من أجل أن يضمن المجتمع الدولي حمايته لحقوق الإنسان الطبيعية – تلك الحقوق التي حصل عليها من أصل خلقته حيث خلقه الله حراً وفى أمن وإستقرار – كان لابد له من التفكير بالطريقة التي يضمن من خلالها تحقيق هذا الغرض (حماية حقوق الإنسان) من الاعتداء عليها وانتهاكها. وقد أخذت هذه المهمة(حماية حقوق الانسان ) جانباً كبيراً من اهتمام المختصين في قضايا القانون الدولي، فقد أدركوا ضرورة إيجاد الوسائل الكفيلة بحماية الحقوق الطبيعية للأنسان. و في سبيل تحقيق هذا الغرض سار المجتمع الدولي – على مدى حقب من الزمان – خطوات في هذا المجال واتخذ وسائل عديدة على مدى الأزمان وقد تمثلت تلك الوسائل في: 1 الوسائل ذات الطابع التشريعي والقانوني، وذلك بصياغة قانون عالمي لحقوق الإنسان. 2 عقد المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي يمكن من خلالها تنظيم الحقوق المدنية وغيرها. 3 حماية الاقليات والمطالبة بتوفير الحريات لهم. 4 منع التفرقة بين الناس بكافة أنواعها العرقية، والدينية، والتفرقة التي تقوم على أساس اللون، واللغة. 5 و آخر هذه الوسائل كان إنشاء المحكمة الجنائية الدولية. هل يمكن لمحكمة كهذه في ظل الظروف الحالية التي تسود العالم إن تحقق الغرض الذي أنشئت لأجله أم إن هناك عوائق يمكن أن تحول بينها وبين غرضها؟ إن الإجابة على سؤال كهذا تقتضي منا التعرض لمجموعة من النقاط نخرج من خلالها بصورة واضحة تعكس لنا بجلاء الجواب على السؤال المتقدم. والنقاط مورد النظر نلخصها بالتالي: 1 ما هو الغرض الذي من اجله أنشئت المحكمة( هو أن بكون الجميع متساوين في امتثالهم أمام الحق والعدل) 2 ما مقدار الاستقلالية التي تعمل هذه المحكمة في إطارها ( ليس للمحكمة تلك الاستقلالية التي تتمكن من خلالها على العمل وإصدار الأحكام بحرية تامة بعيداً عن مصالح الدولى التى تسيطر على مجلس الامن بحق الفيتو ) 3 من هو المنفذ للأحكام الصادرة من المحكمة ( إن المنفذ هو مجلس الأمن الدولي) سياسة الكيل بمكيالين حالة الصين فى السودان وروسيا فى سوريا 4 و أخيراً الكيفية التي يتم من خلالها تنفيذ أحكام المحكمة ( لا يمكن لاحكام المحكمة ان ترى النور يوماً ما لم يتم الاتفاق دوليا على هيئة مستقلة تنطلق من مصالح الدول كافة تمنح صلاحية تنفيذ أحكام المحكمة بعيداً عن سلطة وتأثير الدول الكبرى المذكورة ) وعلى خليفة حالة دارفور فى السودان أرى الاتى:- قد تلاحظ لنا أن هنالك عوائق وعراقيل قائمة فى وجه هذه المحكمة تجعلها عاجزة تماماً عن القيام بواجبها كهيئة مستقلة والاهم من ذلك هو حالة الشعور بفقدان الثقة بين الضحايا المجنى عليهم والمحكمة ذاتها ؟ إضف الى ذلك حالة الاستفزاز والتحدى القائم بين الجانى المجرم الذى يتمتع بكامل حريته فى مواجهة المحكمة التى يفترض عليها القيام بواجب حماية القانون الدولى الانسانى من حالة الانتهاكات المتكررة والجسيمة لحقوق الانسان ؟ وهذه العوائق تمثلت فى الاتى:- 1. حتى الان لم تستجيب كافة الدول لطلب الانضمام لميثاق روما - سواء بالتوقيع أو المصادقه - وخاصة بعض دول مجلس الامن الدولى ذات حق النقض فى لعبة المصالح المشتركة (حالة الصين والسودان / وحالة سوريا وروسيا) 2. عدم تعاون بعض الدول سواء كانت من اطراف المحكمة أو غير طرف بالمحكمة وان حالة عدم التعاون مع المحكمة شكلت منفذ للجانى من الافلات من العقاب والتمادى فى الانتهاكات (حالة الرئيس السودانى فى سفره للخارج وعودته المتكررة ) 3. الضغط المتواصل على مكتب المدعى العام من طلبات مع العلم بان مكتب المدعى العام فى طور التاسيس ولايملك الامكانيات التى تؤهله للقيام بكل هذه المهام فى كافة انحاء العالم وحالات انتهاكات القانون الدولى الانسانى 4. شح الموارد المالية والدعم المفروض يشكل حماية لاستقلالية هيئة المحكمة بكافة فروعها وعدم قدرتها على توفير الدعم اللازم للمجنى عليهم والشهود وحمايتهم وإنشاء صندوق لتعويضهم 5. حماية الشهود وحفظهم فى مكان آمن حتى لايصل اليهم الجانى ويشكل خطر عليهم وعلى كشف المعلومات وسرية تداولها داخل مكتب المدعى العام مما يؤثر على سير التحقيقات والمحاكمة وفى كثير من الحالات يستند المدعى العام فى دفوعاته الى معلومات مضلله وغير كافية وفى بعض الاحيان تنعدم لدية الشهادة والمستندات ؟ 6. ضعف آليات المطالبه والضغط من قبل الضحايا والمجنى عليهم مقابل الدور الذى تقوم به بعض الدول الكبرى فى حماية مصالحها لدى دولة الجانى ؟ المحامى إسماعيل أحمد رحمة رسالة دكتورة فى القانون الجنائى الدولى (إجراءات القبض والتقديم أمام المحكمة الجنائية الدولية والمسؤولية الجنائية لرئيس الدولة عن الجريمة الدولية ومشكلة الحصانات في القانون الدولي) [email protected]