إنطلاق امتحانات شهادة المرحلة الابتدائية ببنغازي    المريخ يتدرب على اللمسة الواحدة    إعلان قائمة المنتخب لمباراتي موريتانيا وجنوب السودان    بدء الضخ التجريبي لمحطة مياه المنارة    شاهد بالفيديو.. مواطن سوداني ينطق اسم فريقه المفضل بوروسيا درتموند بطريقة مضحكة ويتوقع فوزه على الريال في نهائي الأبطال: (بروت دونتمند لو ما شال الكأس معناها البلد دي انتهت)    بعد الإدانة التاريخية لترامب.. نجمة الأفلام الإباحية لم تنبس ببنت شفة    صلاح ينضم لمنتخب مصر تحت قيادة التوأمين    شاهد بالفيديو.. وسط سخرية كبيرة من الجمهور.. أحد أفراد الدعم السريع يظهر وهو يغني أغنية "هندية" ومتابعون: (أغنية أم قرون مالها عيبها لي)    شاهد بالفيديو.. وسط سخرية كبيرة من الجمهور.. أحد أفراد الدعم السريع يظهر وهو يغني أغنية "هندية" ومتابعون: (أغنية أم قرون مالها عيبها لي)    شاهد.. زوج نجمة السوشيال ميديا أمنية شهلي يتغزل فيها بلقطة من داخل الطائرة: (بريده براها ترتاح روحى كل ما أطراها ست البيت)    بعد الإدانة التاريخية.. هل يستطيع ترامب العفو عن نفسه إذا نجح بالانتخابات؟    شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون يقدمون فواصل من الرقص "الفاضح" خلال حفل أحيته مطربة سودانية داخل إحدى الشقق ومتابعون: (خجلنا ليكم والله ليها حق الحرب تجينا وما تنتهي)    دفعة مالية سعودية ضخمة لشركة ذكاء اصطناعي صينية.. ومصدر يكشف السبب    احتفال جنوني من نيمار بتتويج الهلال    "إلى دبي".. تقرير يكشف "تهريب أطنان من الذهب الأفريقي" وردّ إماراتي    في بورتسودان هذه الأيام أطلت ظاهرة استئجار الشقق بواسطة الشركات!    مسؤول سوداني يكشف معلومات بشأن القاعدة الروسية في البحر الأحمر    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    فيصل محمد صالح يكتب: مؤتمر «تقدم»… آمال وتحديات    هل تنعش التحرّكات الأخيرة عملية السلام في السودان؟    "إهانة لبلد وشعبه".. تغريدة موجهة للجزائر تفجّر الجدل في فرنسا    الفارق كبير    مدير شرطة ولاية الجزيرة يتفقد شرطة محلية المناقل    السعودية "تختبر" اهتمام العالم باقتصادها بطرح أسهم في أرامكو    العمل الخاص بالأبيض تحقق إنتصاراً كبيراً على المليشيا المتمردة    ميتروفيتش والحظ يهزمان رونالدو مجددا    السعودية تتجه لجمع نحو 13 مليار دولار من بيع جديد لأسهم في أرامكو    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    مذكرة تفاهم بين النيل الازرق والشركة السودانية للمناطق والاسواق الحرة    سنار.. إبادة كريمات وحبوب زيادة الوزن وشباك صيد الأسماك وكميات من الصمغ العربي    حكم بالسجن وحرمان من النشاط الكروي بحق لاعب الأهلي المصري حسين الشحات    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    دراسة "مرعبة".. طفل من كل 8 في العالم ضحية "مواد إباحية"    والي ولاية البحر الأحمر يشهد حملة النظافة الكبرى لسوق مدينة بورتسودان بمشاركة القوات المشتركة    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يترأس اجتماع هيئة قيادة شرطة الولاية    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    بيومي فؤاد يخسر الرهان    نجل نتانياهو ينشر فيديو تهديد بانقلاب عسكري    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    اليوم العالمي للشاي.. فوائد صحية وتراث ثقافي    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آثار الإنفصال على مستقبل العلاقات بين دولتى السودان و جنوب السودان


* محمد على أحمد محمد تورشين
* المحاضر بمركز أبحاث دراسات السلام بجامعة نيالا – السودان
[email protected]
المستخلص :
تمتاز علاقة السودان بدولة جنوب السودان بالعديد من نقاط القوى و خاصةً فى مجال العلاقات الإجتماعية و الثقافية حيث التصاهر و التداخل الإجتماعى لا سيما فى مناطق التماس و كذلك هنالك نقط ضعف تتمثل فى التمايز العرقى الثقافى بين الشمال و الجنوب و مرارات الماضى و إنعكاساتها السالبة على مستقبل العلاقات بين البلدين بإعتبار أن السودان مارس تجارة الرق و الإضطهاد و التعالى على إبن الجنوب ، و فى الجانب الإقتصادى يعتبر الجوار نقطة قوة للتكامل الإقتصادى بعد الإنفصال بإعتبار أن الشمال يمتلك وسائل النقل التقنية لتكرير البترول و تصدير النفط الجنوبى ، و هنالك نقاط ضعف فى الجانب الإقتصادى بعد ظهور إسرائيل بقوة فى دولة جنوب السودان و تسعى لإيجاد نقطة إنطلاق للسيطرة على الإقتصاد الجنوبى .
