بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    علماء يكشفون سبب فيضانات الإمارات وسلطنة عمان    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاثار الجيوسياسية و الإستراتيجية لإنفصال جنوب السودان "الحدود و المياه" :

* المحاضر بمركز أبحاث و دراسات السلام – جامعة نيالا – السودان
[email protected]
المستخلص :
بعد إنفصال جنوب السودان إتفق الطرفان على أن تكون حدود 1/1/1956م هى الحدود الدولية بين الدولتين إلا أن هنالك بعض المناطق إختلف الطرفان حولهما و هى "أبيي ، كاكا التجارية ، حفرة النحاس ، سماحة ، جودة ، المقنيص" بإعتبار أن هذه المناطق ذات أهمية إستراتيجية ، حيث يقدر إحتياطى نفط أبيي ب 8 مليار برميل و المستكشف حوالى 30% ، و هذا النفط أحد أسباب الصراع بين الدولتين . و قد كان للقرار الأممى 2046 دوراً كبيراً فى تحقيق نوع من الإستقرار النسبى فى الحدود و المناطق المتنازع عليها بالرغم من أن أبناء أبيي قاموا بتنظيم إستفتاء شعبى و قرروا الإنضمام لدولة جنوب السودان و المجتمع الدولى رفضوا هذا الإستفتاء و ستظل المناطق المتنازع عليها و قضايا الحدود أحد أسباب الصراع فى المستقبل بين الدولتين و كذلك قضية حصة السودان من مياه النيل حيث ترفض حكومة الجنوب تقاسم حصة السودان من إتفاقية 1955م و إنضمت للإتفاق الإطارى لتقسيم المياه "عينتبى" الذى يدعو إلى إعادة تقسيم مياه النيل و قد يتعارض هذا الموقف مع موقف الحكومة السودانية الذى يتقارب مع الموقف المصرى الأمر الذى يضع دول الحوض مع مواجهة مع دولتى مصر و السودان .
المقدمة :
الحدود بقدر ما فى ظاهرة سياسية و إستراتيجية فهى كذلك أمنية و دفاعية فى المقام الأول و لذا إرتبط مفهوم الحدود بالدفاع عن الدولة و تأمينها ، فالحديث دائماً عسكرى و أمنى و من أهم الأهداف الإستراتيجية و هو أمر لا يقبل المساومة أو التأويل و التدويل و بالتالى الدفاع عن الحدود هدف إ ستراتيجى لأى دولة و قد تكون الحدود مصدر قوة أو ضعف أو تهديد لذا تشكل الحدود مظهراً من مظاهر الصراع و التوتر فى كثير من دول العالم ، الحدود بين الدول تظل أحد بؤر التوتر الكامنة التى يسهل إثارتها فى أى وقت إنطلاقاً من الطبيعة الخاصة لهذه الحدود ، فى شأنها و تطورها و علاقاتها التفاعلية مع واقع الدولة ، تعتبر قضية المياه من القضايا الجيواستراتيجي بعد التطور الصناعى و كثرة الإستخدام المنزلى للمياه و بسبب الجفاف و التصحر قادت الكثير من الدول حروب من أجل المياه حيث أصبحت تجارة المياه من الأعمال المربحة فى الإقتصاديات الوطنية لأهمية النيل ترفض بعض الدول تجديد إتفاقيات 1929م ، 1955م بإتفاقيات تحقق العدالة فى توزيع المياه بعد التحولات الديموغرافية سكان دول حوض النيل الأمر الذى يؤدى إلى صراع بين دول الحوض و دولة المصب و تعتبر مصر نفسها وصية على نهر النيل – لذا سنتناول فى هذه الورقة قضايا الحدود و المناطق المتنازع عليها بي نالسودان و جنوب السودان و قضية مياه النيل و رؤية الدولتين حولهما بعد إنفصال الجنوب .
الحدود:
الحد هو الحاجز بين شئيين ومنتها هو حده ، أي الفاصل بين شئيين حتي لا يختلطان ، اصطلاحاً هو خط وهمي يفصل قطعتين من الأرض عن بعضها فالحدود جمع الحد فهي عبارة عن خط يحيط بالدولة ويفصل أقاليمها عن أقاليم الدولالمجاورة بها وتبدأ سيادة الدولة داخل نطاقه وتنتهي سيادتها خارج نطاقه ، وهي ظاهرة بشرية لأن أختيارها وتعيينها وتخطيطها يتم بواسطة الانسان ، وقد تختلف او تتفق الحدود مع بعض الظواهر الطبيعية كالجبال والأنهار وغيرها(1) .
صنفت الحدود إلى حدود طبيعية وأخرى صناعية حيث نجد أن الحدود الطبيعية يقصد بها حدود تتفق في سيرها مع ظواهر الطبيعية كالجبال والانهار وخط تقسيم المياه اما الحدود الصناعية هي حدود يصنعها الانسان باستخدام العلامات كالاعمدة الخرسانية والأحجار وغيرها ، الادوات التي يصنعها الانسان هي سمة العصر الحديث تتفق الدول علي ترسيم الحدود بينها ووضع العلامات للفصل بين الدول المتجاورة(2) .
