كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    تنويه هام من السفارة السودانية في القاهرة اليوم للمقيمين بمصر    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    مطار دنقلا.. مناشدة عاجلة إلى رئيس مجلس السيادة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    بعد حريق.. هبوط اضطراري لطائرة ركاب متجهة إلى السعودية    نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    نتنياهو يتهم مصر باحتجاز سكان غزة "رهائن" برفضها التعاون    شاهد بالصورة والفيديو.. في مقطع مؤثر.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبكي بحرقة وتذرف الدموع حزناً على وفاة صديقها جوان الخطيب    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يلتقي اللجنة العليا للإستنفار والمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم    شاهد بالصورة والفيديو.. في أول ظهور لها.. مطربة سودانية صاعدة تغني في أحد "الكافيهات" بالقاهرة وتصرخ أثناء وصلتها الغنائية (وب علي) وساخرون: (أربطوا الحزام قونة جديدة فاكة العرش)    قطر تستضيف بطولة كأس العرب للدورات الثلاثة القادمة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني في أوروبا يهدي فتاة حسناء فائقة الجمال "وردة" كتب عليها عبارات غزل رومانسية والحسناء تتجاوب معه بلقطة "سيلفي" وساخرون: (الجنقو مسامير الأرض)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    سعر الدولار في السودان اليوم الأربعاء 14 مايو 2024 .. السوق الموازي    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفريق السيسي وفخ الرئاسة
نشر في الراكوبة يوم 16 - 11 - 2013


بسم الله الرحمن الرحيم
عندما إنحاز الفريق السيسي لخيار الملايين في الشارع العريض، الذين أصروا علي وضع حد، لتجاوزات جماعة الإخوان المسلمين المُسيطرة علي الحُكم حديثا، والمُنفتحة بشراهة علي إحتكار السلطة وتأبييدها لصالحها مدي الحياة! وذلك ليس قراءة للكف او كشف لخبايا النفوس، ولكنهُ بناءً علي مُقدمات إستحواذية إقصائية، عبرت عنها الجماعة بصورة مادية(أخونة الدولة) او معنوية( شكل و مضمون الخطاب) الذي يستبطن الروح الإستعلائية الوصائية الإبتلاعية، وتاليا فهي الأقدر والأحق والأصلح، لنيل الحُكم وإستدامة السُلطة(الأمانة) بين يديها، بإعتبارها(القوي الأمين) المُستخلف علي الأرض، والمسؤول عن إيصال خطاب الرب وأوامرهُ ونواهيه للآخر، وبغض النظر عن الآخر، أي ولو شاركها نفس الديانة!( تُنصب نفسها نبي علي بقية التشكيلات المجتمعية والسياسية، وتُعلن عبر سلوكها وغرورها وعنجهيتها عن نهاية السياسة وجدل السلطة وتطور المجتمع!)، خاصة وهي تنهل من مَعيِّن تُراثي مُتشدد، يؤمن بدار الكفر ودار الإيمان، وأُمة الإسلام وأعداءها، ودولة الخلافة وبيعت خليفتها...الخ، أي تُراث محكوم بلُغة الصراع والصدام ونفي الآخر، وإمتلاك الحقائق المُطلقة، والخلط الفاضح والمصلحي بين الدين(حاجة الروح) والسياسة (مصالح الدُنيا وتدافُعها)، وهو خلط كانت الغلبة فيه، لرغبة السياسة وبطشها وفسادها! مقابل الزُهد والتسامُح وإحترام الآخر! المُهم مثَّلت إستجابة الفريق السيسي ومن خلفه المؤسسة العسكرية، لرغبة الملايين في الخلاص من إستبداد الإسلامويين الشرس، في طور تأسيسه الأول، او قاعدته الأساسية السُلطة والحُكم، إنتصارا عظيما، ليس لطُلاب الحُرية والديمُقراطية وجماعات المجتمع المدني، الحامل الأساس للدولة المدنية المرجوة فقط، ولكن الأهم أنها فتحت الطريق أمام المستقبل وللأجيال القادمة، لتنعم بفرصة كبيرة من الأمل وإحترام الذات، وتقدير الأوطان ومن بعدهم الأشخاص، وتحمُّل المسؤولية الفردية والوطنية. وبجملة وأحدة، السبب الأساس لتأييد الفريق السيسي وإحترامه، هو إزالة العقبات والمتاريِّس من أمام المسار الديمقراطي والدولة المدنية، دولة الحُريات الفردية والمواطنة العامة والأمان بمعناه الشامل(إقتصادي سياسي إجتماعي)، وتخليصها من أي طُموحات فردية تغولية إحتكارية، ولو تلبست الزي الديمقراطي الإجرائي، و(تعممت) بالعُمامة البرلمانية الشكلانية، التي تؤمن بالصوت الواحد، و تأمِنْ علي القمع والقهر، وتبغض الإختلاف والتنوع والتباين المجتمعي او مشاركتها الإمتيازات المادية والرمزية!