تعتبر الأبعاد السياسية هى من أخطر الجوانب التى يمكن أن تؤدى إلى إنفجار الأوضاع بين الدولتين نظراً لإختلاف الأيدولوجيا الأمر الذى تعود إلى دعم الجماعات التمردة لنظام الحكم فى الدولتين .
المقدمة :-
يقع موضوع علاقة السودان بدولة جنوب السودان الوليدة ضمن قضايا العلاقات الدولية الأمر الذى يحتم على السودانيين التعامل مع هذا الملف بما آلت إليه الأوضاع بعد الإنفصال فالنقلة النفسية التى يحتاجها الجانبان هى أنهم لم يعودوا دولة واحدة فكلتا الدولتين ذات سيادة و حقوق خاصة بالتحكم فى إقليمها الجغرافى و إستغلال مواردها و الدفاع عنها بكافة الوسائل المشروعة إبتدائاً من الوساطة و إلى التحكيم و شن الحرب .
العلاقات الدولية هى تلك العلاقات أو الروابط التى تقوم بين دولة و أخرى فى كافة أنواع العلاقات خاصة العلاقات ذات التأثير المباشر على السياسة سواء كانت إقتصادية أو أمنية و هى تشمل التبادلات و التفاعلات و الإتصالات التى تتم بين وحدات مختلفة فى المجتمع الدولى .
بالرغم من أن العلاقات بين دولتى السودان مرت بكثير من التحديات و المواجهات المسلحة و دعم الحركات المسلحة بين البلدين يمكن أن يحدث تعاون و تطور ملحوظ بين الدولتين فى كافة المجالات سيما الإقتصادية بإعتبار أن المناخ فى دولة جنوب السودان لا يتيح فرصة أكبر للزراعة لذا يعتبر جنوب السودان سوقاً كبيراً للمنتجات السودانية و سوف نتناول فى هذه الوكرقة مستقبل العلاقات الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية و الأمنية و السياسية .
مستقبل العلاقات الاجتماعية الثقافية :
يقع موضوع علاقة السودان بدولة جنوب السودان الوليدة ضمن قضايا العلاقات الدولية الأمر الذي يحتم علي السودانيين التعامل مع هذا الملف بما ألت اليه الاوضاع بعد الانفصال فالنقلة النفسية التي يحتاجها الجانبان هي أنهم لم يعودوا دولة واحدة فكلتا الدولتين ذات سيادة وحقوق خاصة بالتحكم في إقليمها الجغرافي واستقلال مواردها والدفاع عنها بكافة الوسائل المشروعة ابتداءاً من الوساطة وإلى التحكيم وشن الحرب، العلاقات الدولية هي تلك الصلات او الروابط التي تقوم بين دولة أخرى في كافة انواع العلاقات خاصة العلاقات ذات التأثير المباشر علي السياسة سواء كانت اقتصادية أو أمنية وهي تشمل التبادلات والتفاعلات والاتصالات التي تتم بين وحدات مختلفة من المجتمع الدولي.