تحديد الحدود يعني تعيين وتوضيح الحدود بين الدول بين بالوصف المكتوب علي الورق في أتفاقيات أو قرار قضائي أو معاهدات ربما تكون مصحوبة بخرائط تذكر فيها المظاهر الطبيعية التي تمر بها الحدود، وبذلك عملية تحديد الحدود هي السابقة لعملية التخطيط ، ويتوفق نجاح عملية التخطيط والترسيمعلي الدقة فيعملية التحديد ، أما تخطيط وترسيم الحدود فهو نقل الخط الموصوف في الورق والمرسوم علي الخرائط علي الطبيعة وعلي أرض الواقع بحيث يتفق مع التحديد المتفق عليه بين الاطراف المعنية بذلك ، ويجب أن تشمل عملية التخطيط وضع علامات مميزة علي طول الحدود المزمع تخطيطها وترسيمها ، هنالك طريقتان في تحديد الحدود بين الدول الطريقة الاولي : هي تبني حدود قديمة والطريقة الثانية : هي تحديد حدود جديدة(3) .
حدود الأول من يناير 1956م الادارية التي تفصل شمال السودان من جنوبه منذ بدايات الحقبة الاستعمارية للسودان وحتي عام الاستقلال يمكن أن تكون حدود سياسية دولية بين دولة السودان ودولة جنوب السودان، وقد أشارت الأتفاقية في الجزء الثالث الفقرة (3) حكومة جنوب السودان المادة (3 1)علي انشاء حكومة جنوب السودان علي اساس الحدود القائمة بتاريخ 1/1/1956م وقد جاء في دستور حكومة السودان الانتقالي لسنة 2005م في الباب الحادي عشر الفصل الاول الخاص بإنشاء حكومة جنوب السودان الفقرة (159) إنشاء حكومة في جنوب السودان بحدوده في الأول من يناير 1956م تعرف بحكومة جنوب السودان وتتكون من أجهزة تشريعية وتنفيذية وقضائية(4) .
بالرغم من أن دولة جنوب السودان قامت علي حدود 1/1/1956م التي نجدها أكثر تعرجاً في الحدود الشمالية والشرقية والغربية لمديريات أعالي النيل وبحر الغزال بحدودها السابقة الأمر الذي قاد لوجود عدد كبير من المناطق المتنازع عليها بين دولتي السودان وجنوب السودان وهي دبة الفخار وهي منطقة تقع علي بعد اربعة كيلو مترات جنوب منطقة جودة بولاية النيل الابيض ويتمحور الخلاف فيها حول مساحتها التي لا تتعدي كيلو مترين شمالاً وجنوباً ، تستند حكومة السودان دفوعتها تبعية المنطقة إلى وثيقة صادرة عام 1920م وفي يوليو1956م حدث تغيير إداري بالحدود تعتبره الحكومة السودانية غير ملزم ولا يؤخذ به في القانون الدولي كما أن نيفاشا حددت ترسيم الحدود كما هي عند الاستقلال(5) .
وكذلك من المناطق المتنازع عليها منطقة جبل المقينص حيث تقع المنطقة في مساحة حدودية بين ثلاث ولايات النيل الابيض وجنوب كردفان بالسودان ولاية أعالي النيل بجنوب السودان ، يدور الخلاف بين الطرفين علي المنطقة التي تبعد نحو147 كلم جنوب غرب مدينة كوستي حيث فهم الجنوبيون أن المعني هو وقوع المنطقة بسبب تفسير خاطئ لترجمة about. شمال خط 12 ، وكذلك منطقة كاكا التجارية وهي تفصل بين ولايتي جنوب كردفان وولاية أعالي النيل بين خطي عرض 10ْ 11ْ تعتمد الحكومة السودانية في موقفها علي وثيقتين من الحاكم العام قبل استقلال السودان حيث قضي بنقل كاكا التجارية من أعالي النيل إلى جنوب كردفان عامي 1923 1929م ولم تلغ تلك الوثائق حتي الآن ، بينما تعتمد حكومة الجنوب في وثائقها علي خريطة السودان وجنوب السودان بتاريخ 1956م(6) .
كذلك من المناطق المتنازع عليها كافي كنجي ( حفرة النحاس ) منطقة تقع في جنوب دارفور تبلغ مساحتها 13كم2 ، تعتمد الحكومة السودانية في موقفها علي وثيقة صادرة عام 1944م من مدير مديرية دارفور إلى نظيره في بحر الغزال يطلب فيه إدارة حفرة النحاس إنابة عنه لأنها تبعد عنه قليلاً وتنقطع عنه في فصل الخريف ، كذلك سماحة تقع في ولاية شرق دارفور وتبعد أكثر من (30) كيلو متر شمال خط حدود 1/1/1956م وتقع علي مجري بحر العرب(7) .
يرى الباحث أن للقرار (2046) الأثر الايجابي في عملية تحقيق السلام والاستقرار بين البلدين بعد الاعتداء واحتلال هجيلج من قبل دولة جنوب السودان إلى التسوية السلمية للمنازعات وعدم تغيير الحدود السياسية بقوة السلاح ، في 12/ مارس/2013م وقع السودان وجنوب السودان علي أتفاقية مصفوفات للتعاون فيما يتعلق بالحدود نصت مصفوفة الحدود علي تشكيل لجنة لترسيم الحدود و فريق فني مشترك وحددت المصفوفة فترة 3 اشهر لأنتهاء من ترسيم الحدود من بداية عمل اللجنة الا أن الأوضاع ما زالت قائمة حول المناطق المتنازع عليها .
