هيئة شئون الأنصار هيئة دينية دعوية تدعو لتربية واصلاح المجتمع ولها نشاطات متعددة معروفة وتعد الهيئة من أكثر المؤسسات الدينية بالسودان نشاطاً وتحركاً وسط المجتمع وأكبر مثال لذلك ما قامت به من دعم حسى ومعنوى للمواطن أيام السيول والفياضانات التى حاقت بالبلاد فى الفترة الاخيرة فطافت على اطراف العاصمة والاقاليم اما نشاطها الدينى فهو معروف وهى بالطبع هيئة لأكبر الطوائف الدينية بالسودان ويقف على رأسها عالم جليل ذو أفق وخلق تؤهلانه لقيادة الهيئة وهو الشيخ عبد المحمود أبو فهو شخصية لينة الجانب غير متشدد يحترم الرأى الاخر ويراعى أدب الاختلاف . فى خطبة الجمعة السابقة اتجهت الهيئة اتجاهاً غير مألوف كان له صدى حيث استنكر الشيخ أحمد آدم يوسف نائب الأمين العام للهيئة فى خطبته انتقاد الاستاذ حسين خوجلى لزعيم طائفة الأنصار ووصفه ومن كان مثله بالسفهاء الذين يتطاولون على قامات المجتمع وزعماء السودان فى حين أن العالم الخارجى يحتفى بهم ويكرمهم فكان الأولى أن يكرمهم بنى جلدتهم بل ذهب الأمر لأكثر من ذلك حيث قال الخطيب أن على السفهاء هؤلاء أن يحذرو غضبة الأنصار وهذه النقطة هى محور مقالنا وتحليلنا لما ستؤول اليه الأحداث . ولكن السؤال هو لماذا يأتى هذا الكلام والاستنكار فى هذا التوقيت بالذات والكل يعلم أن حسين وخوجلى وأمثاله ظلوا على مر السنين يتطاولون على قامة السيد الصادق المهدى ولم تنبت الهيئة ببنت شفة والانقاذ على طول مسيرتها قالت فى الصادق المهدى ما لم يقله مالك فى الخمر ناهيك عن المعارضة المختلفة والهيئة صامتة لا تدافع عن امامها الا أحاديث عن سوءات النظام ومعارضتها له. *الحال الراهن تدهور اقتصاد السودان فى السنوات الأخيرة بعد انفصال الجنوب مباشرة تدهوراً مريعاً وأصبح المواطن فى حالة يرثى لها وهو يواجه طاحونة الغلاء والدخل محدود والشباب فى حالة بطالة متزايدة وأصبحت الهجرة هى الحلم الذى يراود الكوادر والأيدى العاملة و توسعت الحرب فى البلاد وانتشر الفساد بصورة لا مثيل لها والعقوبات الاقتصادية متتالية حتى من أقرب الدول وأخيراً ما حدث من بنوك الخليج وازداد الاحتقان السياسى والجهوى والعنصرى وخاصة بعد مقتل الطالب على أبكر والتضييق على طلاب دارفور فى الجامعات واعتبارهم مساندون للجبهة الثورية هذا التصنيف زاد من الاحتقان السياسى والجهوى وأصبح الوضع قابل للانفجار وما زالت النخبة الحاكمة تكابر وتصر على أنها جاءت وأنقذت البلاد . *السيناريو المقبل على ضوء كل هذه المآلات المحزنة يبدو أن حزب الأمة قد أدرك أن كل الفصول اكتملت لقيام انتفاضة شعبية عارمة وأن الوضع أصبح كبرميل بارود يحتاج فقط لعود ثقاب مشتعل والصادق المهدى يمسك بهذا العود وكان من قبل لا يريد اشعاله لأنه يرى أن الحلول السلمية هى الأجدى فحاول مع النظام كل السبل بما فيها تسوية سياسية شاملة مثل ما حدث فى الكوديسا ولكن كل محاولاته باءت بالفشل مع نظام أدمن التسلط والقهر والقتل وتعذيب الشعب وافقاره والصادق المهدى بلا شك لا يريد أن يعرض أنصاره للقتل كما حدث مع نميرى فى ود نوباوى والجزيرة أبا ولذلك حاول الرجل بكل جهده أن يجنب البلاد والعباد الخراب وسفك الدماء ولكن يبدو أن لا مفر أمام الأمام الا التضحية والفداء من أجل الوطن خاصة فى ظل تقارب الاسلاميين ويمكن الرجوع للمربع الأول فالشيخ الترابى عرف أن الشعب والمعارضة فى انتظار لحظة محاكمته ولن يكون هناك عفو فالوضع اختلف والزمان تغير والمفاهيم تطورت فمن مصلحة الترابى استمرار النظام . *الكرت الأخير غضبة الأنصار هى الكرت الأخير والرابح قطعاً فى يد الصادق المهدى وسوف يكون لذلك ثمن ولا شك ولكن مصلحة الوطن تقتضى ذلك. اذاً لم تكن الخطبة الغاضبة مجرد غيرة على الامام بل هى سيناريو سياسى مدروس وسيتواصل لصب مزيد من الغضب فى نفوس الأنصار وعندما يحين الوقت المناسب سوف يشعل الصادق المهدى عود الثقاب فالسياسى الذكى مثل الكوبرا ينتظر الوقت المناسب والمكان المناسب والاستعداد المناسب والضربة المناسبة للقضاء على خصمه .وقد جاء الوقت المناسب والمكان المناسب فقط تبقى الاستعداد المناسب والذى لاحت تباشيره الآن فى خطبة امام جامع الانصار لصب مزيد من الغضب فى نفوس الشعب حتى تكتمل أركان الثورة لتأتى الضربة المناسبة للقضاء نهائياً على من قسم البلاد وأفقر العباد وشل الاقتصاد. حماد صالح [email protected]