تمتاز علاقة جمهورية السودان بدولة جنوب السودان الوليدة بنقاط قوة عديدة، خاصة في مجال العلاقات الثقافية حيث التصاهر والتداخل الاجتماعي لا سيما في مناطق التماس، ومنها التعايش الاجتماعي، وتعتبر المرحلة المقبلة من تاريخ السودان فرصة سانحة لترتيب العلاقات الخارجية بين السودان وجنوب السودان، حيث عاش السودانيون قرون عديدة متعايشين في حزام السافنا الذي تحده حدود 1956م، وعلي جانبي هذه الحدود تزاوجت العديد من القبائل اجتماعياً وثقافياً وانجبت هجيناً لا هم من سكان الشمال الجغرافي ولا هم من سكان الجنوب حيث نجد أن التزواج بين قبائل الجنوب والسودان الشمالي كافة فتقدر ب 3% حيث اندمجوا في المجتمع المحيط وعبروا عن عادات المواطنين وتقاليدهم وتطابقت دورة حياتهم مع حياة المجتمع في الختان والزواج والحج ومراسم دفن الموتي(1) .
كذلك منها انتشار عربي جوبا (اللغة العربية) ويبرز انتشار اللغة العربية والقدرة علي فهمها، نقطة قوة في هذه العلاقات إذا استخدمت بحصافة حيث تعتبر الميول الشعبية واحدة من مصادر أتخاذ القرار فإذا أستطاعت حكومة السودان أيصال رسالة ايجابية حول فوائد التعاون والتكامل من خلال البث المسموع والمرئي، فإن حكومة جنوب السودان ستجد صعوبة في أتخاذ قرارات غير منسجمة مع الاتجاهات العامة والميول الشعبية، ومهما كانت قوة الحكومة الجنوبية وعدم موضوعيتها فإنها لن تراهن علي اضعاف ثقة شعبها بها خصوصاً أن ذلك سيقدم لخصومها السياسيين فرصة واسعة لتهديد استقرارها .
في الوقت الراهن لا تملك دولة الجنوب الوليدة لغة يمكن ان تطلق عليها لغة اولي بالرغم من استخدام الصفوة المتعلمة والحاكمة بالجنوب اللغة الانجليزية واعتبارها لغة رسمية لكنها الان تغطي 8% فقط من سكان الجنوب، حيث تغطي اللغة العربية( عرب جوبا )64% من سكان الجنوب هنالك لغة الدنيكا هي مفهومة لدي40% من سكان الجنوب الا ان النوير والشلك وبقية القبائل الجنوبية لن يسلموا بها كلغة رسمية(2)
وكذلك فإن الاسلام والتعايش الاجتماعي، من بين القضايا التي يمكن أن تكون نقاط قوة داعمة لتوطيد علاقات في السودان بجنوب السودان هو التعايش الذي تم في العقود التي أعقبت الاستقلال من خلال الجوار في الاحياء والزمالة في العمل ، ومن نقاط القوي أن افراد الاسر الجنوبية يعتنقون الاسلام والمسيحية والوثنية في المنطقة الواحدة ولا يوجد أي نوع من انواع التمييز بين هذه الديانات فهم يعرفون الاسلام واعرافه وان الاعراف الوثنية اختلطت بالاعراف الإسلامية فاضحي المصطلح الاسلامي ، وكذلك منها الخدمات التعليمية حيث تعتبر الخدمات التعليمية التي يمكن ان تقدمها حكومة السودان لسكان دولة جنوب الوليدة من نقاط القوة المؤثرة، إذ أن الطلاب الجنوبيين علي إلفة بالمناهج السودانية وعلي إلفة بالاساتذة وعلي إلفة بالبيئة المدرسية والجامعية كل ذلك يؤهل السودان في استمرار لتقديم افضل العمليات التعليمية لشعب جنوب السودان(3) .
كما أن هنالك نقاط قوة في العلاقات الثقافية بين البلدين هنالك نقاط ضعف وهي: التمايز العرقي، لقد ظل التمايز العرقي الثقافي بين الشمال الجنوب الذي يصنف عربياً مسلماً، والجنوب الذي يصنف زنجياً مسيحياً نقطة ضعف في جسد السودان الموحد سيظل هذا التمايز حتي بعد الانفصال نقطة ضعف تستقطب الولاءات الافريقية في البلدان المجاورة لدولة جنوب السودان لتتخذها اجهزة الاعلام المؤازرة للشركات الاقتصادية اليوغندية والكينية للأستفراد بالتجارة والصناعة والزراعة بالميزانية التي توفرها الدول الغربية لدولة الجنوب الوليدة ،تصاحبه عمليات اقصاء للتجارالشماليين والمهندسيين والمعلميين من السودان(4) .
