من جديد عاودت الحكومة ممارسة لعبتها المحببة،التشكيل الوزاري،وبذات الحديث التبشيري عاودت،يومان وسنقرأ ما يشبه الترويج كيف أن التشكيلة الجديدة أُختيرت بعناية وروعيت فيها متطلبات المرحلة وأن التشكيلة الجديدة قادرة على تجاوز الأزمات،وستجدد الدولة ثقتها في كوادرها الوطنية، وهي تقدر تفهم المواطن لكل ذلك كما تقديرها على الدوام،حركة دؤوبة وملموسة ستشهدها مؤسسات الحزب الحكومة والحركة هذه الأيام،ستنتهي إلى ما كانت تنتهي عندها في السابق،معلوم لديهم ولدينا أن هناك كم هائل من مؤسسات ووزرات فائدتها الوحيدة تكمن في كونها أخرجت الحزب من حرج القبيلة أو الولاء السياسي الذي هو ذاته لم يعد يخرج عن دوائر القبلية،إذ أوجدت كرسي لهذا ومنصب لذاك وامتيازات لتلك،ولا فائدة أكثر من ذلك،وفي كل مرة ينتظر الشارع ويترقب التشكيل الجديد عله صادق هذه المرة،ومرة أخرى يُحبط الشارع للدرجة التي أصبحت "التشاكيل" لا تعنيه ولا تشكل جزء من اهتماماته،وببساطة بات يفهمها "هذا في كرسي ذاك،وذاك في كرسي جديد" التشكيل الوزاري لم يعد يهم إلا قيادات الحكومة،وهو كذلك لا يُحدث أي تغيير إلا بالنسبة لهم،جميعهم يترقبون إما يفارقون هذا النعم إما باقون فيه،والمعيار لا يحدده إلا الرئيس كما باتت تؤكده الأخبار،التشكيل الوزاري في واقع الأمر ينتظره أعضاء المؤتمر الوطني ومنسوبو الأحزاب المشاركة ولا ينتظره المواطن،لأن المواطن لم تكن مشكلته في يوم من الأيام في تغيير الوجوه شكلياً والذي هو شعار الحكومة الدائم لكل تشكيل وزاري..المشكلة الأساسية والمطلب الأول هو تغيير منظومة كاملة معمول بها وتثبت فشلها صباح كل يوم،فكيف يحدث تغيير للشعب من هذا التشكيل إن كانت السياسة هي السياسة،والفكرة هي الفكرة،وكل شيء يسير على طريقته الأولى..لا أمل ولا مخرج بالنسبة لازمات السودان إلا بتعديل هذا المسار تعديلاً جذرياً يعيد صياغة سودان جديد،وما يقف عنده السودان الآن من أزمات لن تحله مسألة تغيير وجوه. السؤال،هل بالفعل الدولة راغبة في إحداث تغيير حقيقي لكنها عاجزة،أم أنها تعني ما تعنيه من تكرار للتجارب التي أخفقت في حل كافة المشاكل،ابتداءا من انفصال جنوب السودان حيث تداعت كل مؤسسات الدولة لتشكيل حكومة "عريضة" عريضة في الكراسي وليست في الفكرة،عريضة وبينما السودان يتلظى اقتصاده من الانهيار الشامل،فكانت هذه الحكومة التي ضاعفت الأزمة السياسية والاقتصادية..الآن ورغم حساسية المرحلة والتململ السياسي والأمني الذي ينبغي أن يستدعي حلاً جذرياً،ماذا بوسع الحزب الحاكم أن يفعل،ليس أمامه إلا أن يواصل على ذات النهج الذي اعتاده،أو أن تُحل جميعها ويستجيب لمطالب الفترة الانتقالية،ويقين الكثيرين أن الخيار الثاني لن يحدث حتى تقع الواقعة رغم أنه يُشكل الحل على الأقل في الوقت الراهن،لكن أن يتواصل ذات النهج في التشكيل الوزاري،فلا عائق أمام الانهيار الشامل. = الجريدة [email protected]