تحاول الحكومة اسراع الخطي للوصول الي نقطة النهاية في مسيرة البحث عن حوار لكن المعارضة تتلكأ .. يوافق الصادق المهدي ثم "يتلجلج " ..ولاحقا يخرج غازي يده من "المائدة" ثم يغسلها وينعي الحوار ثم يعود مجددا بفهمه وشروطه ومزاجه الخاص .. يقتحم الشيخ الترابي حلبة النزال يتوجس "العقائديين" ويصمت صقور المؤتمر الوطني .. تتجه الحكومة الي تشكيل الالية "السباعية" هنا يتوقف الحوار لا الالية في حاجة الي قوة دفع جديدة ..ثم تنطلق الالية الي مقاصدها ..وفي غمرة الانشغال تشتعل الاطراف وتندلع الحرب وتتسع دائرة النازحين وضحايا الحرب .. توافق الحركات المسلحة علي قبول خيار الحوار يخرج "موسي هلال" ويحتمي بثوار الجبهة المسلحة .. تغضب سارة نقد الله وتهم بقلب الطاولة علي كل المتحاورين ..يهادن كمال عمر المؤتمر الوطني ويغازله ثم يدافع عن رؤيته ومواقفه وسياساته .. يطرد اسماعيل حسين من "قبة" البرلمان بعدها يقتحم محمد الامين خليفة مكتب الدكتور الفاتح عز الدين وبعد نصف الساعة فقط يخرجان معا يتبادلان "الابتسامات" .. الصادق المهدي "يحرد" والترابي "يربت علي كتفيه ويطمأنه ثم يحفزه ويضع بين يديه حزمة من الضمانات ان عاد للحوار .."والمهدي" يوافق ..لكن التحالف يعارض ويطالب "حزب الامة" بتوضيحات" او تفسيرات لموقفه "الاخير" ..الشيوعي يعتكف بعيدا عن اللعبة ..والبعث يتمسك بخيار "الاسقاط" ..قطاع الشمال يهادن ويقترب من طاولة الحوار ..ولكن الحلو يقزف كادقلي "بالكاتيوشا" ..وكاودا تنتظر خريف هذا العام حتي تقع في قبضة القوات المسلحة تلك هي " الملهاة" الحقيقية و بعض السيناريوهات التي تتكرر وتتجدد يوما بعد اخر تقلق الحكومة وتحبط محمد احمد السوداني وتلوكها الصحافة وتسود بها صحائفها..المواطنيين يحدقون في مانشيتاتها فلم يجدوا وعدا ولا بشارة ولا حتي اعانة في معايشهم فادركوا ان الذين يتحاورون ثم يتجادلون ويختصمون من اجل ذواتهم وكراسيهم فقط لا شي غيره ثم يكف هؤلاء المحدقين عن الشراء لانهم تذكروا ان رطل اللبن بلغ اربعة جنيهات وكيس الخبز سعة ثلاثة "رغيفات" اصبح يباع بجنيه .. وكيلو اللحمة الضان بلغ السبعين جنيها واكثر ويستمر السوق في نيرانه . دماء ومهنة ..! ربما تخطي نظرية المسوؤلية الاجتماعية للاعلام اذا ظنت وتوهمت بان الصحافة تظل هي مبعث الخطر علي المجتمعات وانه لابد من قوانين او كوابح للحد من هذا الخطر ولكن النظرية نفسها تجاهلت بان الذين يمارسون مهنة الصحافة والاعلام هم ايضا في حاجة الي من يحميهم من خطر المجتمعات وتفلتاتها فكم من الجرائم التي ارتكبت مع اصحاب هذه المهنة وهم يمارسون مهنتهم حماية لمجتمعاتهم وكم من الدماء التي سالت في بلاط صاحبة الجلالة ؟ فبالامس دفع اخونا عثمان ميرغي ثمن المهنة ومهرها وتحمل اخطاء نظرية المسوؤلية الاجتماعية للصحافة التي ساندت طرف دون اخر وهذه الحادثة المشينة تعطي تبريرا واضحا بان اصحاب مهنة الاقلام هم وقودها وهم ظهرها المكشوف فلم يجد الصحفيون من يحميهم من مخاطر الجانحين والمنفلتين من مجتمعاتهم وحتي الحكومة نفسها وفي كثير من حالات غضبتها او تعاطيها مع اصحاب هذه المهنة تجد نفسها في خانة الجاني ضد الاقلام الصحفية لان العلاقة القائمة اصلا ما بين الصافة والسلطة هي علاقة شك وتربص وتجني ولهذا فان الطرفين يتبادلان باستمرار خانة الجاني . وماحدث بالامس للاستاذ عثمان ميرغني صاحب التيار محطة فاصلة في شكل وطبيعة علاقة الصحافة مع محيط السلطة والمجتمع وهي بذلك حادثة جديرة بالتوقف والتامل في مآلاتها واسقاطاتها وتستوجب علي اهل المهنة البحث عن مصدات لازمة تحمي بها ظهرها ضد كل الذين تضيق صدورهم بالراي والراي الاخر ..نحن في حاجة الي نظرية جديدة والي عباقرة اخرين للبحث عن صيغ ومعادلات اخري تعيد انتاج نظرية المسوؤلية الاجتماعية من جديد باعتبار ان هذه النظرية كما ذكرنا انفا مبنية علي فرضية حماية المجتمعات من الصحافة فقط ولكنها لم تحمي الصحافة من هذه المجتمعات . امبراطورية "صندوق" ..! هل صحيح ان صندوق رعاية الطلاب اخلي داخلية كلية التربية ببجامعة الخرطوم من طلابها وقزف بامتعتهم الي خارج اسوار الداخلية بالقوة الجبرية مستعينا في ذلك بقوة الشرطة ؟ ان كانت فعلا هذه ذات الرواية كما رواها شهود العيان دون اي مساحيق او اجتهادات فان هذا الصندوق يكون قد فقد اهم قيمة انسانية يتكي عليها وهي قيمة الرعاية والابوية فهؤلاء الطلاب وهم في هذه الداخلية لا اب ولا راعي لهم في مسيرتهم التعليمية سوي هذا الصندوق رغم انه تول "دراماتيكيا" من داعم للطلاب الي راع لهم في اكبر خديعة فكرية وتربوية كما يراها بعض منتقدي سياساته . فالي اين يذهب هؤلاء الطلاب بعد ان لفظتهم ادارة الصندوق كما قالت الرواية الي العراء حيث لا ماوي ولا حضن ولا رعاية ؟ فمن الذي يرعاهم من بعد الدولة ويبحث لهم عن بدائل ؟ ثم ما الجريمة التي ارتكبوها حتي يهانون ويزلون بهذا الشكل صحيح ان ما بين الطلاب وصندوقهم حالة من الشك والتربص والريبة والثقة المفقودة والتي قد تصل في كثير من الاحيان مرحلة التنازعات والاحتكاكات وغالبا ما يتضرر منها صندوق الطلاب في بنياته ومشروعاته ومنجزاته السكنية والخدمية لسنا هنا في مقام الدفاع عن اي سلوك مشين للهدم والتخريب لمؤسسات الصندوق ولكننا نري انه يجب ان يحاسب كل صاحب سلوك تخريبي بقدر جريمته فلا تشريدوهم فان الجريمة التي سيقعون في حبائلها هي اشد قسوة وتاثيرا ليس عليهم او علي اسرهم فحسب وانما الدولة كلها ستجني ثمار جرائم هؤلاء الطلاب المشردين . وابلغ تبرير لظاهرة طرد هؤلاء الطلاب من داخلياتهم ان هذا الصندوق تضخم وتشعب وبني له قوة وسلطان ومال واصبح امبراطورية لذاتها متمددة لها كل اسلحتها وادواتها التي تمكنها من ردع خصومها والانتصار لذاتها فمن الذي يحمي هؤلاء الطلاب من صندوقهم حينما يطغي ويتجبر او يفقد رشده ؟ حتي لا نجوع ..! ما الذي يمنع بلادنا من المجاعات التي نطلق عليها دلعا وتخفيفا بالفجوات الغذائية ويجعل بلادنا هذه مسكونة باخطر الازمات الاقتصادية والجوع والغلاء واختلال الموازين في قسمة الثروات والموارد ؟ اليس كل معطيات الاحساس بالمجاعة القادمة متوفرة الان ونري ملامحها ومشاهدها ؟ ثم ما الذي دعا الاممالمتحدة من اطلاق هواجسها وقلقها بان السودان مقبل علي مجاعة او نقص حاد في الغذاء استنادا الي ما لديها من تقارير واحصاءات وشواهد ومعطيات ؟ لماذا لا نتعامل مع تقارير الاممالمتحدة بمنطق وعقلانية ..كل المؤشرات تتحدث بان الاقتصادي السوداني يعاني من نكبات وتراجعات وازمات حقيقية فالثروة الزراعية تعاني من امراضها مستعصية العلاج ومشروع الجزيرة الذي كانت قد صنفته منظمة الاغذية العالمية بانه احد اعظم ثلاثة مشروعات كبري يعول عليها لسد اي فجوة غذائية في العالم لكنه الان سقط مغشيا عليه بعد ان تكالبت عليه الضربات الموجعات فاصابه الضعف والهوان والفقر فلم يعد يتحمل فاتورة الانفاق علي نفسه فعجز هو وعجزت ايضا الجزيرة فاستحكمها الفقر واتسعت قاعدة البطالة وافرت الاسر من اقتصادياتها فالمشهد هذا يعني ان سلة غذاء العالم باتت تبحث عن غذاء يغطي فقط حد الكفاف . ومن المؤشرات الاخري التي تبعث الاسي ان استثماراتنا الوطنية هاجرت الي بعض دول الجوار وتحديدا الي اثيوبيا حيث تقول التقارير الرسمية ان اكثر من 2,5 مليار دولار هربت من السودان للاستثمار في الجارة اثيوبيا الدولة التي تتقاصر قامتها الاقتصادية مع امكانيات الاقتصاد السوداني وهناك ايضا عشرات المليارات من الدولارات المهاجرة رفضت العودة وبقيت هناك في مهاجرها تبحث عن استثمارات وملاذات آمنة بالخارج لان قانوننا الاستثماري والذي تغزلت فيه الحكومة ووصفته بانه يحمل الوعد والبشري ويفجر الطاقات فهو يتمزق كل يوم الف مرة وتنتهك نصوصه تحت طائلة البيروقراطية الابجدية وتعرقل اجراءاته تقاطعات المركز والولايات فتعقدت الامور وانتكست وتداخلت المصالح والجهويات فحمل راس المال الاجنبي حقائبه وعاد الي من حيث اتي فظلت مواردنا هكذا حبيسة في بواطن الارض وفضاءاتها وبين جنباتها تنتظر ارادة اخري وقانون اخر وفكر جديد والا فاننا سنظل الي الابد امة فاشلة وعاجزة عن مواجهة الثالوث المرعب "الفقر والجهل والمرض" . [email protected]