كذلك منها مرارات الماضي وانعكاساتها السالبة، سوف تظل مرارات الماضي التي تتعلق بتجارة الرقيق والاضطهاد والتعالي حقيقة كانت ام خيالاً مادة خصبة تستخدم لتعميق القطيعة بين السودان وجنوب السودان، ولا شك أن الدماء التي سالت في حرب 1955م من خلالانانيا الاولي والثانية سوف تظل حاجزاً نفسياً ونقطة ضعف في جسد العلاقات، كذلك منها المسيحية والوثنية، ومما هومتوقع في مقبل السنوات القادمة أن تنشط المؤسسات التبشيرية المسيحية المحلية والعالمية وأن تبذل في ذلك اقصي ما تملك من جهد لتدعيم المسيحيين بالجنوب وتتبني الثقافات الوثنية وتستقطبها وتجعل منها حاجزاً يضيق الخناق علي مسلمي الجنوب علي العلاقات بين الدولتين لذاى تحتاج الدبلوماسية السودانية جهد لتصحيح الافكار الشائعة وليس هنالك مناخ أكثر ملائمة لذلك من مناخ السلام والأمن(5) .
يرى الباحث أن هنالك تحديات تقف امام تطور وتحسن العلاقة الثقافية والاجتماعية بين السودان وجنوب السودان حيث تعتبر المنظمات الطوعية الاجنبية من التحديات الكبيرة في وجه العلاقات بين الدولتين، لا سيما أن الجمعيات تتمتع بامكانيات كبيرة وبرؤية استراتيجية ورسالة من بين اهدافها الاحتفاظ بحالة المفاصلة بين الدولتين ليس فحسب بل ان اساس هذا التحدي هو ضعف روح التطوع لدي سكان السودان فالغربيون اعتادوا علي التطوع عاماً في حياتهم لنشر ثقافتهم، بل أن بعضهم أصبح لديهم ثقافة راسخة الخروج شهراً في كل عام للتبشير بدينهم او تعليم لغتهم الاوربية .
يرى الباحث أن العلاقات الثقافية هي المدخل لتوطيد وتقوية العلاقات الاقتصادية والسياسية من خلال الاستفادة من نقاط القوة واهمها اللغة حيث تعتبر الوسيلة الوحيدة للتواصل، وايصال الرسائل الايجابية التي تدعو للتعاون من خلال تقديم منح للجامعات السودانية وانشاء مراكز ثقافية في كل المدن الكبيرة في الجنوب لتغيير الصورة السالبة تجاه السودان والاعتذار عن الممارسات اللانسانية وتفعيل أتفاقية الحريات وبث إذاعة موجهة لجنوب السودان مما يؤثر ايجاباً لبناء الثقة لعلاقات جوار حسنة واسترتيجية بين الدولتين.
مستقبل العلاقات الاقتصادية بين الدولتين :
لقد ظل جنوب السودان عبئاً علي الاقتصاد السوداني منذ الاستقلال السودان عام 1956م إلى بداية الألفية الثالثة بعد عام 2000م اكتشف النفط في الجنوب وانقلبت المعادلة واصبح الاقتصاد السوداني يعتمد نفط الجنوب، يعتبر الجوار نقطة قوة للتكامل الاقتصادي بعد الانفصال في 2011م حيث يوجد عدد من وسائل النقل المحدودة التي تربط بين الدولتين منها أنابيب النفط والبواخر المحدودة التي تربط جوبا بكوستي بجانب بعض الطرق البرية، فالتعاون الاقتصادي يحتاج إلى ارادة سياسية وسهولة الاتصال، تعتبر سهولة انتقال البضائع بين السودان وجمهورية جنوب السودان أمر طبيعي من خلال النظر إلى الماضي المشترك بالاضافة إلى مقارنتها ببقية دول شرق افريقيا لا سيما أن انسياب الأرض شمالاً إلى الانخفاض والمزاج المشترك الذي صنعته سنوات التعايش تجعل البضائع السودانية معروفة ومرغوبة بين الجنوبيين الأمر الذي يمنحها ميزا تفصيلية(6) .
