إنني لا أكذب ولا اعتدي على ملكية غيري ولا ارتكب الخطيئة وقلبي ينفطر لمعاناة الفقراء إنني لا اقتل شخصا دون جرم يستحق القتل ولا أقبل رشوة لأداء عمل غير شرعي ولا أدفع بخادم استجار ني إلى صاحبه ولا أعاشر امرأة متزوجة ولا انطق بحكم دون سند ولا انصب الشراك للطيور المقدسة أو اقتل حيوانا" مقدسا" إنني لا اعتدي على ممتلكات المعبد -الدولة- أقدم العطايا للمعبد إنني أقدم الخبز للجياع والماء للعطشى والملبس للعري افعل هذا في الحياة الدنيا وأسير في طريق الخالق مبتعدا عن كل ما يغضب المعبود لكي ارسم الطريق للأحفاد الذين يأتون بعدي في هذه الدنيا والى الذين يخلفونهم والى الأبد خاليوت بن بعانخي - معبد البركل ***** (( برحيله عام 1956م خلّف الاستعمار وراءه آثاراً لا ينكرها إلا مُكابر: خدمة مدنية قادرة، وقضاء رفيع، وجامعة ذات بال. ولعل هذا هو السبب الذي حمل كثيراً من إخوته في المشرق والمغرب للاعتضاد به بعد استقلاله إما بحثاً عن فرص التعليم، أولصياغة الدساتير عند الاستقلال، أو لإرساء قواعد القضاء والتشريع، أو تسيير الإدارة، أو فض النزاعات التي طرأت فيما بينهم. فكلية الخرطوم الجامعية، مثلاً، هي التي دَرُب فيها الرعيل الأول من حكام اليمن الجنوبي، ودستور اليمن الجنوبي تم صوغه على يد شيخنا الجليل الراحل محمد أحمد أبورنات، وأسس الحكم الشرعي في شمال نيجريا أرساها ثلاثة من أكبر القضاة الشرعيين الراحلين: النور التنقاري، بشير الريح، محمد صالح سوار الذهب، ودستور دولة الإمارات أسهم في وضعه الدكتور حسن الترابي، وأسس الإدارة الحديثة والأمن فيما كان يعرف بالإمارات المتصالحة (Crucial States) والتي أصبحت، بعد توحيدها واستقلالها، دولة الإماراتالمتحدة، قام بوضعها نفر من القادرين من رجالات الإدارة والقانون من السودانيين. من جانب آخر لجأت المنظمات الإقليمية، أول ما لجأت، إلى السودانيين للاستفادة من دربتهم ودرايتهم في مناشط عدة مثل استعانة اللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة بمدير الخطوط الجوية السودانية، عبد الباقي محمد لوضع المشروع النموذج للخطوط الجوية للدول الأفريقية الناشئة، وانتداب منظمة الوحدة الأفريقية في بداية عهدها لكبير دبلوماسيي السودان في زمانه، محمد عثمان يس، لفض النزاع بين الجزائر والمغرب في مطلع الستينات، واستدعاء الأممالمتحدة له لوضع أسس تدريب الدبلوماسيين في الدول الأفريقية التي استقلت حديثاً. لكل هذه الأسباب أطلق الأمين العام الثاني للأمم المتحدة، داق همرشولد، على النخبة السودانية اسماً يبعث على المسره: "بروسيو أفريقيا" (The Prussians of Africa). وقد عُرف البروسيون، ومنهم بسمارك، بشدة المراس، وقوة الشكيمة: وعندما وفد الى السودان قبيل رحلته المشئومة إلى الكنغو التي لقي فيها حتفه، أبلغ همرشولد وزير خارجية السودان محمد أحمد محجوب عن عزمه على اختيار أول أفريقي من السودان ليصبح نائباً للأمين العام للأمم المتحدة وسكرتيراً تنفيذياً للجنة الاقتصادية للأمم المتحدة بأديس أبابا. مرشحه للمنصب يومذاك كان هو الراحل مبارك زروق، زعيم المعارضة بالبرلمان السوداني، إلا أن تقديره للسودانيين ارتفع كثيراً عندما أبلغه المحجوب أن السودان لا يستطيع التخلي عن زعيم معارضة في قدرة زروق على تدبير الأمور وتسويتها. وهكذا اتفق السياسيان السودانيان، محجوب وزروق، على ترشيح الأستاذ مكي عباس للمنصب. هذا جزء من التاريخ نستذكره لا من باب النوستالجيا، فالنوستالجيا شوق مرضي لما فات، وإنما لاستكشاف الظروف التي جعلت بلداً كان في بداهة استقلاله محط أنظار العالم البعيد والقريب ينتهي به الأمر إلى بلد إخوة أعداء ينهش الواحد منهم لحم الآخر، ولايبالي بذلك إلا لماماً. الاستعمار ليس بسامري بيد أن الاستعمار لم يكن سامرياً