ألا يستحق الترابي و المهدي و الميرغني التجاوز و النسيان؟.. أليس هم الوتد.. العَصَابة و المكابح عن الإتيان بفكر جديد؟ .. أليست محصلة تزعمهم الطويل كانت و لا تزال دكتاتورية مدنية محضة و انفراد بزعامة و رأي بل و توريث و جرٌّ قسرا بمصالح السودان إلى الوراء؟ .. أليس السادة الثلاثة عاطلون عن العمل و يعيشون من عمل أيدي المريدين الغبش المخدوعين؟ أثمة أمل نرجوه ممن لا يزال يقيد عقلنا و لا يرينا إلا (طشاشا و غباشا)؟ عبث جهدك في تعديل إعواج رقبة الجمل كما هو جهد ضائع بذرك في قلب الصحراء ترجو زرعا و نبتا .. انشغل الناس كثيرا بما يقوله الثالوث الترابي .. المهدي و الميرغني و ثلاثتهم – في رأي - يستحقون التجاوز الكامل لأن مجرد تتبعهم اعلاميا يعطيهم احساسا صادقا بأنهم ما زالوا زعماء فعليين مؤثرين لا يستطيع أتباعهم رؤية و لا تدبيرا إلا بالرجوع إليهم و الاعتماد عليهم و أن آمال و تطلعات السودان و السودانيين منوطة بهم لا غير بينما الحقيقة أن زاد ثلاثتهم تعميق هوة السودان و لا يزالون. و الحقيقة الأخرى التي لا مراء فيها أن نفرا غير قليل ربط نفسه بوتد الولاء الأعمى لهؤلاء الثلاثة لا يحرك المريدون ساكنا إلا عندما يُشار إليهم بالسير يمنة أو يسرى أو التوقف أو حتى الصمت المشروط بإشارة الضوء الأخضر بابتداء الكلام الذي يريده السيد كما و موضوعا .. كل هذا دون قناعة راسخة من التُّبّع و الإمّعة لماذا يُطلب منهم هذا أو ذاك. الشاهد أن محصلة التزعم طويلة المدى أو سمها الديكتاتورية المدنية .. صفر كبير على الشمال إن لم يكن جرّاً قسريا بمصالح السودان إلى الوراء جدا و لكن على المستوى الشخصي للثلاثة و فوق الزعامة فإنهم تكسبوا كسبا ماديا دنيويا بذريعة استحقاق الأملاك التي يلهثون وراءها حتى إنك لا تراهم إلا عاطلين لا يعملون عملا يدر عليهم ما يعينهم علي الحياة القاسية التي يعاني منها مريدوهم. أقول مريدين بدلا عن أعضاء حزب لأن عضو الحزب له حقوق و مواقف .. له فرصته في القيادة .. له حق النقد و لكن المريد شأن العاشق يرضى و لو بالزجر. الترابي .. عرّاب النظام و عقله هو من كان سببا في جر السودان إلى حضيض ما وصل إليه من بؤس إنسانه و تقطيع أجزاءه و تجفيف موارده و أمواله .. و لما أيقن بخراب النظام كله افتعل فرية المفاصلة رافعا يديه أنه بريء من عمل عمر و صحبه فلم يشفع له دهاءه و لا ولاء تلاميذه له أن ينقلبوا عليه و يركلوه خارج حظيرة الحكم .. و سار على دربه غازي صلاح الدين و الذين معه لما أيقنوا أن سفينة الإنقاذ صارت تبالي برياح الغرق الوشيك طمعا في عطف شعبي لا يلحقهم بمصير طاغية ليبيا الهالك. الصادق .. أحق الناس بمعارضة عمر البشير الذي أزاحه عن الحكم .. تراه لا أقول ممسكا بعصا القرار من الوسط و لكنه صار ريشة يقلبها تارة هوى و غرام الحكم الطامع فيه بغير يأس و أخرى لبس عباءة المعارضة التي ما أفلحت في إخفاء أقنعة الازدواجية المتوفرة لديه في دولاب ضرورة كل مرحلة. و ليته ماض على حاله تلك و لكنه ممسك بأداة تحكم مريديه محكم قبضته بلجامهم يمنعهم و إلا فهو الخروج عليه و هو الإمام الخط الأحمر الذي لن يقدر مريد على تجاوزه .. و في ذات الوقت تراه سائل اللعاب كلما تدلت موزة أمل في حكم يتفضل به عليه من قلب عليه الكرسي في غفلة منه. أما الميرغني .. فأنا أعده كائنا فضائيا لا يقاسمنا الأرض و لا أحوالها و أهوالها .. لا تراه إلا على نحو موسمي كفصل من فصول السنة يتغشى من هو سيدٌ لهم ثم ينزوي في عوالمه تاركا تابعيه في وحل التخبط بين التحرر من قيوده و رجاء الشفاعة و الرضى منه .. لا أراه فاعلا في قضايا السودان إلا كما السحاب الخلب .. عالق في السماء و لا مطر .. بارق راعد و لا قطر. ثلاثتهم وتد و إن شئت مكابح و ألْجِمة توقف و تشل عجلة الفكر الشبابي في الإتيان برؤية جديدة مغايرة تحدث تغييرا جذريا ينهض بالسودان و يواكب الإيقاع العالمي السريع التغير و يحررنا من نهج تقليدي أقعدنا كثيرا عن التقدم. إن المؤمل منهم خيرا كراغب في إحصاء حبات رمل الصحراء الكبرى و إن أكثر و أمضى أسلوب يناسبهم هو تجاوزهم تماما و إن منحهم اعتبارا فوق الذي مضى يزيدهم تشبثا و هيمنة و لنكتفي بكونهم مرآة على عربة تكشف ما بالوراء و لا تعيق التقدم أو كتابا على رف نقلب صفحاته بحثا عن عجيبة من عجائب الماضي نُحدِّثُ به صغارنا شأن ما كانت الجدات تروي لنا عن فاطمة السمحة و الغول. ينبغي أن تشغلنا القضايا الراهنة عن مجرد التلفت لما يقولون و إلا صار ثلاثتهم شغلا صارفا عن أمهات القضايا الماثلة سيما و أنه لم يعد في جعبتهم ما يستحق الوقوف عليه إذ لا جديد بعد الخرف إلا التخريف - و إنهاذات الكأس التي سقوا منها آباءنا و لا يزال يُرادُ لنا بقية ما في الكأس. أما الذين يرون في الأسياد فضلا .. فنقول لهم هنيئا بفضلهم عليكم و أنكم في كنفهم تنعمون بكرامة في العيش و ببحبوحة من الحرية و سبقا مقدرا بين اللأمم لكنا لا نرى شيئا ماثلا مما يريكم إياه السادة مما حدا بكم أن تعتقدوا أن مجرد رؤيتهم تشريف و مصافحتهم رفعة و نظرتهم إليكم رضى. [email protected]