح و تبادل المنافع فيما بينها. (3) مبادرة طيبة وكريمة من شباب محلية زالنجي الى التعايش السلمي بين القبائل وجد صدى وترحاب منقطع النظير وسط القبائل العربية وغير العربية لما للمبادرة من قوة الطرح و الصدق لانها تدعو القبائل الى عدم التحارب ونبذ العنف واشاعة روح التعايش السلمي و التسامح الاجتماعي فتدافع الشباب متطوعين الى خدمة اهلهم في البوادي و القرى و المعسكرات حتى تعود دارفور عزيزة بكرم رجالها وغناء حكاماتها وهداييها فتعود الحياة صافية خالية من القتل و العنف وتعود شبكة العلاقات الاجتماعية بين القبائل فنجد الفوراوي يعود ويتزوج الجلولية و الرزيقية و البقارية وكذلك العربي يتزوج الفوراوية والزغاوية و الفلاتية و القمراوية .....الخ هكذا نريدها ان تكون دارفور دارفور القران و التسامح و كفانا حروب ونزاعات لا فائدة منها ولا منتصر فيها. (4) هذه المبادرة في تقديري الشخصي المتواضع يجب رعايتها ودعمها وعدم التشكيك فيها باي حال ويجب علينا دعمهم بالفكرة الطيبة وبوسائل الحركة حتى يتمكنوا من السفر الى الريف و ملاقاة الاهل من العرب وغير العرب لان عملية السلام عملية طويلة المدى تهتم بالجوانب الاقتصادية و السياسية و الثقافية و الدينية وان ثمرتها سوف تكون لاجيالنا القادمة والسلام ليس محصورا لحزب او قبيلة او عرق او دين فهي قيمة انسانية سمحاء مثل قيمة العدل و الصدق فكلنا نحتاج الى العيش في سلام ولكن هنالك بعض ضيقي الافق يريدون ان يجهضوا هذا العمل بحجة ان هذه المبادرة بإيعاز من الشيخ موس هلال الذي اصبح ينادي بالتصالح القبلي بين مكونات دارفور الاجتماعية. (5) في اعتقادي هذا هو الفوبيا و الهوس الذي وقع فيه بعض ابناء دارفور لكل من يدعو الى التسامح و التعايش السلمي بين القبائل يصفونه بانه ذو غرض ومنفعة و بالتالي لا نتركهم يعملون بحرية ليس لانها ضد رغبة الاهل في دارفور بل لانها ضد رغبة من يأتمرون بامرهم الذين يرون اهل دارفور مثل اهل القرون الوسطى في اوروبا عندما تقاتل الاوروبيون ردحا" من الزمان حتى تواضعوا فيما بينهم و تفاوضوا و تحاوروا حتى عم السلام اوروبا و اتحدوا تحت مظلة الاتحاد الاوربي كأنهم يوما" لم يقتتلوا فيما بينهم. فيمكننا في دارفور التوحد وليس هذا بعزيز على الله فوحدتنا في قوتنا و قوتنا في ديننا وعاداتنا و تقاليدنا السمحاء. في الختام ادعو والي ولاية وسط دارفور الدكتور يوسف تبن موس ان ترعى هؤلاء الشباب وان لا تتركهم للمخذلين ضيقي الافق ان ينسجوا لهم الاكاذيب و التقارير الملفقة اجلس و استمع لهم ربما يفيدونك في حل اشكاليات الولاية المتجددة وتكون بذلك اضافة جديدة ومدخل جديد في فض النزاعات و بناء السلام. حسن سيسي [email protected]