وبناءً علي ما تم ذكره، يُمثل مجرد التفكير في ترشُح الفريق السيسي، للإنتخابات الرئاسية القادمة، طعنة نجلاء في كرامة التأييد الذي مُنح له، ويمثل نوع من الغفلة والسذاجة والتراجع عن الطمُوحات الديمقراطية الخالصة، والمُمتنعة عن الشوائب العسكرية مهما حسُنت نيتها! فكم من قائد صفق لهُ الناس، وإعجبوا بسيرته ونضاله، ووعوده بالتحرر والمشاركة والإستقرار، وعندما وصل الي السلطة، تحوَّل الي مُستبد مُجرم، فاقد للرحمة وضالع في الفساد، وناشر للفتن القبلية والعرقية والدينية، ومسوغ لكل سلوك ومُمارسة مهما كانت مُنافية للحق والكرامة الإنسانية، من أجل بقائه وإستمراره الأبدي علي سُدة الحُكم! المُهم يجب أن يتم الرفض والتصدي لطموحات السيسي في السيطرة علي الدولة المصرية، مهما كانت المُبررات والأدوار التي قام بها، وذلك لعدة أسباب.
أولاً، لأن العسكري هو العسكري، والعسكرية هي العسكرية، ومعلوم دورها وحدود سلطاتها في مفهوم الدولة الحديثة، الغائبة عن هذه المنطقة! التي تعاني من النُقصان الشديد، في قيَّم الحداثة والتنوير، وحتي لو وجد القليل منها، فهو يعاني من ضعف المناعة، لذلك يسهُل إهدارهُ عند أول إختبار حقيقي، ليؤكد عدم تجذُر هذه القيِّم في تُربة هذه المنطقة! الممكونة بالإنقلاب والإنقلاب المُضاد! بمعني أنها بيئة غير مُعادية للإنقلابات بل جاذبة لها! او لها قابلية التدجين والإلغاء، بواسطة الإنقلابات العسكرية وصنوه المُلازم له الإستبداد، وبكلمة مُحددة، بيئة هشة لا تحتمل سيطرة العسكر عليها! خاصة وأن المؤسسة العسكرية في هذه المنطقة تتميز بغياب الوعي عن دورها ووظيفتها، كما تُحدد في الدول الراشدة ذات التقاليد الديمقراطية والدستورية الراسخة، أي مؤسسة خائنة لدورها التاريخي في هذه البقعة من العالم!! وبكلام أكثر تحديد، تُعاني المُؤسسة العسكرية في هذه المنطقة من العالم، من وهم عقيدة فاسدة تُسيطر عليها، وتحرفها عن دورها المُفترض! خُلاصتها أنها الجسم الأكثر تضحية وتنظيم وإنضباط، وقُدرة علي إحداث الإستقرار والتنمية! وفي نفس الوقت تنظُر للأحزاب السياسية خاصة، والعملية السياسية الديمقراطية عامة، نظرة إحتقارية! وأنها مضيعة للوقت وساحة للعراك (الهايف) ومعمل لإنتاج العطالة والمُنظراتية! وبداهة ما يلي ذلك، أن الحُكم والسُلطة حق شرعي لها، ومكافئ عادل لوطنيتها الزائدة التي تتمتع بها! إضافة الي أن كرامة البلد أعظم من أن توضع، في أيدي ديمقراطية ناعمة ومرتجفة وفاقدة للرجولة والمروءة، وعاجزة عن مواجهة الصعاب!! وحتي لو أهملنا كل ذلك، وإفترضنا جدلاً أن الأنظمة العسكرية، او المدعومة من المؤسسة العسكرية بصورة سافرة او خفية، يمكن أن تنجح في منطقة ما! ولو بنسبة واحد في المئة! فهي لن تنجح في منطقتنا الأفريقية الشرق أوسطية، لسبب بسيط، وهو أنها جُربت أكثر من مرة، وأثبتت فشلا ذريعا في إدارتها للحكم، وأحدثت دمارا هائلا للأوطان، وإفراغا للعملية السياسية من محتواها، وإخصاءً للأحزاب السياسية. ومعلوم دور وأهمية الأحزاب كروافع لابد منها، لقيام أي حُكم ديمقراطي راشد وراسخ. بمعني أن وجود أحزاب ديمقراطية قوية، يعني بالتلازُم وجود حكومة ديمقراطية قوية، والعكس صحيح، وهذا العكس هو ما قامت به الأنظمة العسكرية بإمتياز، وإستثمرت فيه كل طاقاتها وجهودها! وبمعني آخر، نتيجة لقُرب عهد هذه المنطقة ومصر بالتحديد، بالأنظمة العسكرية، وتاليا إبتعادها عن أنظمة الحكم الديمقراطية