من نقاط القوة الاساسية وحدة المصلح الاقتصادية بين السودان ودولة جنوب السودان وخاصة المصالح المشتركة في تصدير النفط عبر ميناء بورتسودان حيث توجد خطوط التصدير علي طول السودان من اقصي جنوبه إلى اقصي غربه وكذلك التداخل الواسع لحركة الرعي والتنقل بين القبائل الجنوبية والشمالية علي الشريط الحدودي .
بالنظر إلى ان اوجه التعاون الاقتصادي بين الدولتين، الاصل فيه النمو والازدهار نسبة للقرب الجغرافي والتكامل في العديد من الصناعات والمناخات، الا أن هنالك نقاط ضعف يمكن أن تعمل علي خفض وتيرة التبادل التجاري والتعاون الصناعي، يمكن القول بأن تداخل الملفات ومحاولة استخدام التجارة كعنصر ضغط للحصول علي مواقف سياسية هي أكبر نقاط الضعف ، فلا بد أن تدرك الخارجية السودانية أن التجارة هدف مبدئي واساسي للعلاقات بين البلدين(7) .
تعاني العلاقات الاقتصادية بين الدولتين تحديات جمة اولها التهافت الاسرائيلي علي المنطقة فاسرائيل تري السودان عدواً مزمناً فانها لن تجد سانحة الا وتنتهزها لتصفيته من سوق المنافسة الاقتصادية بدولة الجنوب، لا سيما أن هنالك علاقات بين اسرائيل والحركة الشعبية، ومن مهددات العلاقات الاقتصادية بين الدولتين الشراكات الغربية الضخمة صاحبة القدرة التنافسية علي الفوز بأي عطاء تطرحه الجهات الادارية في حكومة الجنوب(8) .
يري الباحث أهمية تفعيل الجانب التجاري والاقتصادي مع دولة الجنوب والاستفادة من الرغبة الجنوبية من نقل النفط إلى ميناء بورتسودان والحاجة إلى البضائع والمواد الاستهلاكية لأحداث انتعاش في الاقتصاد السوداني الذي يعاني من أنهيار واضح بعد الانفصال وغياب صادراته غير البترولية تكفي حاجة البلاد من العملات الصعبة يجب علي الحكومة السودانية تقديم المصالح الاقتصادية علي المصالح السياسية بالرغم من أن هذا لا يتم الا بالنظر إلى معاناة الشعب السوداني .
مستقبل العلاقات السياسية والأمنية بين الدولتين :
لقد أستمرت بعض النخب الشمالية والجنوبية تمارس العديد من الحوارات حول القضايا التي تبدو فيها الهوة متسعة، لكنها مع مضي الشهور والاعوام تلتئم رويداً رويداً حتي تتبلور إتفاقيات وبرتكولات، لقد أنشأت هذه المعانات روابط نفسية بين المفاوضيين عند الدولتين وقد تمكنوا من معرفة بعضهم البعض الأمر الذي ربما يكون مستغرباً في كل مفاوضات المصالح الثنائية مع دول الجوار الافريقي، ويعتبر البعد الإقليمي المشترك بين الدولتين مهدداً للنظرة المنفعية التي تسعي لتعظيم المنفعة للدولتين، فوقوع السودان وجنوب السودان في تجمع الايقاد يعمل علي تجاوز الخلافات الداخلية والنظر إلى مصلحة المنطقة ومن المأمول ان يعمل هذا التجمع علي تقليل الاحتكاكات والشكوك بين الدول المنتمية لتجمع الايقاد(9) .
يؤثر الصراع الجنوبي الجنوبي على العلاقات بين السودان وجنوب السودان بعد اتهام رئيس دولة جنوب السودان نائبه بقيادة محاولة إنقلابية ضدها الأمر الذي يجعل النظام يقوم بمراجعة شاملة لسياساته الداخلية والخارجية وتركيز جهوده للقضاء على التمرد الذي يدعمه السودان، الأمر الذي يؤثر بصورة عكسية في مستقبل التعاون الأمني وتطبيق اتفاقيات التعاون بين الدولتين ويعتبر هذا الصراع من أهم نقاط الضعف التي تهدد مستقبل التعاون السياسي بين البلدين(10) .
