كتب الاستاذ الدكتور/ عبدالملك عوده تقريرا حول مستقبل العلاقات المصريه السودانيه ، واورد ذلك فى مجلة السياسة الدوليه العدد(101) شهر يوليو/1990م صفحة (149)، محاولا فى ذلك المقال طرح رؤية للاطار السياسى المقترح لتنمية العلاقات بين مصر والسودان وبمعنى ادق اقتراح اسس واقعيه لتطوير العلاقات بين البلدين ، وماذا يمكن عمله لازالة العوائق التى كانت تمنع ترجمة النوايا والمقترحات الى حقائق ومشروعات ، والذى ههمنا فى موضوعنا هذا هو قضية الحدود الثنائيه بين مصر والسودان ، حيث استخلصها فى الاتى : تتصف قضية الحدود الثنائيه بين مصر والسودان بتوثيق تاريخى كامل فى الدراسات المتخصصه الصادره بشانها والمنشوره باكثر من لغه ، كما تحظى قضايا ومنازعات الحدود بين الدول بدراسات وبحوث مستفيضه على المستوى القانونى النظرى وعلى مستوى القضاء الدولى . ومن ناحية ثانيه فان الفقه القانونى والمساهمات السياسيه قد توصلا الى اشكال وانواع من الحلول والترتيبات المتعددة لحل العديد من هذه المنازعات والقضايا ، ومن الامثله استعمال اساليب القضاء والتحكيم الدولى . والمناطق الفاصله ومناطق الاستثمار المشترك ....الخ . وعلى الرغم من ذلك فالملاحظه هى ان مصر والسودان لم يقدما على اجراء محاولات او مفاوضات جادة للتوصل الى حل ، ولم يطرح اي منهما تصورا واشكالا للتوصل الى حل ما ، وانما تجمد كل منهما عند موقفه منذ :1958م . ومن جانب اّخر كلا من مصر والسودان قد عرف بالممارسه عمليات تعديل الحدود واعادة رسمها فلى فترات من تاريخ كل منهما .ومن امثلة ذلك عندما قبلت مصر تعديل حدودها مع ليبيا وقبل السودان تعديل حدوده مع زائير واوغندا واثيوبيا . ومادامت كل من الدولتين ترفض بصدق استعمال الاسلوب العسكرى لتحقيق رؤيتها لاوضاع الحدود الثنائيه، فان الاسلوب الوحيد هو المفاوضات بينهما . ولكن اذا تمسك كل منهما بموقفه واصر السودان على رغبته فى اعتبار حدوده طبقا لخط الحدود الاداريه ، واصرت مصر على موقفها بالتمسك فى اعتبار خط عرض (22) هو خط الحدود السياسيه . فكيف يمكن الخروج من هذا الموقف ؟؟ المقترح هو المقايضه : ياخذ السودان ما يرغب فيه فى منطقة جبل علبه وحلايب ، وتعوض مصر بامتداد حدودها الجنوبيه على ضفتى نهر النيل حتى الجندل الثالث عند مروى وكريمه وبهذا لا يكون هناك غالب او مغلوب ، اذ تتوحد منطقتا النوبه المصريه والسودانيه كجزء من الدوله المصريه ، ويمارس السودان سلطاته فى مناطق القبائل على شاطى البحر الاحمر ، وله فى هذا خبرات تفتقدها مصر التى تمارس الحكم والسلطه تاريخيا فى مناطق الاستقرار الريفى والحضرى . كما تتوفر الامكانيات من خلال الموارد البشريه المصريه لمواجهة الفجوة السكانيه التى نشأت فى منطقة النوبه بعد انشاء بحيرة السد العالى . فى تقديرنا هذا التقرير تحليل دقيق لواقع السياسة وانظمة الحكم بين الدولتين ، حيث تجمد موقفهما تجاه حل مشكلة الحدود بينهما ورغم شبه الاستقرار السياسى فى مصر الا اننا لم نجدها تقدم على خطوة جادة لحسم هذه المشكله ، اما السودان فحدث ولا حرج ، عدم الاستقرار السياسى والوضع الاقتصادى السيئ والضغوط الدوليه والحروب الدائره فى كافة الاتجاهات تمنعه عن الاقدام باية خطوة جاده لحل مشكلة الحدود الجغرافيه مع مصر ، لذا فان حل مثل هذه الاشكالات يتطلب استقرار سياسى واقتصادى وهذا لا يتاتى فى السودان الا فى ظل حكومه قوميه ديمقراطيه عريضه تعبر عن ضمير ووجدان الشعب السودانى ونظام حر ديمقراطى يرضى عنه الجميع ، بدون ذلك سوف تظل المشكلات والقضايا معلقه دون اية حلول ، ولنا فى اتفاقية نيفاشا عبرة وموعظه فقد انفصل جنوب السودان واصبح دوله قائمه بذاتها واصبحت مسالة رسم الحدود معلقه رغم التطرق اليها فى الاتفاقيه علما بانها اطول حدود فى القاره الافريقيه ، كما ظلت مشكلة ابيي معلقه كذلك والكثير والكثير من ما نص عليه فى اتفاقية نيفاشا اهدر ولم يرى النور والبعض سكت عنه تماما سوى الاستفتاء الذى جر البلاد للتشرزم والتبعيض والتمزيق ، حرب هنا وهناك بعض انفصال الجنوب ، فكيف يستطيع حكم شمولى قسم البلاد الى المضئ قدما فى حل مشكلة الحدود مع مصر ؟ نقول وبكل حزم : حلايب سودانيه ولا مساومة باية ارض من اراضى السودان ، التاريخ والجغرافيا هما الفيصل فى تبعية حلايب للسودان ومن المستحيل المقايضه كما ذهب الاستاذ/عبدالملك عوده فى تقريره . [email protected]