لا شك أن المراقبون والرأى العام السودانى قد تابعوا ببالغ الدهشة .. اعلانا مدفوع القيمة نشر فى صحف سودانية .. يتناول وفى غير ما إقتضاب .. لقاءا لزعيم دولة أجنبية مع زعماء قبيلة سودانية .. أى نعم قبيلة سودانية .. وفى أرض أجنبية .. هى أرض الزعيم الأجنبى .. ولا تنتهى المفاجأة هنا .. بل تحمل واحدة أخرى .. حين يفاجىء الزعيم الأجنبى ضيوفه بالحديث بلسان الرئيس السودانى .. ويستفيض فى شرح إتفاق بينه وبين الرئيس السودانى .. لإنجاز المشروع الذى طال أمد إنتظاره .. وهنا بالطبع تسقط مباشرة كافة العبارات المحفوظة والمعلبة .. والتى كانت تستخدم فى هكذا حالات .. من نوع العمالة .. والإرتزاق .. والإرتهان للأجنبى ..إلخ ..! اللقاء المعنى تم فى مدينة أم جرس التشادية .. الإسبوع الأخير من الشهر المنصرم .. بدعوة ورعاية من الرئيس التشادى ادريس دبى .. أما الضيوف فقد كانوا زعماء وأعيان ورجالات قبيلة الزغاوة السودانية .. الواقعة تبدو غير مسبوقة فى عوالم السياسة وأعرافها .. ولكن .. هل امر دارفور كله من السياسة التى نعرف ..؟ وفيما رحب المشاركون فى اللقاء من رموز الزغاوة باللقاء وبنتائجه وبجهود ادريس دبى فى إحلال السلام فى دارفور .. سارع المتمردون من أبناء الزغاوة الى شجب اللقاء وشجب المشاركين .. وشجب دبى نفسه الذى .. ولا شك قد آواهم يوما ودعمهم أياما .. واشترك الدكتور جبريل ابراهيم زعيم حركة العدل والمساواة والسيد منى اركو مناوى زعيم حركة تحرير السودان .. فى بيان واحد .. نادر الحدوث .. وكلاهما من الزغاوة .. بالطبع .. يرفض اللقاء .. كما يرفض ما سمياه بتقزيم القضية ..! وغير بعيد من ذات الشخصيات .. ولكن مع كل البعد الجغرافى والموضوعى .. كان كليهما جبريل ومناوى يصدران بيانا يؤكد ترحيبهما بجهود رجل الأعمال السيد صديق آدم عبدالله الشهير بودعة والذى إلتقاهما بكمبالا بصفته رئيسا للجنة الإتصال بالحركات غير الموقعة على اتفاق الدوحة .. ودعة نفسه قال لمقربين إنه سعيد بنتائج اللقاءات مطمئن لمآلات مشروع السلام فى دارفور .. سيما إذا وجدت جهوده الدعم والمساندة من المراجع العليا فى الدولة .. ! يبدو المشهد كله مربكا الآن .. ودعة يبشر بالسلام من كمبالا .. يلتقيه المتمردون ويرحبون بجهوده .. دبى يبشر بالسلام من أم جرس فيرفضه المتمردون وينددون به .. ولكن المتمردون اول من يعلم .. أن مشروع ودعة لن ينجح دون دعم دبى .. وودعة يعلم أن مشروعه لن ينجح دون دعم البشير .. ودبى من أم جرس يعلن عن تحالف بينه وبين البشير لرسم خارطة سلام دارفور .. ثم .. البشير يبعث بودعة للمتمردين .. فيرحبون به .. ثم .. المتمردون يشتمون دبى .. ويشتطون حتى ترد فقرة فى بيانهم تحسب أن قائلها البشير وليس متمردى دارفور .. ونص الفقرة ( تطالب الحركتان مجلس الأمن بالأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي النهوض بمسئولياتهم في حماية سيادة السودان علي أراضيه وشعبه واستقلاله من التدخل الأجنبي السافر في شأنه الداخلي ) ... !!!!!! صحيفة الخرطوم [email protected]