أكاد اجزم لو إن الشريف زين العابدين الهندي الأمين العام المكلف من الهيئة الخمسينية بمهمة تنظيم قواعد الحزب والترتيب لعقد أول مؤتمر عام في تاريخ حزب الحركة الوطنية الذي حقق أول أغلبية برلمانية وكون حكومة وطنية منفردا للمرة الوحيدة في تاريخ السودان أكاد اجزم لو انه تجاوب مع مشروع هيئة دعم وتوحيد الحزب لكان الحزب هو صمام الأمان في مؤسسة ديمقراطية تتمتع منفردة بالحكم ولما شهد السودان صراعات السلطة والتحالفات المتنافضة بعيد عن أي رقابة مؤسسية فاعلة وقادرة على حمايته ولكن الشريف أجهض مشروع الهيئة وأصبح حليفا لزعيم الطائفة الذي لم يهدر الفرصة لينصب نفسه رئيسا للحزب دون ان ينتخبه احد حتى على مستوى الهيئة الخمسينية ساعده على ذلك إن الأحزاب السياسية التي تحركها الرغبة في السلطة وتبحث عن التحالفات كانت لها مصلحة في أن تتعامل معه بصفته رئيس الحزب خاصة وان الشريف نفسه سكت عن هذا الخروج على أهم مبادئ الديمقراطية وهو الذي كلف بالعمل على تنظيم الحزب لعقد مؤتمر عام يملك وحده تسمية رئيس للحزب ولقد كشف الميرغنى عن موقفه الرافض لمشروع التوحيد الذي قصر وجوده فقط كراع لا شأن له بالسياسة فحشد طائفته في الكلاكلة يوم جمعة وخاطب حشده المبرمج بصفته رئيس الحزب واصدر بيانا من الكلاكلة أعلن فيه عن عقد مؤتمر عام للحزب وذهب لان يحدد موعدا له ويكون له لجنة مناهضة لهيئة الدعم مع إن قاعدة الحزب نفسها لم تنتظم ولم يكن إعلان الكلاكلة إلا لخلق نوع من الضبابية والدليل على ذلك إن مؤتمره هذا لم يتحقق على الصعيد العملي بعد إن هدفه وأجهض مشروع الهيئة مستفيدا من موقف الأمين العام صوريا وشكلا أما الطامة الكبرى فلقد نشطت الحركة الاتحادية في الأبيض عاصمة كردفان والتي انتظمت فيها قواعد الحزب من المدن المختلفة وكانت مديرية كردفان أكثر مناطق السودان رفضا لهيمنة الطائفة وأسرة المراغنة وبادرت كردفان بعقد أول مؤتمر عرفته إي منطقة في السودان توطئة لتنظيم الحزب قاعديا ولكن الشريف أمين عام الحزب فاجا المؤتمر لدى مخاطبته للمؤتمر في افتتاحه عندما الجم السنة منظمي المؤتمر وهو يعلن باسمهم ترشيح الميرغني رئيسا للحزب مما افشل المؤتمر ولم يعد له وجود ومع إن الميرغني لم يكن بحاجة لما أعلنه الشريف لأنه مبدأ رافضا أن يكون منتخبا ويعتبر رئاسته للحزب حق للأسرة ولزعيم الطائفة إلا إن إعلان الشريف بترشيحه قوى من ثوب الرئاسة الذي ارتداه دون وجه حق ودون أن تنتخبه أي جهة وجاءت قاصمة الظهر التي شيعت الحزب يوم اعتقلت الحركة الإسلامية عند استيلائها على السلطة في الثلاثين من يونيو بانقلاب عسكري اعتقلت السيد محمد عثمان الميرغني بين رؤساء وقادة الأحزاب السياسيين وأودعته كوبر التي حل فيها لأول مرة في حياته( سياسيا مناضلا) على غير العادة ولو إن الإنقاذ أمهلته قبل الاعتقال مهلة من الزمن لتلقت منه والأسرة أول برقية تأييد كما فعلت في انقلاب نوفمبر ومايو ولكنها أرغمته لان يصبح مناضلا ليكتسب صفة لا يتمتع بها والتي ترتب عليها الكثير من المواقف المتناقضة فكانت تلك اكبر كارثة ألحقتها الإنقاذ بحزب الحركة الوطنية عندما(ركبت ) الإنقاذ عليه صفة المناضل التي عرف كيف يستغلها عند اللزوم ويلفظها عندما تكون هناك مصلحة وهو ما تثبته الكثير من المواقف كما سنرى عندما نرصدها وان كان للإنقاذ يومها مبررات اعتقاله فلقد كان الميرغني قد ابرم اتفاق سلام مع زعيم الحركة الشعبية جون قرنق وكان على رأس شروطه إلغاء قوانين سبتمبر الإسلامية التي أصدرها النميرى إلا انه وما أن أفرج عنه وصل لندن بجواز دبلوماسي احمر من الإنقاذ لتبدأ المعركة الفاصلة بين الشريف الذي بد فترة الندم على موقفه من مشروع الهيئة وتنصيب الميرغني رئيسا للحزب وعاد لينكره ويرفضه ولدى تسجيل صوتي في حوار أجريته مع الشريف مسجل فيديو ومتاح الآن لمن يرغب فيه في اليو تيوب والذي قال فيها (إن الميرغني ليس رئيسا للحزب لأنه لم ينتخبه احد) وان كان هو الذي أضفى عليه الصفة يوم أجهض مشروع هيئة الدعم وكونوا معي