محلية شرق الجزيرة ، أو ماعرفت في سابق فجر حكومة الانقاذ بمحافظة البطانة تعتبر من المحليات الغنية بعلمها وعلمائها ورجالها ومواردها وارثها الحضاري على امتداد التاريخ ، فاضت وتدقفت منها شلالات من الابداع في شتى مناحي الحياة العلمية والعملية والثقافية والرياضية ، وحتى وقت ليس بالبعيد كانت حضوراً في جميع المحافل الداخلية ، وفجأة توارت خلف المدن وتبدد ذلك الواقع الجميل وتحول الى أحلامٍ وآمالٍ ثم آلام وذلك بفعل عوامل قد تكون معروفة للقائمين على أمرها على المستويين الرسمي والشعبي . فيبدو أن هذه المحلية لم تكن في حسابات العهد الأول من حكومة الانقاذ رغم موقعها الممتاز في ولاية الجزيرة ، وتعاملت معها بإهمال باعتبار أن أغلبيات المكون السياسي في المنطقة لا يرجح كفتها وقتئذٍ ، بل جعلتها (مركزاً لتدريب المتعمدين) حتى اذا قوي عودهم وتبصروا وخبروا يتم تعيينهم في محليات أُخريات . لذا تعمدت هذه الحكومة أو لم تكن موفقة في اختيار محافظ أو معتمد (مؤهل) لادارة الأمور بها وتسيير دولاب العمل على الوجه الأتم ، اما لعدم كفاءته أو لقلة حيلته وعدم القدرة على مجابهة المجموعات التي ظلت تسيطر على مفاصل العمل الاداري والتنفيذي في تلك المحلية فيصبح المعتمد هنا في صراع مع مجموعات قوية تُفضي في النهاية الى دخوله بقوة في ذلك (التكوين) أو مغادرة منصبه غير مأسوف عليه ، وهذا ما حدث مع غير واحدٍ من المعتمدين السابقين لأن مصالح جماعةٍ ما أقوى وأكبر من مصلحة مواطني المحلية كلها. فالتعيين في حد ذاته لم يكن متوافقاً مع طبيعة الموارد المتوافرة في المنطقة والتي تعتمد عليها حكومة المحلية في تسيير مؤسساتها الخدمية من تعليم وصحة وخلافه ، بمعنى أنه ليس من المعقول تعيين محافظين أومعتمدين عسكريين مثلاً أوأساتذة في محلية مواردها فقط الزراعة والثروة الحيوانية ، فمثل هؤلاء ليس لديهم القدرة على خلق بدائل للموارد الذاتية لمحلية كهذه ، فالكل كان يعتمد على الثروة الحيوانية والزراعة مع أن الثانية قد أُهملت في الولاية بأجمعها وبالتالي ليس ثمة قيمة للثروة الحيوانية لتتجه المحلية للتحصيل والضرائب واعتمادها هي على المواطن بدلاً من اعتماده هو عليها مما أدى لهجرة الرأسمالية والمثقفين وغالب أهل المنطقة الى الداخل أو الخارج . ولا أدري على نظير ماذا يتلقي من يعملون بهذه المحلية مرتباتهم ومخصصاتهم والمحلية وانسانها على حاليهما منذ عشرات السنين. المستغرب في أمر هذه المحلية ومنذ عهدٍ بعيد وجود أسماء لشخصيات ثابتة ظلت محافظة على مناصبها رغم تغير المحافظين والمعتمدين لهذه المحلية كأن هذه المناصب وراثة وحكراً عليهم ليس لأحدٍ فيها نصيب الا من والاهم وشايعهم ، والمؤسف في الأمر أن هؤلاء ظلوا يأخذون ولا يُعطون يتقدمون الناس ولا يُقدِمون شيئاً همهم ذاتهم والمواطن عنهم بمعزل ومن بينهم وبينه حجاب . جميع المعتمدين الذين تعاقبوا على هذه المحلية لم يقدموا شيئاً وأفكارهم محدودة وواحدة تمثلت في تحويل الأسواق والمواقف ليس أكثر ، كلهم وعد بازدهار الحركة التجارية في المحلية وربط المحلية بالطرق المسفلتة واقامة مشاريع ستجعل لمحلية شرق الجزيرة قيمة استراتيجية واستثمارية، والعمل على تنفيذ عدة مشاريع زراعية في عدة مناطق مقترحة في المحلية، منها تطوير مشروع الهلالية الزراعي إلى جانب تطوير عدة مشاريع زراعية وصناعية ، كل هذه الوعود والنظريات غادرت مع أصحابها لم ينفذ منها شئ حتى اليوم . الآن وقد تم تعيين الاستاذ عمر محمد بخيت معتمداً لمحلية شرق الجزيرة وهو من أبنائها ، هو أدرى بشَعبها وشِعابها ممن سبقوه وأعلم من غيره باحتياجات أهلها ومطالبهم، نوصيك في الله ونناصحك بأن تحسن بطانتك ومساعديك فما من سببٍ في تأخر هذه المحلية أكبر من سؤ البطانة وعدم التخطيط وسؤ الادارة ، واعلم أنك تقود جيلاً مختلفاَ ليس كسابق الأجيال ، واعٍ ومتفهم لحقوقه ويدرك واجباته ، ومواطن بسيط لا يريد سوى البسيط من خدمات علاجية في مشافٍ ومراكز مؤهلة وبيئة مدرسية سليمة وكهرباء ومياه ولا أظن أن ذلك بعزيزٍ ولا هو كثير على مواطن صبر وتحمل عشرات السنين ، فبالتخطيط السليم وادارة الموارد المتاحة وتوفير البدائل تحقق طموحات أهل المنطقة ، وفوق ذلك كله (البطانة الصالحة) ومخافة الله ، واحترام الوقت ، فان ساعات العمل اليومي لو استثمرت كلها لا تكفي بأن تحل بعضاً من مشاكل هذه المحلية ناهيك عن أن تقضي كلها في مناسبات العامة من عقودات الزواج وبيوت العزاء ، فإنك لم تكلف بمثل هذه الأشياء وهي قطعاً لها مساحة من زمنك الخاص ، فرجاءً أعطنا وقتنا ...... [email protected]