المُنتخبة وفقا لرغبة الشعب الحقيقية، مما يعني إحتياج هذه الأنظمة لمزيد من الوقت والحريات، والإبتعاد عن طقس العسكر وشُبهات الإستبداد، حتي يستقيم عودها وتستوي تجربتها وتنضج ممارستها. وكل ذلك يستوجب تحريم السلطة علي أي نظام عسكري او مدعوم من المؤسسة العسكرية، او أفراد يعبرون عن مصالح تلك المؤسسة، او تقديم مصالحها علي مصالح البلاد والعباد! حتي لو كانوا متخفين خلف لافتات ديمقراطية ويرتدون الزي المدني ويتحدثون بلسان وطني مُبين! وبجملة واحدة، يجب فطام هذه المؤسسة وافرادها، من الحُكم والسُلطة والإمتيازات غير المُستحقة، التي ترفل في نعيمها مُنذ إستقلال معظم دول المنطقة! والمؤسف أنها لم تفُز مرة واحدة بمعركة ضد عدو حقيقي!! وأن تتوجه نحو إكتساب عقيدة جديدة تؤمن بها، وهي عقيدة الحفاظ علي الأوطان وتأمين النظام الديمقراطي الشعبي، ضد الإنقلابات والتجاوزات لكائن من كان، أي من داخل المؤسسة العسكرية او من خارجها، وإبتعادها عن التسييس والتحيُّز لفريق ضد آخر او تيار ضد آخر. أي وضع خطوط فاصلة بين الدولة بمؤسساتها السياسية والخدمية من جهة، والمؤسسة العسكرية من الجهة المُقابلة! والتي يُفترض أن تخضع لجهاز الدولة المُنتخب من قبل الشعب، وأن تحترم نصوص الدستور التي تؤكد ذلك.
وثانيا، للإبتعاد عن إعادة إنتاج الإستبداد، ولو في أواني جديدة ولغة حديثة وأدوات مُغايرة! أي قطع الطريق أمام أول عتبات الإستبداد وأهمها وأخطرها، وهي تأليه الاشخاص او عبادتهم، وتصويرهم وكأنهم قاموا بادوار خارقة، يعجز عن أداءها كل البشر! وذلك لتمتعهم بقدرات خاصة، أهلتهم لذاك الدور الخرافي! فالفريق السيسي مؤهل بجدارة للدخول في هذه الحالة من (التأليه والتعظيم المتجاوز)، بعد ما قام به من دور كبير، في تخليص الدولة والمجتمع المصري، من سرطان الجماعة الإسلامية، غير قابل للشفاء إذا ما أستشري أثره وإستفحل أمره، أي تمكنت من مفاصل الدولة وتغلغلت في جسد الإقتصاد، ووجدت الفرصة سانحة لإعادة صياغة المجتمع، والمقصود إفقاره وتفجيره من الداخل! وإرتفاع تكاليف بقائها وإستمرارها علي حاضر ومستقبل الدولة المصرية! فتكريس هذه الصورة البطولية للفريق السيسي، من خلال الإعلام وبكل الوسائل المباشرة او الإيحائية، لتصل قمتها في تهيئته والمجتمع المصري، لتقبل توليه الرئاسة المصرية!! يُمثل أكبر داعم لتضخيم الذات، ومن ثم نمو وتعاظُم الروح الإستبدادية، التي لا تولد مع الفرد ولكن يتم صُنعها ورعايتها من خلال البيئة المُحيطة، ويصح أن هُنالك من له قابيلة أكثر من غيره، لإكتسابها وإعطائها أبعاد أكثر مأساوية! المهم بعد سيطرة هذه الروح عليه، يبدأ في إظهار التَفَضُل علي الشعب، والتعالي علي الدولة والمجتمع، وما بعد ذلك كتاب مفتوح في هذه المنطقة بالذات! وهي منطقة موبوءة بتلك النماذج من الإستبداد، لدرجة وصفها بأنها مزرعة الإستبداد الأكثر إنتاج للكوارث والمآسي، في تاريخ العالم الحديث! خاصة والمنطقة تستند علي تراث هائل من عقائد(الفرد المُخلص!) و(المُستبد العادل!)