يرى الباحث أن قضية الحدود لا يمكن حسمها بالمفاوضات الثنائية بالرعاية الافريقية وانما يتفق الطرفان دولة السودان وجنوب السودان بالذهاب إلى محكمة التحكيم الدولية لحسم قضية الحدود لأن المناطق المتنازع عليها ذات أهمية استراتيجية لا يمكن لأي طرف القبول بتبعيتها للطرف الآخر الا بالقرارات الدولية الملزمة ، لان قضية الحدود مرتبطة بالملف الأمني ودعم الحركات المسلحة بين الدولتين .
قضية أبيي:
أبيي تعني بالعربية شجرة الدبكر ، وهي شجرة محكمة الناظر كوال، يقول الدينكا (أبيت كوال) أي شجرة كوال ثم حرفت الكلمه من ابيت إلى ابيي وهذا أحد معان الكلمه ، كما ان العرب يطلقون علي موقع أبيي الحالي اسم (نمورا) وذلك لكثرة النمور في هذه المنطقه والعرب تسمي مواقعها بالاشياء الموجوده فيها أو الأحداث التي قامت فيها فنجد مناطق حول ابيي مثل الزراف والتقل والحلوف وغير ذلك . تقع منطقة أبيي وهي التي تعيش فيها كل من قبيلة المسيرية الحمر والدينكا نقوك في الجزء الجنوبي الغربي من ولاية غرب كردفان بين خطي عرض 30,4 ْ – 11,5 ْ شمالا وخطي طول 27.10 ْ – 30 ْ جنوباً في مساحه تبلغ 25 الف كيلومتر مربع ، أكبر انهار هذه المنطقه هو بحر العرب وهنالك أنهار صغيره أخرى تعرف (بالخيران) تمتلئ فترة الخريف وتجف خلال فترة الصيف وهي توفر مياه الشرب للمواطنين وأنعامهم ، وهذا الموقع المتفرد مع قوة المراعي وخصوبة الاراض جعل منها منطقة زراعية رعوية ممتازة . يفد إليها الدينكا نقوك والدينكا حجير من بحر الغزال والنوير من أعالي النيل والرزيقات من جنوب دارفور(8) .
تمتاز هذه المنطقة في الشمال بطبيعة تنتمي إلى السافنا الفقيرة التي تتدرج إلى سافنا غنية تمتد جنوباً حتي بحر العرب ، يتبع هذا التدرج تدرج ايكولوجي في الغطاء النباتي متمثلاُ في النبانات العشبية الفقيرة التي تنمو علي الرمال عند الجهات الشمالية حيث تكثر اشجار الابنوس عند مدينة بابنوسة ويتواصل هذا التدرج متدرجاًً في شكل كثبان رملية في الجهات الجنوبية للمنطقة(9) .
يتبع هذا التدرج تدرج طبواغرافي وسكاني حيث يسكن عدد كبير من القبائل مثل المسيرية الحمر العجيرات الذين يتوغلون إلى الجنوب ، وقبائل المعاليا وقبائل الداجو والفلاتة والبرقو ويمثل المسيرية الحمر ودنيكا نقوك الغالبية العظمي لسكان منطقة ابيي ، ويمكن تقسيم العلاقة بين المسيرية الحمر ودنيكا نقوك إلى رابع مراحل : المرحلة الاولي هي مرحلة ما قبل الاستعمار حيث تميزت بالعلاقات الودية والمرحلة الثانية وهي فترة الحكم الاستعماري اتسعت العلاقة السلمية وخضع الطرفان لسلطة مجلس واحد تحت اشراف البريطانيين أما المرحلة الثالثة ما بعد الاستقلال تميزت بحلول الموظفين السودانيين محل الموظفيين البريطانيين والمصريين وضعف دور الحكومة في التوسط للتسويات والصراع حول السلطة وأهمال المديريات الأمر الذي قاد إلى حوداث عام 1964م بين المسيرية الحمر والدنيكا نقوك أما المرحلة الرابعة :فهي مرحلة تدويل العلاقة بين المسيرية ودنيكا نقوك وتحويل العلاقة إلى صراع حول المنطقة حيث اتسع الصراع وادخلت قضية ابيي أجندة التفاوض بين الحكومات السودانية المتعاقبة والحركة الشعبية(10) .
ما هو معروف أن ظهور البترول في غرب كردفان بصفة عامة ومنطقة ابيي بصفة خاصة هو أحد أسباب تأزم المشكلة بحسبان أن عنصر البترول لديه أهمية أقتصادية بالغة الاهمية ، حيث يقدر احتياطي نفط ابيي ب 8 مليار برميل والمستكشف حوالي 30% وسيظل البترول بأبيي وما حولها أحد اسباب الصراع بين السودان وجنوب السودان(11) .
