ضاع شعار نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع واصبحنا بين عشية وضحاها دولة مستوردة لأي شيئ ، بعد أن أطلقنا على أنفسنا سلة غذاء العالم فأصبحنا سلة نفايات العالم ، نستورد اواني الطبخ من الحلة حتى الملعقة ، حتى طعامنا من مشتقات الالبان السعودية التى نصدر لها اناث ضأننا يا للخيبة ، والبطاطس الاثيوبية والقمح الاسترالي والارز الباكستاني والسكر التايلندي والبن البرازيلي والحبشي والشاي السيلاني والتوابل الهندية والاسماك البورمية المجمّدة ، والتفاح المطلي بمادة بلاستيكية فهل نحن يا عباد الله أقل قامة من هذه الدول التي تملك المصانع الانتاجية ؟ ونحن لانملك شيئا رغم اتساع رقعتنا الزراعية وانهارنا وآبارنا وأمطارنا ومياهنا الجوفية فالدول تنتج ونحن نستهلك ،زودونا بكل ما نلزم وما لانلزم ، فأصبحنا نعيش لنأكل ونتناسل ونتقاتل ، أصبحنا شعبا كسولا خاملا مترهلا وكأننا لانعلم أن الامة التي لاتأكل مما تزرع و تلبس مما لاتصنع هي أمة محكوم عليها بالتبعية والفناء ، فظلت حكومتنا منذ مقدمها الميمون في صراع مع مواطنها شرقا وغربا وجنوبا فلا تركته يعمل مع جباياتها ولاتركته يأكل من خشاش الارض ، صراع فى صراع الى أن قيّض الله لجنوبنا أن يقتطع ارضه ويشكّل حكومته ليصبح (جارة السوء) وما تبقى من ثلثي الوطن ظل في حالة يرثى لها ، توقفت المصانع عن الدوران من كثرة الجبايات وشلنا الفاتحة على مشروع الجزيرة ورفعنا مأتم السكة حديد ، واصبحنا من أكبر الدول لاستيراد شتى صنوف الافكار الهداّمة ، وبعد أن كنا في موقع الصدارة صرنا في ذيل القائمة ، ان هذا التباين الكبير بين حالنا اليوم وحالنا في خمسينيات وستينيات القرن الماضي يدفع كل باحث عن أسباب الخلل الى دراسة مقارنة بين الحالين ولا شك أن أي منصف متجرّد لن يملك انكار حقيقة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار وهي ان ما حاق بنا من تراجع وتقهقر يرجع في المقام الاول الى تفشي الفساد والاهمال والاقتتال وسوء التخطيط وغياب الروح الوطنية المخلصة. [email protected]