، ومازال قطاع عريض من الجماهير، يحن لزمان ناصر والسادات وصدام، ويصور عهدهم بأنه افضل العهود! بمعني، أن مجتمعات هذه المنطقة، جديدة عهد بالمؤسسية وتحمل المسؤولية، والصبر علي آلام التغيير وتباطؤ معدلات التنمية، كما هو معتاد خلال مراحل التأسيس الأولي، و(موضعة) الزعماء والقادة لو جاز التعبير، بعني النظر لمُجمل الشروط والظروف، التي أنتجتهم وساعدتهم علي تحقيق إنجازاتهم، إذا ما وجدت!! وكذلك المجموعات المُحيطة بهم، ودورها المشهود في تحقيق تلك الإنجازات. وبكلام صريح إبتعاد السيسي، يُساعد المُجتمع المصري علي التخلُص من الوعي الزعامي او المرض بالزعامة(إعتقاد في قدرة الفرد الواحد علي القيام بالمستحيل، او مطلب نفسي لتوفر ذلك الفرد، ليحمل عنها المسؤولية المتهربة منها)! والدفع بهذا الوعي، نحو الإيمان بالمؤسسية والتخصُصية وتكامل الأدوار، وخلاصته تحمل مسؤولية الإختيار من جانب، والإسهام الإيجابي في الحياة بكل ثقة وإحترام للذات، أي الإيمان بالقدرة الفردية من الجهة المُقابلة.
وثالثاً، هُنالك عقبة لا يُجدي التقليل من قدرها، وهي ذات صلة وحساسية بمسألة ترشُح السيسي، أو وجوده في واجهة المشهد السياسي. وهي عقبة الإخوان المسلمين، داخل المجتمع المصري، ومصيرهم بالنسبة لمعادلات الحُكم، او منظومة العملية السياسية خلال الفترة القادمة. وهُنا يجب التأكيد علي أهمية الربط، بين الديمقراطية كمضمون وإجراءتها ربطا مُحكما، يؤمِنها ضد التجاوزات والإنقلابات والتعدي! وبالطبع لا تعني أهمية المضمون إهمال الجانب الإجرائي(الإنتخابات) فكلاهما مُكمل لبعضه. وبكلام واضح، الجماعة الإسلامية برئاسة الدكتور مرسي، تملك شرعية الجانب الإجرائي(الإنتخابات) ولكنها للأسف تفتقد المضمون الديمقراطي بأهميته غير المنكورة(الفصل بين السلطات وتداول السلطة والرقابة البرلمانية وعدم الخلط بين الحزب والدولة وإحترام حقوق الأقليات...الخ). وإمتلاكها لشرعية الجانب الإجرائي، وبغض النظر عن طريقة إمتلاكها لتلك الشرعية، ومدي إنسجامها مع المضمون الديمقراطي! فهو يؤهلها للشعور بالغُبن والمظلوميَّة، المُترتبة علي نزع تلك الشرعية الإنتخابية منها! وهي مظلومية لطالما إستثمرت فيها وتكسبت منها! مما يعني أنها ستكون مورد ومسوغ لأي ممارسات غير قانونية، سواء أكانت تخريبية للإقتصاد والسياسة، أو تدميرية للذوات المجتمعية والدولة ككل. والمقصود، أن وجود الفريق السيسي في صدارة المشهد السياسي، سيؤجج من هذه المظلومية ومشاعر الغُبن داخل هذه الجماعة، أي وجوده مُستفز لها ومُحفز لنوازع العُنف داخلها، وهي سلفا لا تُعاني من نقص في هذا الجانب، لانها جماعة مُعدَّة كعقيدة وسلوك، لممارسة العنف في أقصي درجاته، نتيجة لتركيبتها التي تعاني من الكبت السياسي والإجتماعي والروحي، والفاقدة لقدرة التواصل مع الآخر المُختلف، والمُستبطنة لتجريمه وتجريده من الأهلية الدينية والوطنية، كمُقدمة لإستحلال دمه وإنتهاك عرضه وماله وحريته وكرامته! او علي أحسن الفروض، تهميشه وعدم الإعتراف به الي يوم يبعثون(أهل الذمة كمثال). وبتعبير آخر، إن الجماعة الإسلامية المصرية، مُهيئة لإرتكاب فظائع داخل المجتمع المصري، مما يعيق التجربة السياسية ويعطل مسارها الديمقراطي الوليد لأطول فترة، ويُنذر بتحويل مصر الي دولة فاشلة، وغير قابلة للتعايش السلمي، بين مكوناتها الإجتماعية ومللها الدينية. وكل ذلك يستدعي التداعي لكل الفاعلين السياسيين داخل البيت المصري، والإتفاق علي نزع فتيل الغبن من داخل هذه الجماعة، ومحاولة تعويضها بعض خسائرها السابقة! بمعني تعظيم مكاسبها وزيادة منافعها في تركيبة النظام السياسي القادم، بحيث لا يمس ذلك، بالجوهر الديمقراطي للنظام والشفافية وسلامة المجتمع المدني وليس الديني! وعدم المساس بدولة ومجتمع المواطنة كأولوية تعلو علي كل إعتبار. أما الكيفية