المشروع الحضاري نحروه أم انتحر (8) بالمناسبة :- أين المشروع الحضاري ؟ الصحفي د/ خالد التجاني النور – متسائلا نقول :- دُفن في الفساد والإفساد في تجزئة البلاد وإفقار العباد قيل إنه انتحر وذلك ليس ببعيد ولكنهم نحروه وهذا قول أكيد لا أربط بين بقاء السودان والحكومة، ولكن أرى أن تكون هناك معادلة سياسية تحفظ التداول السلمي للسلطة وذهاب الإخفاقات وانتهاء الحروب والتوافق على نظام جديد، والآن النظام أخذ دورته أربعا وعشرين سنة، هذه ليست سهلة في عمر الأجيال، وما لم تنجزه الحكومة في هذه المدة فلن تنجزه في دورة جديدة، ولكن افتكر أن ذلك ليس نقدا ولكنه كلام موضوعي ، وهذه الحكومة ليست ملكية، الذي يأتي للبلد يظل يحكم طول العمر. بروفيسور حسن مكي يجف نهر السياسة عندما لا تجد من ينحتٍ فكرة تغيير مجرى الروتين يبذل فيها الناس جهد الذهن والتفكير، عندما لا تجد من يبتدر مبادرة تأخذ الألباب وتوقظ الضمائر حين يفقد جهاز الدولة الوجهة ويخبط خبط العشواء. بشير الطاهر صدقت نبوءتى بأن المؤتمر الوطنى دواء فقد صلاحيته ، كارثة إنفصال الجنوب والمشكلات الإقتصادية والسياسية تتحملها قيادات الصف الأول فى الوطنى . د/ قطبى المهدى المشروع الحضاري: – الحلم الموءود والتغيير المنشود في فقرة من الميثاق التأسيسي للحركة الوطنية للتغيير ورد الأتي: فإذا كانت أهدافنا الصغيرة والكبيرة قد تساقطت وإذا كانت مؤسساتنا الاقتصادية والسياسية قد تأكلت وإذا كانت علاقاتنا الداخلية والخارجية قد تمزقت، أفلا يجب علينا أن نعيد النظر في مجل أوضاعنا الوطنية، فنضع أهدافا سياسية جديدة ونرتب أوضاعنا الدستورية والاقتصادية ترتيبا آخر، ثم إذا كان نظام الإنقاذ فقد صلاحيته "بشهادة أهله" وصار يترنح كم تترنح القوى السياسية المتحالفة معه والساعية لوراثته، فماذا نحن منتظرون؟ أما آن لنا أن نبدأ في صناعة مستقبل بديل؟ فنبلور منظومة من المبادئ الجديدة ينعقد عليها إجماعنا، ونصمم في ضوئها مشروعا وطنيا لمرحلة ما بعد انفصال الجنوب ولما بعد نظام الإنقاذ ولما بعد النفط. فى حوار مع صحيفة التيار بتاريخ 2 نوفمبر 2014( العدد 1141) يجيب دكتور قطبى المهدى قائلاً ( أتذكر أننى قبل عامين ذكرت فيما يتعلق بالإصلاح أن المؤتمر الوطنى إذا لم يستطع ان يأتى برؤى جديدة فسيصبح أنه كان علاجاً جيداً جداً ثم فقد صلاحيته وتلاحظ ان نبؤاتى السيئة تحققت إلى حد كبير والآن نحن أمام مشكلات كبيرة جداً لم نعمل على علاجها فى الفترة الماضية والآن نحن غارقين فيها ، سواء كان مشكلات فى الإقتصاد او الأمن او التعليم أو النظام الفيدرالى أوغيرها من المشكلات ذكرها الرئيس فى خطابه ولو تابعت خطاب الرئيس بشكل جيد ذكر منها أربع أساسية قال إنها تحديات تواجه الحزب ولكن السؤال لماذا وجدنا أنفسنا أمام هذه الإشكلات فالإجابة أن الحديث حول هذه المشكلات كان مستنفراً من البعض وكان هؤلاء يقفون موقف الدفاع عن أنفسهم اكثر من أن يواجهوا هذه المشكلات .ويجيب على سؤال آخر بقوله ( لكن حقيقة احب أن أقول إن الناس وخلال مراجعتها للفترة الماضية وجدت إخفاقات كثيرة حملتها القيادات التى كانت تعمل مع الرئيس سواءً كانت فى الجهاز التنفيذى للدولة أو الحزب وهذة القيادات حملت إخفاقات كبيرة ولو تحدثنا مثلاً عن إنفصال الجنوب كارثة كبيرة جداً والوضع الإقتصادى وعدم الإستقرار السياسى إلى حد ما كل الناس حملت هذه القيادات المسؤولية . فى صحيفة التيار العدد 1067 يعترف القيادى الإسلامى امين بنانى قائلاً ( معظم الاهداف والغايات الكبيرة المرجوة من التغيير الذى حدث فى 1989 لم تتحقق وتم الإبتعاد عنها ،إذ أن الإسلاميين فشلوا فى تقديم انموذج إسلامى وضعى يمكن أن يقتدى به الآن ، ولم يتم فى ظل الإنقاذ المحافظة على وحدة البلاد ، وتم إنفصال الجنوب ولم تتوقف الحرب فى السودان خلال هذه الفترة ، وضُعف النسيج الإجتماعى وتراجعت معدلات النمو الإقتصادى في البلاد وإتسعت دائرة الفقر ) . في كتابه زلزال الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إيديولوجيا أم عقائد؟ يكتب د/ منصور خالد قائلا: إن مفجري الثورة الإسلامية في السودان كانوا على يقين بأنهم يملكون مشروعا نهضويا، أو إن شئت حضاريا للارتقاء ببلادهم، وأن الهدف من إستئثارهم بالحكم هو تحقيق ذلك المشروع النهضوي، أولا يحق للناس أن يتسألوا حتى لا يغمطوا ولا أحداً أشياءه ما هي "الانجازات الحضارية" التي أكملها إسلاميو السودان؟ وما هي تلك التي لم يستكملونها في قرابة ربع قرن من الزمان ولهذا يريدون أن يربضوا بالمكان ربضا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا؟ الرسالات الحضارية فيما نعلم، تسعى في المقام الأول إلى تعمير النفوس قبل عمارة الأرض ولا يكون ذلك إلا بركز قيم الدين المعيارية في النفوس وغرسها في العقول، ثم من بعد صيانة وحدة الآمة، لبسط العدل والأمن والطمأنينة العامة في ربوعها ، توفير المناخ الذي يهيئ لأهلها ما يوفر مطالبهم الحاجية ويسد مفارقهم حتى يغنيهم الله عمن سواه، الذي يسعى لتحقيق هذه المقاصد لا يحتاج لربع قرن لكيما يقتنع الناس بجديته في تحقيقها، لقد حكم عمر الفاروق رضي الله عنه الأمة لفترة دون العشر سنوات (634 – 643ه) وحكمها من قبله أبوبكر لفترة عامين (632 – 634ه) ثم حكمها عمر بن عبد العزيز من بعدهما في دولة الملك العضوض لثلاثة أعوام (717 – 720) في هذه الفترة القصيرة أرس ثلاثتهم قواعد ركزة للحكم الصالح قوامها "الصدق في القول" فالصدق أمانة والكذب خيانة والانتصار للضعيف من القوي "الضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له حقه، والقوي ضعيف عندي حتى آخذ منه الحق إن شاء الله" العبرة إذن ليست بسن الحكم وإنما بصدق العزيمة. ويستطرد قائلا: من بين الجماعات السياسية السودانية لا توجد جماعة سعت لتأهيل نفسها للحكم والإدارة مثلما سعت الجماعة الإسلامية بانبعاث شبابها للتأهيل والتدريب في كل مجالات الحياة – الاقتصاد ، العلاقات الدولية ، الإعلام والمعلوماتية، اللغات، وعندما فعلت هذا لم تدفع بشبابها للنهول من هذه المعارف في الحوزات العلمية في إيران، وإنما في معاهد العلم في بريطانياوفرنسا وأمريكا إدراكا منها لما يستلزمه العصر من تأهيل للحكم, فما هو الحصاد من كل هذا الزرع، خاصة في الجانب المعنوي، الانجازات المادية، كما حدثنا التاريخ لا تجيز بمفردها استئثار جماعة بالسلطات وإقصاء الآخرين عنه، أو تطيل من عمر تلك الجماعة في الحكم.لو كان هذا هو الحال لما نفى نابليون الذي أرسي قواعد الدولة وأشاد دور العلم، وسن القوانين التي ظلت تحكم بها فرنسا حتى العهود الحديثة. الحصاد الذي يتوقعه الناس من جماعات ذات توجه حضاري رسالي هو في المجال المعنوي والأخلاقي، ولئن ظن ظاناً أن الانجاز الأكبر من ذلك الجانب هو إغلاق الحانات وتحريم الخمور في الأماكن العامة وحمل النساء على ارتداء ما يسمى باللبس المحتشم، وحث العاملين على أداء الصلوات في دور العمل – فتلك رغم أهميتها – أمور ظل يؤديها بقدارة المطاوعية في أسواق جدة والرياض والطائف دون حاجة لدراسات عليا في بريطانيا وأمريكا. بهذا المقياس يصبح نتاج المشروع الحضاري ، قلة زاد وضعف حصاد وغلة لم تفي بما أنفق على زراعتها ، أوليس الأولى في وضع كهذا أن لا تأخذ القوم عزة بالإثم فيثوبوا إلى الله ويستدركوا من الأمر ما استدبروا حتى يعودوا وغيرهم إلى كلمة سواء يصبح معها السودان ملكاً لأهله. وكما قيل (( لايوجد في التاريخ الحديث والقديم ، وفي ملل الكفر والاسلام ، حركة سقطت مثل هذا السقوط وتخلت عن مبادئها في فترة وجيزة مثل الحركة الإسلامية السودانية )) . [email protected]