هنالك العديد من نقاط الضعف في أمكانية وجود علاقات سياسية سوية بين الدولتين، أولي نقاط الضعف هي الحصار السياسي علي السودان، فالمناخ الدولي المعادي للسودان يضع جنوب السودان مضطر إلى السير في ركب التيار الدولي الراعي إلى مقاطعة السودان ومعاداته، ومن نقاط الضعف الاختلاف في أبيي فعلى الرغم من وضوح الرؤية التاريخية والجغرافية والقانونية حول وضعية أبيي الا أنها ومن واقع المصالح الدولية ان تترك قنبلة موقوتة تأزم العلاقات بين الدولتين، والواقع أن أبيي ما هي الا نموذج العديد من نقاط التأزم علي طول نطاق السافنا مثل حفرة النحاس ودبة الفخار والمقنيص ، كاكا التجارية ، سماحة ، لاسيما القضايا العالقة، الديون والحدود .
من ناحية أخرى توجد العديد من التحديات التي تعمل علي تأزم العلاقات السياسية بين الدولتين حيث يعتبر أنعدام الثقة المتبادلة بين الدولتين من أهم التحديات، فالجنوبيون يعدون قائمة لا حصر لها من عدم ايفاء الشماليين بوعودهم، كما أن الشماليين أخذوا موقف منهم عندما قرر الجنوبيون الانفصال قبل عام من الاستفتاء، ومن التحديات، عدم أتزان الخطاب السياسي بين العديد من السياسيين والقادة الحزبيين فالعلاقات السياسية الراسخة بين الدول لا تحتمل تضارب التصريحات بين القادة السياسيين في الدولة(11) .
هنالك العديد من الجماعات السياسية الشمالية والجنوبية تريد أن تتخذ من دولة جنوب السودان ودولة السودان منطلقاً لها لتغيير النظام الحاكم في السودان وجنوب السودان بقوة السلاح ، وأن النموذج المثالي للتعاون الأمني بين الدولتين هو التوقيع علي برتوكول أمني تتساند فيه الدولتين لأخماد أي تحرك مسلح يحاول تهديد أمن الدولتين، وأن يكون الطريق الوحيد لتغيير الانظمة الحاكمة هي صناديق الاقتراع بعد التسوية الشاملة للأزمة .
بالنظر إلى نقاط القوة بأن هنالك ماضي أمني مشترك تعاونت فيه الاجهزة الأمنية بجنوب السودان والشمال قبل الانفصال للحفاظ علي الحكومة الانتقالية ولتحجيم الاختراق الأمني الذي كان أن يقع في الماضي .
أما نقاط الضعف في مسار التعاون الأمني بين الدولتين فهي طول الحدود المشتركة أضف إلى ذلك ان هذه الحدود متعرجة ومتداخلة وغير مستقيمة وغامضة، مما يستنزف كثير من الموارد في مراقبتها ناهيك عن حمايتها في حالات الحرب(12) .
يري الباحث أن مستقبل العلاقات بين الدولتين سيمر بمرحلة من التوتر في كثير من الاوقات وتعتبر المناطق المتنازع عليها بالاضافة إلى القضايا العالقة (الديون والحدود) وايواء الحركات المسلحة من قبل الدولتين بالاضافة إلى التجارب التاريخية للانفصال علي المستوي الإقليمي والدولي (أريتريا عن اثيوبيا، باكستان عن الهند) والمرارات الجنوبية تجاه الشمال والنظرات الاستعلائية الشمالية، بالأضافة إلى الاختلاف الايدلوجي بين المؤتمر الوطني الذي يحكم السودان والحركة الشعبية التي تحكم الجنوب كل هذه العوامل تجعل أمكانية تحقيق جوار حسن وآمن أمر في منتهي الصعوبة الا إذا تجاوز الطرفان كل التحديات وترجيح المصالح الاقتصادية والثقافية لشعبي البلدين مقابل مصالح الانتجسيا لبناء علاقات استراتيجية علي المستوي البعيد، وإمكانية عودة السودان إلى الوحدة بعد الانفصال فهذا امر ليس بالصعب بعد التسوية الشاملة للأزمة السودانية والاعتراف بحقوق الاقليات والشعور بالعدالة الاجتماعية لمواطني جنوب السودان يمكن أن يعود السودان إلى ما قبل الانفصال في ظل فدرالية حقيقة كما اعادت ألمانيا .
