أَلاَ لاَ يَجْهَلَنَّ أَحَدٌ عَلَيْنَا فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِيْنَا مواصلة لمقال سابق أقول : إن الديمقراطية كل لا يتجزأ ، ونظام له أصوله وقواعده ومن لا يطبق هذه الأصول وهذه القواعد على نفسه فلا يُظَن أنه سيطبقها على الآخرين ، وخير مثال لذلك حزب الأمة والاتحادي الأصل كما يسمى ، وثالثة الأتافي ومسخها الإنقاذي فلا يوجد حزب يظل يرأسه شخص واحد مدى الحياة ، ويدعي بعد ذلك أنه ديمقراطي ، ويريد منا أن نصدق أنه يقاتل من أجل سودان ديمقراطي . فالناظر عن قرب يرى بقليل من التفكر أن أقلهم فترة بلغ الخمسة والعشرين عاما في قيادته الفاشلة لحزبه وإذا نظرنا إلى الحزبين التقليديين وهما المتطلعان لوراثة الحكم ويأمل الغافلون في ذلك أيضا أملا في خلاص متوهم ، فلنا أن نتساءل عن ، الأسس التي تأسس عليها هذان الحزبان ؟و ما هي المبادئ التي تحكم عمل مؤسساتهما إن كانت لهما مؤسسات أصلا ؟ وهل مجرد الميلاد يكفي للإنتماء للحزب ويؤهل لرئاستة وتولي مناصبه ؟ لا يوجد حزب طائفي في أي بلد في الدنيا يقوم على مبدأ التوريث ويؤمن بالديمقراطية في نفس الوقت ، لأن ذلك يناقض أول مبادئها وهو تداول السلطة والانتخاب الحر لقيادات هذا الحزب على أساس الكفاءة والمقدرة على تنفيذ سياساته التي يقررها . فأين هذا من الحزبين التقليديين ؟ ثم ما هي الأسس التي يبنى عليها مبدأ التوريث هذا ؟ هل بما قدم هؤلاء للوطن من تضحيات ؟فإ1ا كان الأمر كذاك ، فهل قدمها هؤلاء دون أهل السودان قاطبة ؟ أين أحفاد الذين جاهدوا واستشهدوا في كل بقاع السودان من يوم أن عرف السودان كسودان وإلى شهداء الأمس القريب على يد الإنقاذيين ؟ ما هي القدسية التي يحيط بها هؤلاء أنفسهم ؟ والتي أضلوا بها الكثيرين ؟هل الولاية الدينية بالوراثة ؟ وهل ابن الرجل الصالح لابد أن يكون مثل أبيه يرث صلاحه مثلما يرث ماله ؟ لو كان الأمر كذلك لكان أولى بها ابن نبي الله نوح عليه السلام . لا يظن متعصب أن مجرد عصبيته واتكاءه على التاريخ يمكنه من تغيير قواعد النظم الديمقراطية ويجعل من الآخريين مجرد أفراد في قطيع يقوده سيده حيثما أراد . والمرء ليعجب لمن تعلم وتثقف ومع ذلك يسير مع العوام ويؤمن بما يؤمنون ، بل منهم من تلقى تعليمه العالي في بلاد الغرب ورجع لنضم للقطيع يسير حيث أراد له سيده . ولم يسلم السودان من ثالثة الأثافي وكأنه لا تكفيه طائفتان ، فالثالثة أدهي وأمر لأنها نتاج حقد وحسد لهيمنة البيتين الكبيرين ، طريق ثالث أوعر من سابقيه ، على رأسه يتحكر الشيخ المولود من رحم الغبن على الطائفية والمرتكز على عصوي المصاهرة للبيت الكبير وعلى الدين في لباس جديد يجاريهم ويحاربهم به . نفس العقلية التي تدعي أشياء ولا تؤمن بها ،ونفس الطائفيه في لباس جديد ، فيظل الشيخ الدكتور متربعا على مقعد رئاسة حزبه دهرا ،وهرم الأطفال ولا يزال في لعبة سياسة السودان الهاملة لاعبا أساسيا إلى اليوم ، وأمامه ترفرف شعارات الإسلام الذي لا يطبق حرفا منه .ولا أحد خير من أحد . وتمخضت ثالثة الأثافي هذه لتلد مسخها الإنقاذي ، مزيج من مساوئ الجميع ، كالغربال الذي أسقط كل الخيار ولم تعلق به إلا النفايات . أخذ من أمه الكبرى أسوأ ما فيها من جهوية وقبلية ولعب بالدين وزاد عليها ، شرهاً واستباحة للمال العام ، وتفريطا في أرضه وفي أرواح الأبرياء ، حتى أصبحت القيم مقلوبة ، فاللص هو الشريف ، والقاتل هو المجنى عليه والقوي هو من يستطيع أن يكسر القانون ويمشي في جنازته بل ويتلقى العزاء فيه دون حياء . هذه حالة من يحكمنا وحالة من يعارضه ويريد أن يحكمنا ! بلا رتوش أومواربة . فأين طريق الخلاص ؟ ذلك موضوعنا القادم إن إذن الله تعالى . [email protected]