الكل يعرف أن حكومة الانقاذ قد اعترفت بأخطاء كثيره جدا قامت بها في أول استلامها مقاليد الحكم ولكن الشيئ الغريب أنها رغم اعترافاتها تلك بالأخطاء ولكن لم تتراجع عنها ابدا بل تستمر فيها , ومن تلك الأخطاء الكبيره هي تلك التي تسمى تمزيق فاتورة القمح . تمزيق فاتورة القمح كما يقولون هو العمل على الاكتفاء الذاتي من القمح ونسيان عهد استيراده من الخارج وذلك ليقينها ويقيننا أن القمح سلعه استراتيجيه وعلى الدوله الرشيده فعلا العمل على الاكتفاء منها , ولكن الخطأ الجسيم الذي ارتكبته الانقاذ هو زراعة القمح في اماكن لا تناسب زراعة القمح فنيا وزراعة القمح في مساحات كانت مخصصه للقطن . أتذكر يومها ونحن كنا على مقاعد كلية الدراسات الزراعيه في بداية الانقاذ حين دخل الدكتور سيف الدين المحاضر المتخصص في علم انتاج المحاصيل وغير موضوع المحاضره الى المقارنه بين القمح والقطن من ناحية المردود الاقتصادي , واليوم اريد أن اطرح الموضوع على منبركم هذا عله يجد من يلتقطه ويتراجع عن تلك السياسات . المنطقه التي زرع فيها القمح هي مكان لا تجود فيه زراعة القمح , لأن هناك مناطق يمكن فيها الزراعه ولكن لا تجود فيها الزراعه , فمناطق جنوبالخرطوم في كل السودان لا تجود فيها زراعة القمح ولكنها تجود في شمال السودان وتزداد كمية الانتاج كل ما اتجهنا شمالا , فالسودان لا يزال ينتج خمسه جوالات للفدان والمعلومات الكاذبه تقول أن انتاج الفدان عشره جوالات , وحتى لو افترضنا أنها عشره جوالات فهي انتاج ضعيف جدا مقارنه بالدول التي حولنا ( مصر 30 أردب للفدان في ارض الوادي القديم ) ( السعوديه 46.3 جوال للفدان في الشمال ) و(28.9 جوال للفدان في وادي الدواسر ) ( سوريا 45 جوال للفدان ) .. والسبب لأننا نزرع القمح في مناطق لا تجود فيها الزراعه والا ان كنا نغالط الواقع وأذكر مره قابلت وزير الزراعه بولاية سنار في معرض الدوحه الزراعي وعندما وجدته يروج للاستثمار في القمح لولايته قلت له : يجب ان تركز في الفواكه وانتاج السمسم ودوار الشمس والذره وقصب السكر فالقمح لا يجود هناك فقال : انتو لسه في نظرية بروفيسر الكارب القديمه ديك ؟ فترحمت على روح برفيسر الكارب وتركته . زراعة القمح على حساب مساحات محصول القطن , وهذا اكبر خطأ اغترفته الانقاذ , حيث قلصت مساحة القطن بمقدار 250 الف فدان من المساحات المخصصه للقطن في مشروع الجزيره وزرعت قمحا .. وهذا ادى الى خروج السودان من سوق القطن العالمي , مع العلم بان القطن ينتج منه ( قطن الياف viber ) فلو انتج الفدان الواجد 9 قناطير من القطن فان سعر القطن فقط يمكن ان يستورد 5 طن قمح أي مايعادل (66.6 ) جوال قمح .. وبالرغم من فقدان قيمة السعر أيضا فقدنا الناتج من الزيوت التي يمكنها ان تكفي البلاد لمدة 45 يوم من نفس المساحه والامبازالذي يصل الى ملايين القناطير والحطب للوقود والتي هي منتجات جانبيه للقطن لا توجد في القمح .. زراعة القمح من اصناف محليه رديئة الانتاج وعدم استيراد اصناف عالميه عالية الانتاج , ولكن الحكومه اتجهت لاستيراد اصناف اجودها امام التركي وتركيا نفسها تستورد الاصناف الامريكيه والروسيه والكنديه , والكل يعرف كيف كانت تخزن تقاوي القمح في السودان الذي يريد ان يمزق فاتورة القمح . شح التمويل الزراعي وبالرغم من ان الحكومه تتحدث عن الزراعه فان مساحات كبيره من الاراضي المزروعه بالقمح عجزت الدوله عن ريها ومشكلة مياه الري بمشروع الجزيره بل مشروع الجزيره كله راح ضحيه للسياسات الخاطئه . حدثني صديق وخبير استراتيجي ترك العمل وسافر لقطر وسألني كم تفتكر نسبة التمويل الزراعي في ميزانية الدوله أو نسبة الاستثمار الزراعي في الخارطه الاستثماريه ؟ فقلت : لا أعلم .. فقال : 4.2 % .. وحدثني بان الاستثمار ارتكز على البترول والذهب والمعادن والتسليح وغيره . زراعة القمح بطريقه غريبه جدا فكيف لدوله تريد أن تمزق فاتورة القمح أن تمزق اسطول طائرات الرش حتى وصلت لدرجة صفر فمحصول القمح اصبح مكشوف الظهر يعاني مايعاني من امراض وافات زراعيه وطائرات الرش جاسمه في مكانها والمبيدات فاسده أو منتهية الصلاحيه كما يقول وزير الزراعه التقاوي تخزن بطريقه سئيه . وأخيرا يحزنني جدا ايام الحصاد وولاة الأمر يقودون الحاصدات احتفالا بفشلهم الذي يريدون أن يوهمونا بان نجاح , في حين أن الدول التي تنتج 50 جوال للفدان لا يحتفل ولاة أمرها به , وتجد الوالي يقود الدقاقه والتكبيرات تنهال من امامه والعصي تتشابك امام الدقاقات , في اكبر مهرجان للاحتفال بالفشل لم سبقهم احدا عليه وكان عليهم ان يتوارو خجلا وحياءا وان لم تستحي فاغعل ماشئت . [email protected]