فمتروكة لإبداع النُخبة المصرية، بالإستفادة من حكمة تاريخها، الذي تأذي كثيراً من ممارسات العنف الفالت، سواء ضد هذه الجماعات او من قبلها ضد المجتمع والدولة المصرية! أي يجب التأسيس لنظام سياسي وحكومة، تنزع قنابل العنف الموقوتة من المجتمع، وتمتنع هي بدورها عن إرتكاب الفظائع والتعدي علي حريات المواطنين، وتسعي بجد لا يفتر، لبسط السلم الأهلي وفرض الأمن المجتمعي، عبر الإقناع والمُشاركة، وليس التخوين والإقصاء والعنف! وذلك لأن الجماعة الإسلامية جزء من نسيج المجتمع المصري، أي حتي لو لعبت دور الإبن العاق، تظل مكون لا يمكن إغفاله او تجاوزه، لسلامة ونجاح العملية السياسية القادمة. وكل ذلك يقود الي بذل المزيد من الجهد والصبر، لمُعالجة إشكالياتها وتفهم مطالبها، وإقناعها بنبذ العنف والمشاركة مرة أخري عبر المدخل الديمقراطي، بصورة أكثر جدية وإلتزام بمستحقاته! وأعتقد أن أول خطوة لإقناع هذه الجماعة بالمشاركة، تتمثل في غياب الفريق السيسي عن المشهد السياسي، ومن قبله المؤسسة العسكرية والأمنية بتاريخهما غير المشرف في هذا المُعترك! كعربون ثقة يُقدم لها! وكذلك بقيام الجماعة نفسها، بإحداث مُراجعة جذرية لمشروعها الإقصائي النافي للآخر، والتقدم بخطوة جريئة نحو القيَّم الديمقراطية، وإدماجها كليا داخل منظومة عملها ونسق تفكيرها وشكل إسهامها في المجال العام، لأن مثل هذه المُقاربات والتمثُلات، تُمكنها من العيش داخل زمانها، والتخاطب بلغة عصرها. بدلا عن الغربة التي تفرضها هذه الجماعة علي نفسها، وتحاول إجبار المجتمع عبر العاطفة مرة، او العنف مرات للعيش داخلها! وبكلام محدد، إن مشاريع الجماعة الإسلاموسياسية هي مشاريع مُغتربة عن زمانها وتعقيدات واقعها! وتحتاج من أبناءها قبل الآخرين، أن يردوا لها الوعي والحضور الراهن، وإلا ستبقي خميرة عكننة علي السلم الأهلي والتطور الديمقراطي والإستقرار السياسي، حتي تنقرض ويتجاوزها الزمان، أو يقضي الله أمرا كان مفعولا!
رابعاً، غياب الفريق السيسي عن المشهد السياسي يعطي الفرصة، للتيار الديمقراطي/ الليبرالي/ العلماني او الحداثي بصفة عامة، لإختبار دعواته ومناشداته و رؤاه علي أرض الواقع دون مُضايقات، أي تنزيلها من عالم المثال الي أرض الواقع، بكل تقلباته ومفاجآته وخباياه. وبتعبير آخر، تخليص هذا التيار من الإرتهان لبعبع مشاريع الإسلام السياسي، او التعيُّش والتكسُب من نقدها وتعريتها، أي بناء هيكل معبده بطريقة تعمل فقط للتصدي لتلك المشاريع، وتاليا يتحول من المُبادرة والفعل الي رد الفعل. وبكلام واضح علي هذا التيار التخلُص من هاجِس الإسلام السياسي، والإشتباك مع الواقع الفعلي، من أجل فهمه وتفسيره ومن ثم تغييره للأفضل، بمعني أن يتحول الي مشروع للبناء والمستقبل، بتبسيط مفاهيمه وتمليكه للجماهير العريضة أدوات التغيير. دونما إحتياج لا للمؤسسة العسكرية، او مُتعة المسحة الغربية(كمصدر له ، وكطرف متفوق حضاريا/ماديا آنياً)، أي الإستثمار في نزعات التغريب والإستلاب! لدعمه وتقويته ونصرته ضد خصومه! أي يجب أن ينبع الدعم من داخله، عبر قدرته علي معالجة إشكالات الجماهير، وهدهدة مخاوفها، وتطوير قدراتها، وتقوية ثقتها بنفسها، وبقول واحد، مساعدتها في تحسين هذا الواقع، الفاجع الظالم لها والمعادي لمصالحها! وإبداله بواقع أكثر رحابة وإحترام للذات الإنسانية وداعم للتطور والتقدم محليا، ومنفتح علي الآخر بكل منجزاته وثقافاته عالميا.