الصراع حول ابيي :
ورد اول موقف رسمي لحكومة السودان فيما يتعلق بأبيي في اتفاقية الخرطوم للسلام 1997م التي نصت علي انه تمت مناقشة مشكلة ابيي ويحال أمر حلها نهائياً إلى مؤتمر حول ابيي، والذي كان مبنياً علي اتفاقية الخرطوم للسلام: ابيي موطن دنيكا نوك والمسيرية وغيرهم ليست جزءاً من الجنوب وبأعتبارها منطقة تعدد عرقي وثقافي وواحدة من المناطق الاقل نمواً في البلاد فإن ابيي لها مشاكلها الخاصة بها وأن حكومة السودان مستعدة لمناقشة تلك المشاكل(12) .
ورد في برتوكول ابيي في أطار اتفاقية السلام الشامل الفقرة التالية: تعتبر منطقة ابيي من أكثر مناطق النزاعات في السودان توتراً من الناحيتين (الاستراتيجية والاجتماعية) خاصة أن للمنطقة دور كبير في انهيار اتفاقية اديس ابابا عام 1972م وكادت أن تعصف بمفاوضات السلام الأخيرة بضاحية نيفاشا الكينية 2004م ، لا بد من الوقوف علي برتوكول ابيي والتعرف علي تاثيره في العلاقات بين المسيرية والدينكا نقوك هو جزء من أتفاق السلام الشامل الموقع في نيفاشا 2005م الذي ينص علي اجراء استفتاء عام 2011م تقرر بموجبه ابيي للألتحاق إما بالشمال او الجنوب علي ان يتم إقرار إدارة مشتركة إلى ذلك الحين، كما يحدد البروتوكول كيفية تقاسم عائدات النفط للمنطقة بين حكومة الوحدة الوطنية وحكومة جنوب السودان بالاضافة إلى تأكيده علي حقوق الرعي بالنسبة لرعاة المسيرية الذين يعيشون في شمال أبيي(13) .
كما ينص البروتوكول علي تكليف مفوضية لترسيم حدود ابيي ،ونسبة لتعقد وتشابك قضية ابيي فإن بروتوكول أبيي كان آخر ملف تم حسمه في المفاوضات نسبة إلى تباعد الخلافات بين الطرفين المتفاوضيين حول وضعية المنطقة ولم يرفق البروتوكول وهو في الأصل مقترح أمريكي قدمه المبعوث (جون دانفورث) الذي لعب دور الوسيط غير المباشر في المفاوضات في شمال ابيي ، اعطي البروتوكول سلطة الاشراف علي أبيي إلى مؤسسة الرئاسة السودانية وحدد فترة أنتقالية تمنح خلالها أبيي وضعاً إدارياً خاصاً بحيث يصبح المقيمون في أبيي مواطنين في كل من جنوب كردفان وبحر الغزال ويكون لديهم ممثلين في المجالس التشريعية في الولايتين كما خصص البروتوكول لأبيي نسباً من عائدات النفط وهي ست حصص تحصل فيها حكومة المركز علي 50% وحكومة الجنوب 42% ومنطقة بحر الغزال 2% وغرب كردفان2% والقبائل المحلية 4% في ولايتي بحر الغزال وغرب كردفان(14) .
أنشئت إدارة لمنطقة أبيي عملاً بالدستور الانتقالي لجمهورية السودان وبعد الاطلاع علي القرار الجمهوري الخاص بإعتماد خارطة طريق تنفيذ برتوكول أبيي نص القرار علي ان تكون الحدود الجغرافية المؤقتة لأدارة منطقة أبيي وفقاً للخريطة المرفقة بالمرسوم الجمهوري رقم 146 دون المساس بنتيجة التحكيم الدولي علي أن تمنح المنطقة وضعاً خاصاً تحت رعاية رئاسة الجمهورية لأن ابيي جسر بين الشمال والجنوب يربط شعب السودان كما أن سكانها مواطنين بكل من ولايتي جنوب كردفان واراب ، تكون ادارة منطقة أبيي ممثلة وشاملة لكل سكان المنطقة حسب تعريف برتوكول ابيي علي أن يدير المنطقة مجلس تشريعي يتكون من رئيس للأدارة ونائب وخمسة رؤساء إدارات(15) .
عينت رئاسة الجمهورية مرشح الحركة الشعبية رئيساً للأدارة ومرشح المؤتمر الوطني نائباً له وذلك من بين سكان منطقة أبيي، وحدد المرسوم الجمهوري مهام المجلس التنفيذي في تقديم الخدمات اللازمة وابتدار للمصالحة الوطنية وتعزيز الاستقرار والاشراف علي الأمن والاستقرار في المنطقة ونص القرار علي أنشاء لجنة أمن منطقة أبيي برئاسة رئيس الادارة وحتي يضمن المجتمع الدولي تطبيق بنود أتفاقية السلام الشامل تم أخضاع بروتوكول أبيي إلى رقابة دولية تساهم في تنفيذ الاتفاق وذلك بنشر مراقبين دوليين في أبيي لضمان التنفيذ الكامل لهذه الاتفاقات ، كما حدد البرتوكول نهاية المرحلة الانتقالية (ست سنوات) يجري سكان أبيي بعدها استفتاءً منفصلاً بالتزامن مع الاستفتاء جنوب السودان لتحديد تبعية المنطقة للشمال او الجنوب(16) .
