جامعة طوكيو للطب والاسنان، اليابان محاضر بجامعة الخرطوم، كلية الصحة، قسم الوبائيات حسب مفهوم (جان جاك روسو) للحكومة الصالحة في كتابة (العقد الاجتماعي) الفصل التاسع (علامات الحكومة الصالحة) فإن "الحكومة التي يَعْمُرُها المواطنون ويزيدونها أكثر من قبل، وذلك من غير عون خارجي أو تجنيس أو جاليات، هي أصلح الحكومات لا ريب، وإن الحكومة التي يقل رعاياها ويفنون هي أسوؤها" وحسب هذا المفهوم، فان الحكومة اليابانية التي تحرم ابني فادي، وامثاله من الذين ولدوا علي اراضيها من الجنسية اليابانية (حسب القانون يعتبر اي مولود اجنبي، لم يُسجل في مكتب الهجرة في غضون شهر من ميلاده، مقيم بصورة غير شرعية). وكذلك تحقق الدولة مؤشرات اجتماعية واقتصادية عالية، مثل متوسط العمر المأمول في الحياة، والناتج المحلي الاجمالي، والدخل القومي. فهي كلها مؤشرات تصنف اليابان مع غيرها من المؤشرات الاخري، من انجح واصلح الحكومات في العالم. ولكن حسب المؤشرات السكانية، فان سكان اليابان يقدرون اللآن بحوالي 127 مليون (العاشر عالمياً)، حسب الاسقاطات سيكون عددهم في العام 2025 حوالي 123 مليون (الثالث عشر عالمياً)، فهل ياتري سيستمر تفوق اليابان حكومة وشعباً، ام ان هذا التفوق سيتدهور مع تراجع عدد السكان في السنوات القادمة؟ وهذا خلافاً للهند التي تحقق نمواً اقتصاديا سريعاً يتناسب طردياً مع الزيادة في عدد السكان، وستحتل مكانة الصين قريباً، وتكون الاولي عالمياً في عدد السكان بحلول 2025. وعلي هذا النسق، حسب توقعات الاممالمتحدة لحجم السكان في العام 2100، فان 10 من الدول الافريقية الاقل نمواً ستكون من بين ال 20 دولة الاكبر عدداً من حيث السكان في العالم، ومن بين هذه الدول السودان، الذي سيحتل المركز 19 برصيد 127,621,000 نسمة. وربما اتسائل ثانيةً، هل سترتقع مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع مؤشر زيادة السكان في السودان، ويبتسم لنا المستقبل، بعد ان عبس في وجهنا الحاضر، ام اننا سنحمل معنا كل مؤشرات الفساد، والفشل، وانهيار الدولة؟ بعد خروج المستعمر من السودان، اتسم ماضينا بكثير من العلامات المشرقة، والمؤشرات الواعدة. فقد كانت بريطانيا العظمي تخرج في موكب مهيب علي راس جلالة الملكة لاستقبال الفريق عبود رئيس دولة السودان، كما ان الجنيه السوداني كان يساوي 3 دولار اميركي، وان الحكومة السودانية كانت ترسل اعانات اجتماعية لسكان المدينةالمنورة، بينما يحاول جاهداً سلطان الامارات الشيخ زايد في سبعينيات القرن الماضي نقل تجربة الخدمة المدنية السودانية الي بلاده بعد مشورة من بريطانيا التي زّكت الكادر السوداني، وكان يُلح علي موظفي الدرجة الاولي في السودان بقبول عروض الوظائف المغرية التي كانوا يترددون في قبولها، ولا يريدون ان يتركوا وظائفهم في السودان ورائهم، وكان يقول لهم (ابغي ابوظبي مثل الخرطوم). الان، وبعد مضي اكثر من نصف قرن من الزمان، اصبحنا نتصدر قوائم العالم، في التخلف الاجتماعي، والتدهور الاقتصادي. فهاجرت العقول، وتسولت الايادي، وازهقت ارواح بريئة علي شاكلة (الموت سنبلة) وقيدت شكاوينا في محاضرها (الفاعل مجهول). وفوق هذا وذاك، نحن ضمن الاكبر فساداً، والاكثر فشلاً، والاضخم تشرداً. نجيد التفوق علي ساحات الاخرين، ونضاعف الانتاج علي مواعين الغير، ونحسن العطاء خارج الميادين التي ولدنا فيها وترعرنا علي ترابها. هل ستحمل لنا زيادة السكان المتوقعة العديد من مظاهر الازدهار، ومؤشرات التنمية والاستقرار، ونكون مع الكبار شكلاً ومضموناً، ام ان شعبنا أدمن التسكع علي رصيف الفشل، والتمرد علي الذات واستئصال الآخر. اللهم اصلح حالنا، وأحسن مآلنا، واجمع شملنا، ووحد كلمتنا. [email protected]