الآن بسبب الدماء الغالية التي سفكها النظام بدم بارد، فقد انقطع خط الرجعة أمامه، ولم يعد بوسعه أن يلغي قراراته الأخيرة.. وحتى إن فعل فلا فائدة، لأنَّ الأمر قد تجاوز مطلب الإلغاء، وصار مطلب الشعب زوال النظام برمته.. الآن لم يعد بيد النظام شيئاً سوى الإستماتة في الدفاع عن نفسه، وصارت الكلمة بيد الشعب.. والشعب قد عزم مواصلة الطريق، ولن يردعه عن ذلك شيء.. ألم يكتب النظام نفسه في دستوره ويقر أنَّ الشعب مصدر السلطات.. فالآن الشعب يريد أن يسترد سلطاته كاملة غير منقوصة.. فمن من الناس يستطيع أن يمنعه حقه؟.. هذا النظام لم يُقَدِّر هذا الشعب حق قدره.. ولا يكن له أدنى قدر من الإحترام.. لأنه يدرك تماماً أنَّه يستمد شرعيته من البندقية وحدها.. رضي الشعب أم أبى.. لا يهم أبداً رأي الشعب عنده.. وهو حسب قناعته أنَّ سبب استمراره في الحكم طيلة هذه الفترة يعود فقط الى مقدرته الفائقة في بث الخوف والرعب في قلب هذا الشعب الجبان الرعديد.. نعم هذه هي قناعة هذا النظام الذي يحكمنا.. لذلك تجده يحرص بشدة على إظهار العصا عند كل بادرة احتجاج أو عصيان ولسان حاله يقول: لا تشتري العبد إلا والعصا معه إنَّ العبيد لأنجاس مناكيد والآن هو مستمر على نفس سياسته، وهذا ما يجيب عن التساؤل: ما الدافع وراء استخدام النظام لكل هذا العنف الى درجة القتل؟.. يا سادتي النظام ينظر الى الشعب من غير أعضاء المؤتمر الوطني أنهم مجرد مجموعات من العبيد التي لا تساوى عنده شيئاً.. ويحق له بحكم أنهم من ضمن ممتلكاته الخاصة أن يفعل فيهم ما يعن له ضرباً أو قتلاً. هذه هي قناعة النظام حسب أفعاله ولن تخدعنا كلمات أبالسته بأنَّ شعب السودان شعب عظيم.. لأنَّ كلمة شعب وكلمة عظيم لها عندهم معانى أخرى مختلفة تماماً.. والآن وقد وضحت بجلاء صورة النظام من بين الدماء الغالية التي سفكها.. لم يعد أمام شعب السودان سوى طريقين لا ثالث لهما.. إما طريق الإنعتاق من العبودية الى الحرية مهما غلى الثمن.. ليحيا هو والأجيال من بعده سادة أعزاء كراما.. أو أن يختار التقهقر والنكوص فيكون قد اختار طريق العبودية التي لا فكاك له منها أبد الدهر.. وحاشا للشعب السوداني العظيم أن يختار الطريق الثاني.. لأنَّ الشعب الذي علَّم الشعوب كيف تكون الثورات.. والشعب الذي ذبح الطغاة من الباشوات كما فعل بغردون واسماعيل.. والشعب الذي لم يرهبه الموت فاندفع اليه يطلبه طائعاً مختاراً كما فعل في كرري حيث أذهل الأعداء وجعلهم يحترمونه.. هذا الشعب يا سادتي لا يمكن بحال أن يختار طريق العبودية. ولأنَّه رغم الرصاص ورغم القتل والدماء لا تزال جموع الشعب تهدر في الساحات والشوارع فحتماً ستنتصر وسيهزم الدم الرصاص. التحية والتجلة لشهدائنا الكرام.. نسأل الله عز وجل أن يسكنهم فسيح جناته.. والعزاء للشعب السوداني عامة ولأسرهم خاصة.. فهم الأبطال اللذين سيسطرهم التاريخ في سجل الخالدين. [email protected]