خامساً، لمصلحة السيسي نفسه أن يرفُض الترشُح، حتي يحتفظ لنفسه ولجيله، بهذا التاريخ الناصع و المشرف والبطولي، كفريق يقف علي رأس المؤسسة العسكرية، وينحاز لجموع الشعب الهادرة، ويترفع عن منصب الرئاسة، ويعمل بجد وإخلاص من أجل التأسيس لنظام ديمقراطي قائم علي المؤسسية، ويقطع مع الدكتوريات بكل أشكالها وصورها. أي نيل شرف المُساهمة في تغيير دفة التاريخ، في هذه المنطقة المُظلمة المُتأخرة من العالم. وما زال العالم الي اليوم يتذكر دور المشير سوار الذهب، في تسليم السُلطة الي حكومة ديمقراطية مُنتخبة، أعقبت ثورة أبريل الظافرة، رغم الفارق الذي يخدم لصالح السيسي( لأن سوار الذهب أدي مهمة أُوكلت لهُ، إضافة الي بعض المآخذ عليه، التي يعلمها السودانيون لوحدهم، بحكم قربهم من أوضاعهم السياسية وتاريخ رجالاتها! وليستبين الأباعد حقيقته ضُحي مُشاركته، هذه الجماعة الضالة في عدوانها ونهبها للشعب السوداني، وإفسادها للحياة السياسية ووشائج الإلفة المجتمعية و روابط القربي الوطنية! ليفسد علي نفسه وشعبه هذه القيمة العظيمة التي مُنحت له!). المهم رغم كل ذلك، ما زال البعض يتمسك ويفتخر بواقعة تسليمه السُلطة لحُكومة مُنتخبة ديمُقراطيا. والسبب أنها حالة شاذة في هذه المنطقة، المُبتلي بالإستبداد والفساد وسحق كرامة أبناءها! لذلك فأمام الفريق السيسي الفرصة لمُعانقة، السابقة الأنبل والأزهي والأجمل! ليبقي في ذاكرة التاريخ والأجيال القادمة، كنموذج يحتذي للزهد في السلطة والترفع علي الإمتيازات والوجاهات، وتقديم مصالح البلاد والعباد، علي رغباته الخاصة ونزعاته الأنانية، التي تتاعظم في مثل هذه الظروف! لأن الجانب الآخر من المسألة لا يُبشر بخير لا علي البلاد و علي تاريخه! إذا ما أصر علي المُضي قُدماً، في طريق الترشح الي نهايته. فهو لا محالة فائز لإعتبارات عديدة ولكن أهمها، سيطرته الفعلية علي السلطة الحالية(المُشرفة علي الانتخابات القادمة!) وأيضا إستنادا علي الشعبية الجماهيرية، الحقيقية اوالمُصطنعة إعلاميا او بسبب كره الإسلاميين، التي يتمتع بها الفريق السيسي في الوقت الراهن. وفي هذه الحالة فهو لا يختلف كثيرا عن الإسلاميين، الذين إستثمروا في العاطفة الدينية الجياشة للشعب المصري، وأعتقدوا أنها كافية لتمنحهم المشروعية المستدامة، وتغنيهم عن بناء مشاريع واقعية، تُقدم منتوج علاجي وتطويري للواقع المصري، ذو المشاكل المُعقدة والمتراكمة لعشرات السنين. ليقع هو في نفس الخطأ، ويعتقد أن الشعبية والمحبة التي مُنحت له، في هذه اللحظة التاريخية الحرجة من الدولة المصرية، تؤهله للحكم وتمنحه المشروعية والقدرات الإدارية والسياسية، التي لم تُعلم عنه، بسبب إبتعاده عنها، بحكم الوظيفة والتكوين او التنشئة او علي الأقل عدم الإختبار! كما أنها لحظات عاطفية عابرة، او مؤقتة أي قابلة للتبدل والتحول الي نقيضها، عند أول إختبار او فشل في تحقيق الوعود! التي يستحيل عليه إنجازها لوحده، بسبب قلة خبرته السياسية