لم تزل توصيات مؤتمر التعليم الأخير والذي طال انتظاره كثيراً باقية في أدراج الوزارة،حيث لم يُعمل بأي توصية من تلك التوصيات،لم تحسم الوزارة بعد إضافة عام دراسي جديد إن كان بمرحلة الأساس أو بالمرحلة الثانوية،ولم تكشف الوزارة عن رؤيتها حول المناهج التي تُدرس الآن في المراحل،وهي المسألة المهمة كما مسألة السلم التعليمي،إن لم تكن الأهم، قضية المناهج التعليمية دار حولها حديث وجدل واسع خلال السنوات الأخيرة القليلة فيما يتعلق بجودتها وضرورة مراجعتها إن كانت قد أضافت مادة قيّمة لعقول الطلاب أم كانت حشو،فبعد أن أُدخلت مواد خاوية المضمون،كل ما فعلته أن أحنت ظهور الطلاب من فرط ثقلها على الظهر وخوائها في العقل،وأُخرجت مواد كان لها أن تُقوّم هذه المسيرة المتعرجة،بعد كل ذلك بدأ مشرعو العملية التعليمية في الانتباه لما لحق بالمناهج من تخريب،فبدلاً أن تسير نحو المستقبل كوضع طبيعي رجعت خلفاً للدرجة التي أصبحت فيها المقارنة بمناهج اليوم والأمس مادة كوميدية..خبراء التعليم في السودان اعترفوا بخواء المناهج التعليمية التي تُدرس الآن وتيقن الكثيرون كيف أن هذه المناهج لا تعدو كونها حشو،وحشو لا يتوقف عند كونه غير مفيد،بل هو ضار،ضار بعقول التلاميذ،لكن الإقرار يأتي بعد أن حُشيت عقول أجيال بهذا الخواء ولولا فضل الانفتاح الفضائي و القنوات المتخصصة لكانت أجيال كاملة بالسودان خارج الدائرة والواقع أنهم يقتربون من الخروج من هذه الدائرة،فما يحدث من تفتح ذهني يسهم في تشكيل شخصية الطفل فهو بفضل الفضائيات المتخصصة. نعم،بالنظر إلى ميزانية التعليم المخجلة التي تخصصها الدولة،يتأكد للجميع أن التعليم ليس من أولويات الدولة،آخر التقارير أوضحت أن السودان الأضعف افريقياً وعربياً في الصرف على التعليم،حيث الميزانية المخصصة للتعليم تبلغ 1%،وحسب تقارير داخلية فإن ولاية الخرطوم بحالها تدفع 1% من المنصرفات على التعليم غير المرتبات،وتدفع مجالس الآباء 94.4% و2.5% تأتي من إعتمادات أخرى،إذاً التعليم في الأساس لا يُمثل أهمية،ولو أن الواقع لا يحتاج إلى أرقام فهو يحدث عن نفسه دون أرقام..فالنتائج المشرقة تأتي من واقع اهتمام الدولة. لكن القضية ليست ميزانية فقط،هناك ما هو أخطر من سوء الميزانية وضعفها،الدولة تركت أمر التعليم كاملاً للتيارات المتشددة دينياً،ربما لحسابات موضوعة بذكاء لأنها تدري أن هذه التيارات قادرة على تجهيل الأمم،وربما بحسابات أن تُشارك هذه التيارات في الحكم لتصمت والدولة لا تضع التعليم أولوية لذلك فهو الأنسب لمن يريد أن يشارك بصمت،المناهج تحولت لتريبة دينية مجردة،مع إهمال غير منطقي للقيمة العلمية الحقيقية المطلوب حقن الطلاب بها في هذه السن المهمة بما يُمكن من إنتاج أجيال قادرة على قيادة الأمم دون الحاجة إلى خبير فقط،انقذوا التعليم من الجهل. = الجريدة [email protected]