لكن البرتوكول خضع بعد أشهر إلى التعديل حيث دعا إلى أنشاء (مفوضية) تقوم بترسيم حدود أبيي تتكون من خمسة أعضاء يمثلون الحكومة السودانية وخمسة يمثلون الحركة الشعبية وخمسة محايدين يتم تعيينهم من كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والايقاد مهمتهم الاستماع إلى ممثلي أهل منطقة أبيي وجيرانهم كما تستمع إلى ما يقدمه الطرفان بالاضافة إلى ذلك يرجع الخبراء في المفوضية إلى الوثائق التاريخية في بريطانيا والمصادر الأخرى عن السودان بغرض التوصل إلى قرار يكون مستنداً إلى التحليل العلمي والبحث الدقيق(17) .
أبرم الطرفان الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان برتوكول أبيي وملحقاً خاصاً به تحددت فيه خطوات الوصول إلى حسم النزاع تبدأ الاجراءات بتشكيل لجنة من الخبراء يعيين كل من الطرفين خمسة أعضاء بالأضافة إلى ممثل أمريكي وممثل بريطاني وثلاثة أعضاء تعينهم الإيقاد ومهمة اللجنة الاطلاع علي المستندات والوثائق داخل وخارج السودان علي أن تستعين بالخرائط لكي تقوم بمهمتها الاساسية وهي رسم حدود منطقة مشيخات الدنيكا نقوك التي انتقل الاشراف الاداري اليها عام 1905م من مديرية بحر الغزال إلى مديرية كردفان ولا علاقة للجنة بمن يوجد الآن في المنطقة .
مكثت اللجنة ستة أيام وسط المسيرية والدنيكا واستمعت لشهادات 104 شخص في عشر مدن هي أبيي وقولي وفول والوميلويا ولاو ويلايل وشقي ولوكجي وأقوك والمجلد ، هذه المدة القصيرة والأماكن الكثيرة التي زارتها المفوضية لا يمكن للخبراء من الوصول إلى الحقائق والخروج بقرار مبني علي دراسة متأنية نابعة من الواقع المعاش في المنطقة وتاريخها وهذا واضح من تقسيم الخبراء لمنطقة يقطنها الالاف بل الملايين من السودانيين بخطوط مستقيمة دون مراعاة لحقوقهم(18) .
كما أقر الخبراء منذ البداية بأنه لا توجد خريطة تبين المنطقة التي كان يقطنها دنيكا نقوك في عام 1905م ، وبعد وجود وثائق كافية تثبت ذلك ، او قدرتهم علي شرح المعلومات المتوافرة ومقارنتها بما هو موجود من دلائل ملموسة فتح لها المجال وجعلهم يتصرفون دون قيود وطبقوا ارائهم الخاصة التي ربما تكون مبنية علي الدين والعرف والخلفيات التاريخية لديهم مثل تجارة الرقيق وتسلط العرب، فأستبعدوا جانباً من اهل المنطقة ( المسيرية ) وأعتبروهم غير موجودين وأعتبروا كل ما قدمه الجانب الاخر ( دنيكا نقوك ) تفصيلي وحقيقة لا يمكن الطعن فيها ، وقدموا الاقتراح للحركة الشعبية بأن الحد يجب يمر بخط مستقيم علي طول خط العرض 10 درجات 3 دقيقة شمالاً والذي يدخل مساحات غير منطقية ضمن حدود الجنوب(19) .
كان اتفاق إحالة النزاع إلى لجنة الخبراء جعل الطرفين للرجوع إلى خمسة مصادر هي الاعراف المحلية وأتفاق السلام الشامل ودستور السودان المؤقت وأتفاق إحالة النزاع فضلاً عن قواعد العدالة ، كما يقضي أتفاق الطرفين بأنه إذا تعذر قبول التقرير من الطرفين يحال النزاع إلى محكمة العدل الدولية التي تقرر ما إذا كان تقرير اللجنة قد تجاوز الصلاحيات الممنوحة له من مؤسسة الرئاسة، فتقوم المحكمة بمهمة اللجنة وهي ترسيم وتحديد حدود منطقة أبيي المحددة مكاناً وزماناً ( حدود 1905م ) وبهذا لم يتم تحديداً إذا كانت اللجنة قد عملت وفق مهمتها المحددة من قبل المحكمة بتحديد خطوات تنفيذ تقرير اللجنة وقد عملت وفق مهمتها المحددة حيث قامت المحكمة بتحديد خطوات تنفيذ تقرير اللجنة، غير أن الحكم صدر مقرراً تجاوز خطوات الخبراء اختصاصتها فأحيل الأمر برمته إلى المحكمة الدولية(20) .
