بقلم: د. عصام محجوب الماحي موقفي من (كاودا) شرف لا أدعيه وتهمة لا انفيها: انتهت الحلقة الماضية، الأولى، برسالة غاضبة مني لصديقي (...) الطبيب المقيم في قطر، كتبت له فيها: والله يا حبيب ما كنت "اصلو" منتظر منك عبارة (ويا حبذا تفكيك النظام من الداخل.. وبأقل الخسائر حفاظا على ما تبقى من الوطن). هل بالفعل كتبت أنت (...) الذي اعرفه هذه العبارة؟ اعتقد انك تعني بها غير ما أصبحت ترمي حقيقة لكثرة ما استعملت مؤخرا من قبل آخرين معلومة مقاصدهم لذلك ابحث لك عن تفسير جديد اقتنع به واعتذار منك أعده بنفسي. عفوا إذا أثقلت عليك. لم يمض وقت طويل حتى وصلني رد من صديقي، وقد انتظرته متمنيا ان ﻻ يخرج عن الموضوع وان لا يوسع عناصر الجدل والحوار فيخلط الأوراق. قال لي: هل أصبحت من أنصار كاودا؟ هل رفع الحزب الاتحادي راية الكفاح المسلح؟ في الدوحة دائما استمع لأقطاب المعارضة وهم يروحون ويجيئون. استمعت لنقد هنا في الدوحة قبل رحيله ب 6 أشهر. واستمعت للصادق المهدي عشرات المرات. واستمعت أيضا عشرات المرات للدكتور خليل إبراهيم وحاورته شخصيا نيابة عن رابطة أطباء قطر. واستمعت لفاروق أبو عيسى هنا في الدوحة أكثر من مرة. والتقيت كذلك أكثر من مرة الشفيع خضر في الدوحة. وأضاف صديقي في رسالته: بعد ان فهمت وأدركت أبعاد المشكل، استنادا لكل تلك الحوارات، كونت وجهة نظر شخصيه تحتمل الخطأ والصواب وتقبل اﻻخذ والرد والنقد. وكمثقفين خارج الوطن، نصيحتي ان نتذكر دائما ان الجمرة بتحرق "الواطيها". جماعة الداخل ادري بشعاب الوطن واستنتاجاتهم هي اﻻكثر واقعيه. قبل ان أرد عليه لاحقني برسالة أخرى، فكتب: بالمناسبة هل قرأت طرح "فيصل مصطفى" في حريات "بتاعة" الناشط المدني وراق؟ موضوع مهم جدا اعتقد انه سينال استحسانك. قررت ان لا اترك له مساحة من الزمن يمطرني فيها بالاقتراحات أخرى تشعب الأمر أكثر مما تشعب. لم أضع الزمن وكتبت له: انتظرت بالفعل ردك بفارغ الصبر. سأواصل الحوار معك حول الموضوع الذي وسعته وأدخلت فيه استنتاجات جديدة مثل أسئلتك التي بدأت بها تعليقك. أتجاوز السؤال الأول حول (كاودا) باعتبار موقفي منها شرف لا أدعيه وتهمة لا انفيها. ويكفي الحزب الشيوعي السوداني فخرا انه نحت لنا هذه العبارة نتكئ عليها كلما ادلهمت حولنا الأمور. أما مسألة (الاتحادي يرفع أو يضع راية الكفاح المسلح) فلا تعنيني كثيرا في شيء لأنني، إن كنت لا تعلم، اعتزلت العمل الحزبي منذ 1996 وصارت علاقتي مع الاتحادي مثلها مثل العلاقة مع الشيوعي. حواراتك التي أجريتها مع من ذكرت هي المرجعية التي مفترض أن تشكل لديك موقفا متميزا يحيط بالمسألة من جوانبها المختلفة. بيد ان ردك الأخير يعيدني لمربع كنت وحدي قد تجاوزته لمعرفتي بك معتبرا انك لن تغير معدنك وأنني لا زلت على ذات النظرة لك واعتبر ان الخوف من احتمالات الغد أحاط بك للدرجة التي جعلك تبحث عن حلول، أية حلول، حتى لو لم تعد الحقوق لأهلها ولم تأخذ بأسباب المأزق ولا تعالج السرطان إلا بأسبرين أو مخفف للآلام. وأصارحك القول بانني بدأت من نفسي أفكر لك في تفسير لعبارتك التي أثارتني، غير انك بقولك (نصيحتي ان نتذكر بان الجمرة بتحرق "الواطيها") تعيدني لطرح سؤال واضح حول العبارة التي استفزتني. هل ندخل المؤتمر الوطني لنفكك النظام من الداخل؟ أم نحاوره كحوار المهدي والترابي وغيرهم لنجره جرا ليفكك نفسه بنفسه؟ نريد يا صديقي وصفة _"روشتة"_ وخريطة طريق لتفكيك النظام أو إسقاطه كما قلت أنت في بداية رسالتك قبل الأخيرة (ﻻ خلاف البتة حول المضمون..الهدف إسقاط النظام) وكل ذلك حتى لا نقع في المحظور ونُسَبِل الذين راحوا ضحايا عنف البادية، علما بان المقارنة ليست مواكبة، لان عنف الإنقاذ هو اﻻسوأ واقرب لعنف الفاشية والنازية والبلشفية وأخواتها. والأشد "قرفا" ويدفع للتقيؤ انه عنف مغلف بالإسلام، دين العدل والتسامح والرأفة "وما أنت عليهم بمسيطر". انه عنف ينضح عنصرية نتنة يا صديقي. في انتظار ان اسمع منك لك تحياتي، وثِقْ على احتفاظي بتقديري العالي لك. بعد ان قرأ رسالتي، وصلتني منه نفس الرسالة السابقة تقريبا، فقد كتب: مره أخرى أنبه وانصح بقراءة موضوع "فيصل مصطفى". إنه يكتب من كندا. موضوع جدير بقراءة متمعنة. اجزم بأنك ستتفق معه مائه بالمائة. وبعدها سوف أعود ﻻحقا للمناقشة. كنت قد جهزت نفسي للخروج من المنزل في أول يومي عطلة نهاية الاسبوع، الذي سبق أول أيام رمضان 2014. فكتبت له في عجالة: "اوكي" يا حبيب سأقرؤه بعد العودة من المزرعة. نواصل،،،،،، بعد ثلاثة أيام، في الحلقة الثالثة. [email protected]