لابد من وقفة من وقت لآخر ومن استراحة محارب يستجم فيها الأنسان بعيدا عن عالم السياسيه و(قرفها) وأن كانت الأحوال فى السودان لا تجعلك تستطيع أن تفعل ذلك كما تحب وبصورة مطلقه فحتى الرياضه والفن اقحموا فيهما (السياسه) وادا دلفت تتحدث عنهما فسوف تجد نفسك دون أن تشعر منغمس فى تلك السياسة اللعينه التى تصل احيانا حد (القذاره). وعلى كل فهذه (الأستراحه) كانت (فقه) ضرورة ولابد أن تأتى على طريقة الدكتور/ مصطفى محمود – رحمه الله- حينما تحدث عن صديقه (الملحد) .. وعن رحلته بين الشك واليقين وأصحاب العقول يميزون .. وصديقى (العمده) موضوع هذه الأستراحه هو فى الحقيقة بمثابة توأم الروح أو انسانى الآخر فى سمواته العليا طالما كان لكل امرء (قرين) فى تلك السموات يقال انه يشبهه تماما كما هو فى الأرض مع الأختلاف بين طبيعة الأثنين فالأول فى عالم الجسد والثانى فى عالم الروح والفرق بين الأثنين كما قيل فرق مقدار! ما دعانى للكتابه عن صديقى المفترى عليه (العمده) فى كايرو، هو الوفاء لشخصه الكريم ومحاولة لرد القليل من اعتباره وهو حرى بذلك ويستحقه، بعد أن وصل الى سمعى (نبش) فى شخصه الكريم من أن احد (شذاذ) الأفاق، مجروحى الذوات الذين ترعرعوا وظهروا فى زمن (الأنقاذ) الردئ، ذلك المغروس فى جسد المناضلين و(المعارضين) وهو محسوب على النضال والمعارضه وهو لا عمل له غير أن يسئ للمعارضه بجميع اشكالها ليل نهار وسلوكه وطبيعته اقرب للنظام أذا لم يكن حقيقة طابور خامس صنعه النظام بمهارة عاليه ثم زج به فى جسد المعارضه. تسمعه يحدثك عن الوحده والتوحد ولم الشمل والعمل المشترك والكلم الطيب وعدم الحديث عن الآخرين من ورائهم، لكن ما أن تعطيه ظهرك الا وجر فيه الشوك ولسعك (بسياط) الأفك ورماك بكل قبيح .. ذلك كله يتم وفق ابتسامة صفراء وتعاقد من طرف واحد ومبرر الجهلاء والسذج وعبارة مثل ((ما اقوله لا اقوله الا لكم وحدكم، مع أن ابسط البديهيات تقول (السر لا يقى سراطالما فارق الشفتين)! ذلك (الشاذ) قال عن العزيز (العمده) كما كان يلقب فى (كايرو) بأنه كان يجلس وحيدا فى المقهى وأنه يختلق المشاكل والخلافات مع الكثيرين لذلك عزلوه، فكان لابد من انصاف (العمده) حتى لا تضيع المروءة بين الناس. ولنبدأ من الآخر فصحيح أن (العمده) كانت له مشاكل عديده وخلافات لكنها كلها مع اقزام (المؤتمر الوطنى) وأعوانهم والمنبطحين لهم وأرزقيتهم حتى لو كان ذلك الأرزقى مصورا تحول بقدرة قادر الى صحفى، بل وصلت مواجهته لأقزام النظام شخص (السفير) فى دلك البلد والى جانبه حاشيته، مسوؤل أمنى وملحق اعلامى وخلافهم ، فهل تلك اختلافات ةمشاكل تنبح بها (الكلاب) الضاله أم فعل يشرف (العمده) ومن يعرفونه؟ وقبل أن نواصل لابد من وقفه نوضح فيها لماذا لقب (العمده) بالعمده ومن أين اتى ذلك اللقب وهو بدون شك ليس عمدة (أطيان) أو كالعمدة فى الريف المصرى الذى له شيخ غفر. الشاهد فى الأمر فى مصر لا يوجد انسان عاقل، بالغ، حر، ليس لديه (مقهى) يجلس فيها بصورة دائمه بعد أن يخلص من اعماله ومهامه اليوميه مثلا الكاتب المعروف (نجيب محفوظ) معروف انه كان من رواد مقهى (الحرافيش) وسط البلد وكتبت فى ذلك المقهى العديد من القصص وأنتجت العديد من الأفلام .. والكاتب الكبير(توفيق الحكيم) كانت له مقهى خاصة وكذلك والسيده أم كلثوم