في مارس 2008م اعتمد الطرفان (الحكومة والحركة الشعبية) اتفاقاً عرف باسم المصفوفة، علي أن تجلس الرئاسة في كنفه بشكل دائم لحل أزمة ابيي وفي (ديسمبر 2008م) من نفس العام قامت الحركة الشعبية بتسمية القيادي في الحركة ادوار لينو وهو ينتمي إلى قبيلة دنيكا نقوك في أبيي مشرفاً سياسياً لأبيي ، وبعد أسابيع وصل المدينة علي رأس قوات الحركة مما أثار حفيظة مليشيات المسيرية وكذلك الحكومة ، حيث تم رفض الخطوة واعتبروها بمثابة فرض للأمر الواقع وطالبوا لينو بالخروج من ابيي حسب أتفاق ابيي الذي ينص علي عدم تواجد قوات الحركة الشعبية في المنطقة طوال الفترة الانتقالية ولكن لينو ظل يرفض الخطوة ويردد في تصريحاته بأنه مشرف سياسي واداري في المنطقة ويتعقد المراقبون أن وصول لينو إلى ابيي هي الخطوة التي عجلت بالانفجار الذي احال المدينة إلى صحراء ومدينة اشباح حسب تعبير المسئولين في الأمم المتحدة علي خلفية أشتباكات عنيفة وقعت في الثالث عشر من مايو 2009م بين قوات جنوبية منضمة إلى الجيش السوداني وقوات الحركة الشعبية ، جلس الطرفان لوضع خريطة طريق لحل النزاع حول أبيي دون أخضاع المنطقة للتحكيم الدولي(21) .
قضية التحكيم في النزاع حول أبيي نادرة لأنه للمرة الاولي يعرض نزاع داخلي بين حكومة وإقليم علي تحكيم دولي فقد تمسكت الحركة الشعبية خلال مفاوضات نيفاشا 2004م التي دعتها الابقاء واصدقائها بأن منطقة أبيي تتبع للجنوب علي اساسها أن أتفاق السلام الشامل يقوم علي مشاطرة السلطة والثروة وأنه الأتفاق نفسه نص علي ان الجنوب يحدد مصيرها في أستفتاء يجري بعد ست سنوات من بدء تنفيذ الاتفاق إذا كانوا يرغبون في البقاء ضمن السودان أو الانضمام إلى الجنوب ، ترسيم حدود منطقة أبيي قضية معقدة حيث لم تنتهي بالحكم الصادر من المحكمة الدائمة للتحكيم في لاهاي 22/7/2009م(22) .
بعد زيارات من الوفود الحكومية والوفود التابعة للحركة الشعبية إلى مقر المحكمة في لاهاي وبعد الاستماع إلى اراء ودفوعات الطرفين وبعد الرجوع إلى تقرير لجنة الخبراء والنظر في الخرائط والمستندات التي دفع بها الجانبان إلى منضدة المحكمة تم تحديد يوم 22/7/2009م كيوم الفصل في القضية وحينها أشتدت حدة التوتر بين اطراف النزاع ما بين متوجس وما بين متشكك في امر تبعية منطقة أبيي وما بين مراقب للحدث . أشار قرار محكمة العدل الدولية إلى أن قبيلتي دنيكا نقوك والمسيرية سوف تحتفظان بحقوقهم التاريخية الراسخة في أستخدام الأرض شمال هذه الحدود وجنوبها ، حيث رحبت الحكومة السودانية والحركة الشعبية وإعتبروها إنجاز تاريخي لم تستطيع الحكومات السابقة التوصل اليه ، جاءت ردود الفعل الدولية تجاه القرار متفائلة بإعتبار أن هذا فصل من فصول أتفاقية السلام قد تم تطبيقه وأن نتائجه مرضية بجميع الاطراف بما فيها حلفاء الحركة الشعبية من الدول الغربية(23) .
يرى الباحث أن قرار محكمة أبيي في نظر الكثيرين متوازناً حيث قبل أجزاء من تقرير لجنة الخبراء واستبعد اجزاء وكانت الحصيلة أن أعطي مناطق الرعي والانهار للدنيكا ومنطقة البترول للمسيرية ووجد القرار ترحيباً محلياً وعالمياً حيث إنه أعتبر قراراً توفيقاً أستطاعت به المحكمة حقن دماء السودانيين كان من المتوقع أن يجري الاستفتاء علي أبيي بالتزامن مع الاستفتاء جنو السودان الا أن الظروف الموضوعية والعقبات والتحديات وقفت عائقاً أمام قيام الاستفتاء لمنطقة ابيي لتحديد تبعية للدولة الجنوب او البقاء في دولة السودان ، حيث شهدت المنطقة جملة من الصراعات المسلحة بين المسيرية ودنيكا نقوك كان أبرزها مقتل ناظر دنيكا نقوك ( كوال دنيك)من قبل ميلشيات مجهولة الهوية يعتقد أنها تتبع للمسيرية حيث أستهدفت سيارته بقذائف (اربجي) وكان كوال والوفد المرافق له في زيارة لمعرفة حدود أرض هم التي منحتها لهم لاهاي (محكمة التحكيم الدولية) .
أعلنت اللجنة العليا لأستفتاء أبيي بجنوب السودان أنها ماضية في اجراء أستفتاء أحادي في أبيي يعبر فيه عشائر دنيكا نقوك عن رأيهم في الفترة من 27 29/10/2013م بالرغم من أعلان حكومة الجنوب علي لسان وزير الاعلام في المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم 30/10/2013م حيث قال من حق مواطني أبيي التعبير عن رأيهم ولكن عن طريق الاجراءات القانونية وأن حكومة الجنوب ليس طرفاً في هذا الاستفتاء الاحادي ، بالرغم من قرار مجلس السلم والأمن الافريقي رقم ( 397) الذي يدعو إلى ايقاف الاستفتاء في منطقة أبيي إلى حين الاتفاق بين حكومتي السودان وجنوب السودان(24) .