فاعل خير، وإنما كان دولة غازية جاءت بها إلى السودان مصالح حيوية يسعى إلى تحقيقها بأقل التكاليف. من ذلك حصر التنمية في الشمال النيلي: الشمالية والسودان الوسيط ما بين النيلين. فتلك هي الرقعة التي تتسع فيها الأراضي الصالحة للزراعة، وتغمرها المياه، وتتوفر فيها العمالة ذات الدربة في الزراعة، إضافة إلى قربها من المرافئ البحرية لأن الاقتصاد السوداني كان، في جوهره، اقتصاد تصدير من المستعمرات إلى المتروبول. هذا النموذج المثال للتنمية (Development Paradigm) أغفل، بطبيعته، كل الغرب (كردفان ودارفور)، والشرق باستثناء بورتسودان، والنيل الأزرق، ثم الجنوب. ولعل الأخير سقط تماماً من حساب المستعمر لأسباب عدة منها عدم استقرار رأيه على أن كان الجنوب سيبقى جزءً من الشمال أم يلحق بمستعمرات شرق أفريقيا، كما منها التخلف المريع الذي كان عليه الجنوب والتكلفة الباهظة للإرتقاء به. المشروع التنموي الوحيد الذي أقامه البريطانيون في نهاية أربعينيات القرن الماضي كان هو مشروع أنزارا الإعاشي والذي أطلق عليه منشئوه الدكتور توتهل (مدير الزراعة، ومن بعد أول مدير لكلية الخرطوم الجامعية) وصفاً لا يخلو من التهوين من قدر المنتفعين بذلك المشروع "تجربة في النشوء الاجتماعي للسلالات الأصلية في المناطق النائية". (Experiment in Social Emergence of Indigenous Races in Remote Areas). لهذا، فإن خلف الاستعمار عند خروجه مؤسسات تعليمية وإدارية ذات قدارة إلا أنه أيضاً ترك من وراء ظهره قنابل زمنية إن لم تقتلع في الوقت المناسب، سيقود انفجارها إلى خراب واسع وأذى عميم))* ****** ان جل الحروب في الماضي والآن دوافعها رأسمالية لذلك أهدرت قيمة الإنسان ولكن هناك حروب نبيلة بغرض إعلاء قيم عليا قادها السودان عبر العصور ..سمع بعانخي أن هناك حاكم مصري يهين الخيول فجرد له حملة وهزمه ودمر ملكه واحتل مصر وقسمها أقاليم وجاء بأول مشروع للحكم الإقليمي اللامركزي عبر التأريخ ولاحقا أيضا أرسل ابنه ترهقا إلى أورشليم لحماية أول دين سماوي نزل على الأرض من طاغية بابل نبوخذ نصر والأشوريين ...واستمر السودانيين "رماة الحدق" عبر العصور في نشر رسالة السودان الحضاريةSudan Manifest Destiny في قوات دفاع السودان في الحرب عالمية الأولى والثانية وبعض الحروب العربية..وأيضا في السلم بنو دول الخليج واليمن وبعض الدول الإفريقية وانتشر السودانيين في العالم والأممالمتحدة بقيمهم حتى أمريكا حيث ذهب عمنا الشيخ ساتي ماجد 1902ونشر الإسلام "الأصل" في ديترويت وعاد إلى السودان وتآمر عليه المصريين من علماء الأزهر ولم يستطع العودة إلى أمريكا لإكمال رسالته أو البقاء في المركز مع "علاجيم" مؤتمر الخريجين 1934 ونقيقهم المخزي واثر الانزواء في قريته البعيدة "الغدار" حيث دفن هناك ويجله الأمريكيين حتى الآن..جل سكان العالم يقدرون السودانيين ما عدا حفنة من الأوغاد المصريين من النخب المؤدلجة من اواسيج الخديوية ومن كان على شاكلتهم من العربان وظلت مصر تهيمن على الريادة الفكرية والسياسية عتوا واستكبارا في مستوى الناصرية والإخوان المسلمين والأخيرة أفسدت بها العالم عبر القاعدة و داعش والسودان أيضا وظل البشير ورهطه المفسدين وصمة عار وعبء على الرسالة الحضارية للسودان لاستعادة المدنية والقيم عبر العالم...الذي أضحى قرية صغيرة و مستنقع كبير بسبب الهيمنة المصرية المشوهة التي لا تتعدى فكر الإخوان المسلمين وذلك مبلغهم من العلم..* تعريف اينشتاين للغباء " هو فعل نفس الشئ مرتين بنفس الأسلوب ونفس الخطوات مع انتظار نتائج مختلفة...وهذا ما تفعله النخبة السودانية وإدمان الفشل بالسودان الآن و عبر العصور ... ****** هوامش كتاب السودان –مقال للدكتور منصور خالد- السودان تناقص الأوتاد تكاثر الزعازع.. [email protected]