*فالحرام هذا قد يشمل مفردتي الثراء والفقر معاً .. *فكما أن هناك تهمة (ثراء حرام) توجد كذلك تهمة (فقر حرام !!) .. *وأكثر عهد سياسي كثر فيه ترديد عبارة (الثراء الحرام) - ببلادنا - هو عهد الإنقاذ (الإسلاموي!!) هذا .. *فقد ثبت الآن أن كل مناداةٍ ب(الشريعة) كان يتخفي وراءها ولوغٌ فيما هو غير (مشروع!!) .. *وأن كل صيحةٍ بشعار (هي لله) كان يستتر وراءها همس بشعار (هي لنفسي!!).. *وأن كل ترديدٍ لآية (إن مكناهم في الأرض) كان تبدو من بين يديها آيةٌ من آيات (تمكنا!!) .. *وفي مقابل الثراء الحرام الذي ب(الكوم) هذا يتفشى الفقر الحرام ب(الردوم!!) .. *فالأكثرية من أبناء السودان (متهمون) بالتهمة ذاتها التي أقر بها على نفسه أحد رموز نظام عبود ال(نظيف جداً !!) .. *فاللواء حسن بشير قال ساخراً عقب ظهور براءة ذمته - هو ورفاقه - في المحكمة : (نحن متهمون بالفقر الحرام !!) .. *أما رئيس النظام النوفمبري نفسه - الفريق عبود - فقد رحل عن منزل الحكومة ليقيم مع أحد أقربائه رافضاً التصدق عليه ببيت .. *و رئيس وزراء أول حكومة وطنية - عبدالله خليل - لم يكن يمتلك سوى منزل (واحد!!) .. *والوزير صاحب الإسم الضخم حسن عوض الله كان يقيم بمنزل (إيجار!!) بالملازمين .. *ووزير المالية الشريف الهندي (حرم) على الوزراء الفارهات من السيارات - تماشياً مع سياسته التقشفية - فارضاً عليهم ال(همبر!!) .. *ورئيس النظام المايوي الذي (تمكن!!) ستة عشر عاماً لم (يتمكن) من إتمام ما يليه من بيت الأسرة بودنوباوي .. *ورئيس الوزراء الصادق المهدي كان يرفض - خلال عهده - البيت الحكومي ، والسيارة الحكومية ، والتسهيلات الحكومية ، ونثريات السفر الحكومية .. *ونائبه عمر نور الدائم ظل بلا منزل إلى أن تكفل ببناء واحدٍ له بعضُ أفاضل حزبه من الأثرياء .. *ومدير الأراضي الأسبق محمد فتحي كرار - يا وكيل العدل - مات في مكتبه من شدة رهق خدمة الناس وهو لا يمتلك بيتاً (خاصاً!!) .. *ونظيره عبد العظيم - يا مدير الأراضي السابق - مات وهو ليس لديه سوى بيتٍ متواضع بالثورة .. *وكل الذين ذكرناهم هؤلاء لم يكونوا يلوحون بعصيهم وسباباتهم وهم يصيحون (الله أكبر)، و (هي لله)، و(مالدنيا قد عملنا) .. *ولكن أفعالهم و (أموالهم!!) وضمائرهم كانت متسقة مع الشعارات هذه تماماً .. *ثم إن الناس في عهودهم ما كانوا يعيشون في مثل الفقر المدقع هذا في مقابل (تنعم!!) بعضٍ من (المتمكنين) الآن .. *فحرامٌ - والله - الثراء الفاحش هذا كله لقلةٍ من أصحاب شعار (تمكنا!!) .. *وحرامٌ - كذلك - الفقر الرهيب هذا كله ل(الممكونين) من أنصار(توكلنا) .. *وسيحاسبهم التأريخ عليه بتهمة الصبرعلى (الفقر الحرام!!!!). الصيحة