الخاتمة :-
تناولت الورقة "آثار الإنفصال على مستقبل العلاقات بين دولتى السودان و جنوب السودان" بالرغم من أن العلاقات بين الدولتين شهدت توتراً فى الفترات السابقة . تعتبر المرحلة المقبلة من تاريخ السودان فرصة سانحة لتقريب العلاقات الخارجية بينهما ، حيث عاش السودانيون قرون عديدة متعايشين فى حزام السافنا الذى تحده حدود 1956م ، و على جانبى هذه الحدود تزاوجت العديد من القبائل و أنجبت هجيناً لأهم سكان الشمال الجغرافى و لأهمية سكان الجنوب حيث نجد أن التزاوج بين قبائل الجنوب و الشمال تقدر ب 30% ، لذا بالرغم من حدوث الإنفصال بأغلبية أن هنالك الكثير من الروابط حيث عربى جوبا لغة التواصل الأعلى فى الجنوب و غيرها من الجوانب تشكل مدخلاً لتحسين و تطوير العلاقات بين الدولتين و إمكانية معالجة أسباب الإنفصال لإعادة النظر في وحدة مستقبلية أو إتحاد كنفدرالى – و من خلال الدراسة توصل الباحث إلى :
1/ التعالى الثقافى و الإجتماعى كان له دور كبير فى الإنفصال .
2/ التضرر الإقتصادى الكبير لدولتى السودان و جنوب السودان بسبب الإنفصال الأمر الذى أدى إلى إنهيار الإقتصاد فى البلدين .
3/ دعم الحركات المتمردة و إيوائها و إختلاف الأيديولوجيا له دور فى التوتر الذى تشهده العلاقات بين البلدين .
من خلال الدراسة يوصى الباحث بالآتى :
1/ معالجة أسباب و دوافع إنفصال جنوب السودان حتى لا تتكرر نماذج الإنفصال من خلال عقد مؤتمر دستورى يوضح الحقوق و الواجبات و يؤسس التبادل السلمى للسلطة .
2/ التركيز على الجوانب الإقتصادية و بعض الجوانب السياسية لتطوير بين البلدين و الإبتعاد عن الخلافات السياسية .
3/ تأسيس إتحاد كنفورالى بين البلدين ليؤسس لوحدة مستقبلية .
* قائمة المصادر :
1/ عبد الرحمنح أحمد عثمان ، الأسس الإستراتيجية لدولة الجنوب الوليدة ، ورقة قدمت ضمن مؤتمر الجمعية السودانية للعلوم السياسية ، الخرطوم فى الفترة من 28 – 29 نوفمبر 2010م ، ص 14 .
2/ المصدر نفسه ، ص 27 .
3/ مصعب عبد القادر وداعة ، التفاوض حول مستقبل شمال و جنوب السودان ، مجلة الوطن للدراسات ، العدد 5 ، ينيو 2011م ، ص 25 .
4/ المصدر نفسه ، ص 27 .
5/ محمد على أحمد محمد تورشين ، آثار الإ%نفصال على حاضر و مستقبل العلاقات بين السودان و جنوب السودان ، رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير فى العلوم السياسية "غير منشورة" 2014م ، ص 144 .
6/ المصدر نفسه ، ص 147 .
7/ محمد إبر اهيم الحسن ، مستقبل العلاقة بين السودان و جنوب السودان ، مجلة الأكاديمية العسكرية ، العدد 7 ، نوفمبر 2012م .
8/ محمد إبراهيم الحسن ، مصدر سابق ، ص 45 .
9/ المصدر نفسه ، ص 47 .
10/ محمد حسين أبو صالح ، المنظور الإستراتيجى لعلاقة السودان بجنوب السودان ، مجلة الأكاديمية العسكرية ، العدد 75 ، نوفمبر 2012م ، ص 25 .
11/ المصدر نفسه ، ص 25 .
12/ Report of center of striate gican Imterm action al stoics on uis policy to wards sadam Caus hing tam PC , Fed 2005- P . T


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.