كان لها مقهى حتى اللحظه تعرض فيها مناديلها وتسمع فيها اغانيها ولذلك فسعر (الطلبات) في ذلك المقهى مرتفع للغايه لأن من يأتون للمقهى هدفهم استرجاع صوت تلك الفنانه الرائعه لا شرب الشاى والقهوه المتاح باسعار زهيده فى كثير من المقاهى. بل لدرجة (قدسية) المقاهى فى (مصر) وحظوتها فى نفوس المثقفين والشعراء والأدباء فهناك مقهى يسمى (بالندوة الأدبيه) يستمع رواده كل يوم خميس الى نص شعرى أو روايه جديده ويناقش صاحبهما وينتقد وينال ثناء أو تقريظا. المهم فى الأمر أن لقب (العمده) يطلق عادة على من بدأ جلوسه فى مقهى من المقاهى واصبح زبونا أساسيا ثم تجمع حوله عدد من الأصدقاء والمعارف واصبح ذلك (العمده) يمثل مصدر رزق جيد لذلك المقهى، و(العرف) فى المقاهى الا يدفع احد من الذين يجالسون (العمده) مهما كانت حالته الماديه، لذلك فمن تسوء احواله يقوم فورا بتغيير المقهى الذى اعتاد الجلوس فيه حتى لا يحرج، ففى كثير من الأوقات يجد (العمده) نفسه محاسبا على (طلبات) لم يكن حاضر وقت طلبها بل جاء بعض من افراد شلته فى عدم وجوده ورفض (الجرسون) أن يأخذ منهم قيمة (الطلبات) مرددا ، اذا جاء (العمده) فلن يقبل ذلك! لذلك فالعمده المفترى عليه والذى تحدث عنه ذلك (الشاذ) – حليف النظام الناكر - فى غير امانة وصدق وهو لم يكن من النوع الذى يخرج للمقاهى أو الشارع المصرى بسبب (هاجس) الأمن الذى يلازمه فى أى مكان وكأنه (المعارض) الوحيد فى هذا الكون، ولذلك لم يكن يعرف بأن (العمده) الذى اتحدث عنه لم تكن له مقهى واحده بل ثلاث مقاهى صحيح انه لم يكن (العمده) فى الثلاث مقاهى وأنما (عمدة) فى واحدة منها تقع فى شارع البورصه، كان يصل عدد من يجتمعون فيها احيانا الى 50 شخصا هذا يطلب شاى وآخر قهوه مضبوطه وثالث ساده ورابع سحلب وخامس (عناب) أى كركدى وسادس (كاكاو)، ثم ينصرفون ويقوم (العمده) بسداد المبلغ الذى يصل احيانا الى 100 جنيه مصرى أى ثلث المرتب الشهرى لشرطى فى مصر. ثم يتجه (العمده) بعد ذلك الى مقهى آخر يجتمع فيه عادة الظرفاء والصحفيون خاصة الرياضيين القادمين من السودان وما أكثرهم ثم بعد ذلك ربما مر على مقهى ثالث يسمى (بالتكعيبه) يجلس فيه صحفيون وكتاب مصريون معروفين بعضهم يعمل فى صحف ومجلات انجليزيه. (العمده) لم يكن عاطلا أو حاصلا على رزقه من جهة مشبوهة .. رغم ذلك فقد كان مكتبه (منتدى) للثقافه والمعرفه وقراءة الشعر والقصص والبروفات الغنائيه، وفى ذات الوقت يشرف على (منتدى ثقافى) فى مركز معروف بالقاهره وكثيرا ما ساهم فى تكلفة ليلة من الليالى بكاملها من جيبه الخاص .. فى ذلك المركز أقيمت العديد من الأحتفالات والتكريمات على سبيل المثال لا الحصر حفل تأبين لا ينسى للراحل المقيم عثمان حسين وللراحل المقيم مصطفى سيد أحمد وللطيب صالح وتكريم لفنان عملاق مثل شرحبيل أحمد، وكثير من الفعاليات الثقافيه والرياضيه التى وصل عددها الى أكثر من 50 فعاليه خلال عامين، لا زالت القاهره تذكرها وتذكر (العمده) ومجهوداته وما بذله من مال . فهل هذا شخص يساء اليه؟؟ التحيه والتقدير لك أخى (العمده) وليت هذه الكلمات تعطيك قليل من حقك، فى زمن (ضيعت فيه الأمانه) وقد قال النبى الكريم (ص): اذا ضيعت الأمانه فانتظروا الساعه. آخر كلام: قناة (فضائيه) يا محسنين!! تاج السر حسين – [email protected]