عقد (رومانو جون) المتحدث الرسمي لمفوضية إستفتاء أبيي مؤتمراً صحفياً بمقرالمفوضية بمدنية أبيي أوضح أن نتائج الاستفتاء الاحادي لمنطقة أبيي هي الانضمام الكامل لدولة جنوب السودان وأن عدد المسجلين فيه (1375) ونسبة التصويت 100% من جانبه قال الرئيس السوداني أنه يسعي مع رئيس جنوب السودان لمعالجة أزمة المنطقة ، اما ناظر عموم قبائل المسيرية/مختار بابو نمر أشار إلى وجود المسيرية بكل عتادهم في منطقة الداير علي بعد 15كلم شمال أبيي مؤكداً تأهب المسيرية لأسواء الاحتمالات في سبيل الدفاع عن أرض اجدادهم(25) .
يري الباحث بأن كل الخيارات لأدارة النزاع حول منطقة ابيي متاحة كما يمكن أن تشهد المنطقة حرب طاحنة علي أثرها ستتدخل الأمم المتحدة لأدارة المنطقة سيتم إجراء استفتاء برعاية دولية لتحديد تبعية المنطقة للسودان أو لجنوب السودان.
المياه :
ليس هنالك من شك بأن المياه أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي لأي دولة من الدول فهي اساس حياة الانسان والحيوان والنبات ، لم تكن المياه جزءاً من الأمن القومي في الماضي نسبة للقدرة علي محدودية أستقلالها من ناحية ، ونسبة لمحدودية المحتاجين إليها من ناحية أخرى كانت المياه ضرورية للشرب والزراعة والتنقل فقط واليوم أضيف إلى ذلك توليد الطاقة والعمليات الصناعية والسياحة بالتالي أصبحت من العوامل الاساسية للنمو الاقتصادي بالاضافة إلى ازدياد معدلات حجم السكان التي تتطلب ازدياد مواكباً في كمية المياه العذبة لهذا صارت المياه تشكل هاجساً دائماً لكل الدول(26) .
هنالك علاقة وطيدة بين الأمن المائي والاستقلال الاقتصادي والسياسي ، فتحقيق الاول يؤدي إلى ضمان تحقيق الثاني فايه دولة لا تستطيع تأمين ثروتها المائية من مخاطر السيطرة الخارجية تكون دولة عاجزة من تحقيق أمنها السياسي والاقتصادي وعندما تضعف دفاعاتها ضد المطامع الخارجية في ثرواتها المائية تفقد الدولة تدريجياً سلطتها علي الكيان الجغرافي والسياسي والاجتماعي ، وعندما تفقد الدولة قدرتها علي تأمين مصادر الغذاء للمجتمع لتستوعب الحاجات الاقتصادية المتزايدة بسبب فقدانها السيطرة علي ثرواتها مما يدفعها إلى الاستدانة من الخارج وما يتبع ذلك من قبول أضطراري للتخلي عن سيادتها(27) .
أنضمت دولة جنوب السودان 10/6/2013م إلى الاتفاق الاطاري (عينتبي) حيث وقعت علي الأتفاقية في 4/15/2010م دول حوض النيل وشمل يوغندا واثيوبيا ورواندا ويورندي وتنزاينا وكينيا ، وقد بقيت ثلاث دول لم توقع حتي الآن مصر والسودان والكنغو الديمقراطية ، ينص الاتفاق علي انشاء مفوضية جديدة تسمي (مفوصية حوض النيل ) يكون ضمن عملها تلقي اقتراحات المشاريع المائية علي النهر بالرفض او القبول لا يشير الأتفاق الاطاري الجديد الذي وقع في(عينتبي) إلى أي حصص محددة للدول الحوض في تقاسم مياه النهر ، لكنه يلغي اتفاقيتي1929م و 1959م والخلاف الدائر بين مصر والسودان مع دول المنابع يدور حول أتفاقية عام 1929م التي وقعت بين(مصر وبريطانيا ) فدول المنبع لا تعترف بهذه الاتفاقية لأنها وقعت نيابة عنها في وقت الاستعمار وهي ليست طرفاً فيها بدعوى أنها تشكل عقبة كبيرة في سبيل تطورها وتنمية مواردها الزراعية لمواجهة متطلباتها الجديدة في التوسع الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي لسكانها(28) .
الخاتمة :
تناولت الورقة الآثار الجيو استراتيجية و الإستراتيجية لإنفصال جنوب السودان .
لقد عانت دولتى السودان و الجنوب السودان من عدم حسم و حل القضايا المتنازع عليها بين البلدين من إغلاق الحدود و التأثير الإقتصادى بين الدولتين حين تضرر مواطنى جنوب السودان من إنعدام المواد الإستهلاكية و التموينية و فقد الإقتصاد السودانى سوقاً مهماً لتصدير الموارد الإستهلاكية ، و يمكن حل قضايا الحدود بين الدولتين من خلال الوساطة الأفريقية و لإستخدام العقوبات الإقتصادية و السياسية ضد الدولة التى لا تتجاوب مع القرار 2046 الذى يلزم أطراف الصراع بالتسوية السلمية و يمكن أن تشهد العلاقات بين البلدين تطوراً و إزدهاراً إذا تم تحويل مناطق النزاع إلى مناطق تكامل إقتضادى شامل .