كما ذكرنا سابقا من جانب، إضافة الي تربيته العسكرية ونهجه الصارم(لا يتلاءم مع المدنين)، في التعامل مع الإمور السياسية، التي تحتاج الي مزيد من الحكمة والمرونة، وتفهم أحوال الشعب وقدرته علي الإحتمال او ميله للتململ والإستعجال، من الجانب الآخر! إضافة الي كعب أخيل الدكتاتوريات، المقصود سهولة التأثير عليه من قبل المجموعة التي ستُحيط به، وتستغل فيه حبه للزعامة! فتبدأ في تضخيم صورته(كالعدسة المكبرة)، بتصويره وكأنه أحد القادة العظام والمخلصين النادرين! ولن يجد أي فرصة لتكذيب تلك الأوهام، بعد أن تحيطه هذه العناكب النفعية الملتحمة معه، بنسيج قوي من عمليات غسل الدماغ وحشو المشاعر بالأساطير الإبداعية التي يقوم بها، ويهديها لشعبه المحظوظ بوجوده! وتخويفه من شُلة المُخربين المعارضين العُملاء التي تستهدفه والبلاد، بعد أن أصبحا حالة واحدة! وهذه الحلقة المُلتفة حوله، من المُنتفعين وأصحاب المصالح الخاصة، لها باع طويل وخبرة مديدة في صنع الدكتوريات وتسويق الأوهام له/عنه، وجني المكاسب المهولة من هذه العلاقة السرية الآثمة، والتكسب اللأمسؤول من الإستثناءات التي تقدم لهم علي طبق من ذهب! وهكذا يتم بناء جدار عازل بين السيد الرئيس او الزعيم المفدي من جانب! وبقية الشعب الكادح من الجهة المقابلة! ويبدأ بريق البطولات والإحترام في الإنزواء يوما بعد يوم، حتي يصل الي نقطة الصفر، ثم ينحدر الي حالة من الكُره، تزداد أوارا مع مرور الأيام، وطوال وجوده علي سدة الحكم، الذي لن يتنازل عنه أبدا، بعد أن يراه كحق مُستحق، كافح وناضل وخاطر من أجل تحقيقه. خاصة بعد أن يربط بين المنصب وشخصه وأهليته وقصور أفراد الشعب. ليبدأ مسلسل الإنتخابات الشكلية والنسب الهزلية(ليس المقصود منها مشاركة الشعب او رضاه، لأنه لا يوجد شعب يكافئه أساسا "لغيابه عن ذاكرته الممتلئة بشخصه"، ولكن القصد إرضاء الخارج "الحضور" صاحب الإحترام المكافئ والخطر الذي يجب أن يؤمن شره)، ويتم تقسيم المواطنين الي قلة مستفيدة من النظام، تتمتع بكافة حقوق المواطنة وزيادة! وبقية قطاعات الشعب المحرومة من كل حقوقها، وتوصف بالكسل والخيانة والتخريب، إذا ما حاولت مجرد التعبير عن أبسط مطالبها، ولو بصورة سلمية، وبقية السيناريو تكاد تكون معلومة! حتي ميعاد إنفجار الأوضاع، بعد أن يتخلص الشعب المقهور المغبون من خوفه، ويثور علي هذا البطل الكرتوني وعصابته الفاسدة، وعندها يعلم حجمه الحقيقي! وهو ذليل بين أيدي الجماهير يطلب مغفرتها ورحمتها! التي لم يقدمها يوما لشعبه، وهو يقتل العُزل بدم بارد، ويعتقل الأبرياء ويسئ للشرفاء، وينكر فساد بطانته وتفكك دولته، بسبب قصور نظره ورهافة خلقه وتمكن القسوة والغفلة من قلبه! ليُقاد مخفورا أمام الجماهير وتتم مُحاكمته علي الملأ، وأمام عين التاريخ التي لا تنام، لينال جزاءهُ بعد محاكمة عادلة، توفر له فيها كل الضمانات التي لم يمنحها لخصومه يوما ما، وعندها يعلم الذين ظلموا أي منقلبن ينقلبون.