فيما يتعلق بقضية المياه و بعد توقيع دولة جنوب السودان على الإتفاق الإطارى يجب على السودان مراجعة موقفه بشأن إتفاقية 1955م . و من خلال الدراسة توصل الباحث إلى عدد من النتا ئج :
1/ الحدود ذات أهمية إستراتيجية و أمنية أكثر من أنها تفصل بين الدول .
2/ عدم حسم و حل القضايا الحدودية بين السودان و جنوب السودان قد يؤدى إلى حرب بين الدولتين على غرار ما حدث فى هجليج .
3/ لعب القرار 2046 دوراً مهماً فى إستقرار الحدود بعد ال هجوم على منطقة هجليج .
4/ إنضمام دولة جنوب السودان إلى الإتفاق الإطارى يعبر عن مواقف إستراتيجدية لأهمية المياه فى المستقبل .
و من خلال الدراسة يوصى الباحث بالآتى :
1/ اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لحسم قضايا الحدود و فرض عقوبات للدولة التى ترفض تنفيذ قرارات المحكمة .
2/ عدم توفير الدعم العسكرى و اللوجستى لأبناء أبيي من قبل دولتى السودان و جنوب السودان .
3/ إعادة تقسيم مياه النيل بين دول حوض النيل و مصر و السودان بما يحقق الأمن المائى للدول كافة .
4/ الفصل التام بين قضايا الحدود و الإختلاف الأيدلوجي و الفكرى و عدم تسهيل مرور الجماعات المسلحة بين الدولتين .
قائمة المصادر :
1/ بدر الدين رحمة محمد ، الصفوة السودانية و صناعة الإنفصال ، مجلة دراسات مجتمعية ، العدد 5 ، يونيو 2010م ، ص 10 .
2/ محمد على أحمد محمد تورشين ، آثار الإنفصال على حاضر و مستقبل العلاقات بين السودان و جنوب السودان ، رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير فى العلوم السياسية من جامعة أمدرمان الإسلامية " غير منشورة" ، 2014م ، ص 17.
3/ أسامة على زين العابدين ، النزاع بين شمال السودان و جنوب السودان فى حالة الإنفصال ، مجلة الراصد للدراسات ، العدد التاسع ، ديسمبر 2010م ، ص 5
4/ المصدر نفسه ، ص 9 .
5/ محمد على تورشين مصدر سابق ، ص 21 .
6/ المصدر نفسه ، ص 25 .
7/ أسامة على زين العابدين ، مصدر سابق ، ص 15 .
8/ عمر سليمان آدم ، أبيي نزاع المسيرية و الدينكا ، الماضى و الحاضر و مستقبل السودان ، (الخرطوم : ديوان الحكم الإتحادى) ، 2007م ، ص 2
9/ Jeserh dunner , gedj , dictionary of scien celcomdor . vison prest , 1968 , p23 .
10/ محمد عيسى عليوه ، العلاقات التاريخية بين الرزيقات و الدينكا ، الخرطوم ، دار عزة للنشر 2002م ، ص 7 .
11/ المصدر نفسه ، ص 10 .
12/ سليمان محمد الدبيلو ، أبيي من شقدوم إلى لاهاى ، الخرطوم ، هيئة للصحافة و النشر 2010م ، ص 61 .
13/ سليمان محمد الدبيلو ، مصدر سابق ، ص .
14/ المصدر نفسه ، ص ، 2008م .
15/ جبارة محمد جبارة ، تطور العلاقات السيوسياسية فى السودان و دورها فى تعزيز الوحدة الوطنية (المسيرية الحمر و الدينكا نقوك أبيي نموذجاً) مجلة دراسية مجتمعية ، العدد الخامس ، يونيو 2007م ، ص 151 .
16/ المصدر نفسه ، ص156 .
17/ المصدر نفسه ، ص158 .
18/ عبد الرحمن ارباب ، رصد و تحليل مشكلة أبيي بعد تقرير الخبراء (الخرطوم : مطابع العملة) 2008م ، ص 92 .
19/ المصدر نفسه ، ص101 .
20/ سليمان محمد الدبيلو ، مصدر سابق ، ص 208.
21/ المصدر نفسه ، ص209 .
22/ محمد على تورشين ، مصدر سابق ، ص 31
23/ المصدر نفسه ، ص 35 .
24/ محمد عيسى عليوة ، مصدر سابق ، ص 18 .
25/ المصدر نفسه ، ص 21 .
26/ إكرام محمد صالح ، الأبعاد الدولية لمياه النيل فى حالة إنفصال جنوب السودان ، ورقة قدمت ضمن مؤتمر الجمعية السودانية للعلوم السياسية فى الفترة 28 – 29 نوفمبر 2010م ، ص25 .
27/ المصدر نفسه ، ص 27 .
28/ المصدر نفسه ، ص 31 .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.