ليس المقصود من كل ذلك، الحجر علي حق الفريق السيسي في الترشح لرئاسة الجمهورية، او منع مناصريه من التعبير عن رغبتهم صراحة. ولكن المغزي من كل ذلك هو وضع المزيد من الإحتياطات، التي تمنع حدوث إنتكاسات للثورة المصرية المجيدة، والرجوع مرة أخري لحضن الإستبداد المُظلم. خاصة وطريق النهج الديمقراطي مازال في بدايته، ويعاني من مصاعب الطريق، وعدم إنسجام البنية المجتمعية والبيئة العامة، مع متطلبات هذا النهج الحديث، وتشكك الكثيرين في مخرجاته ومآلاته، وهم ينظرون تحت أرجلهم، أي الي المتاعب الإقتصادية والتوهان السياسي وفقدان الثقة والخوف من المجهول، كأعراض تلي أي ثورة عظيمة، علي نظام إستبداد إستدام لعشرات السنين، وهو يؤسس لهذا الخراب السياسي والدمار الإقتصادي ، والتشوه المجتمعي، ويحارب أي بارقة أمل للحرية او الديمقراطية او المشاركة الفعلية، لدرجة أصبح هو المشهد والحضور، والكل غياب بما فيهم الدولة والمجتمع! ولا يعني تلازم تلك الأعراض مع الثورات، الإستسلام لها او الإقتناع من الثورة بالإياب، او هي دعوة لإيجاد المبررات للتخاذل، او منح أعداءها الفرصة للتشكيك فيها اوالتقليل من قدرها وقيمتها التي لا تُقدر بثمن، او إذاعة الشائعات ونشر الإحباط، وإعطاء الفلول المعول لهدم الثورة ومنجزاتها! ولكن الغرض من إيرادها والتنبيه لها، بذل الكثير من الجهد والتضامن والإيثار، والإرادة الحقيقية لإيصال الثورة لنهايتها المرجوة، أي الحرية والكرامة والمشاركة لكل المواطنين في إدارة دولتهم، والتنمية المستمرة لمواردها والحفاظ علي ثرواتها وحقوق أجيالها في المستقبل. وبكلمة واحدة، الثورة تعني ميلاد إنسان جديد وروح جديدة ووطن جديد، أكثر إقترابا من أفضل ما توصلت إليه البشرية في لحظة إندلاع الثورة، مع القدرة علي تجاوزه للأفضل منه بإستمرار!
والأهم أن نجاح الثورة والتجربة الديمقراطية، في هذه البُقعة من العالم، التي تُصنف كمنطقة مُمانعة للديمقراطية وتُجذر منجزات الحداثة في تربتها. يؤكد بطلان النفس العنصري الذي يتغلغل في هذا التوصيف من ناحية! ومن الناحية المقابلة يبُث الطُمأنينة في نفوس كل المطالبين بالحرية والديمقراطية، كمخرج وحيد لخلاص هذه المنطقة من أزماتها المتناسلة ومشاكلها المتراكمة منذ عدة عقود، بإعتبارها أقرب نهج للحكم يتلاءم مع الفطرة الإنسانية، توصلت إليه البشرية حتي الآن. كما أنه يؤكد للمرة الألف أن المنطقة وشعوبها، وكغيرها من مناطق العالم وشعوبهم، قابلة لتبيئة الديمقراطية في بيئتها والإنخراط في قيمها ومؤسساتها، إذا ما أُديرت بالحكمة والتدرُج مع إحترام مخاوف شعوبها ومرحلة تطورهم، وإذا ما أُعطيت شعوبها الفرصة الكاملة من الحُرية، وحقها في التعلم حتي من أخطاءها. وبكلمة وأحدة، إذا ما رفُعت الوصاية والحديث والحكم بإسم الشعوب، لنُخب وأفراد يعتقدون أنهم ما خلقوا إلا ليقودوا شعوبهم!
ونختم بما يختم به الكاتب الجميل الأستاذ فتحي الضو مقالاته( لابد من الديمقراطية وإن طال السفر)، وكثرة الخطُوب والمحن الإستبدادية! ولابد من تحمل مخاض الثورات والصبر علي الديمقراطيات، حتي ولو كان المخاض بالحبل(كثرة أخطاء الممارسين وضعف مبدئيتهم لقيمها، وعدم تقديرهم لقيمتها وقيمة التضحيات التي بُذلت حتي تحصلوا عليها، وصعوبة إستعادتها ومضاعفة أكلاف تلك الإستعادة، إذا ما فرطوا فيها وذلك دون حساب قيمة الزمن!) كما كان يحدث في هذه المنطقة سابقا، معرضا الجنين وأمه للخطر!!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.