التظاهر والإحتجاج هما اشكال حضارية جدا للتعبير عن الراي، وايصال صوت المواطن للجهات المسؤولة، وهي اشكال للتعبير السلمي الحضاري، موجودة في الدول المتحضرة التي بها حريات واسعة للشعوب وانظمة ديمقراطية تكفل الحقوق للمواطن، رغم ان حكام تلك الدول جاءوا عبر الانتخابات الحرة والنزيهة ويعبرون عن ارادة شعبوهم- لكن هذا لا يمنع خروج المواطنين الى الاماكن العامة بكل احترام والتعبير عن رفض سلوك معين او سياسة معينة، وهي اسرع طريقة واسلم طريقة لايصال صوت الرفض للحكومة. . وبذات المنطق هناك سلوك حضاري ومحترم تتبعه تلك الدول تجاه الاحتجاجات الشعبية، وهذا السلوك يتمثل في الإصغاء لصوت المحتجين ومقابلتهم وتنفيذ مطالبهم، وقبل كل هذا توفير الحماية الامنية والقانونية لهم، وهكذا يكتمل الشكل الحضاري للتعبير بين الدولة ومواطنيها. . نعم هناك عشرات الاحتجاجات السلمية التي انتظمت في الخرطوم، والشئ الملفت للنظر والذي نعتبره ايجابي جدا هو انتقال هذا الشكل من التعبير الى الولايات الاخرى، بالامس كان هناك احتجاج سلمي لمواطنين من الكاملين أمام مباني حكومة ولاية الجزيرة وقبلها انتظمت عشرات لاحتجاجات السلمية، ولكن!! رغم سلمية كل الاحتجاجات التي تتم ورغم عدالة المطالب لا نجد الرد الحكومي مناسبا لها، وتجد التجاهل التام من الجهات الحكومية، نعم نحن لا نعيش في دولة ديمقراطية ولكن في تقديرنا طالما هناك حكومة فحق التعبير بالاحتجاج السلمي حق مكفول ليس فقط قانونيا ولكن من باب الاخلاق ايضا، وهنا لا يقف الرد الحكومي فقط عند محطة التجاهل لا بل يتحول الى تفريق المحتجين بالقوة المفرطة مما يحدث احتكاكا مباشرا بين الشرطة والمحتجين، وهنا تبرير المسؤولين يقول (الاحتجاجات التي تتم غير مصدقة من الجهات الامنية) والرد المنطقي لهذا التبرير هو ان الاحتجاج السلمي لا يحتاج لتصديق مسبق فهو حق مكفول بنص الدستور وليس منحة. . انتشار الاحتجاجات السلمية في تقديرنا هو شئ ايجابي جدا، وثقافة جيدة يجب تنميتها وترسيخها بين فئات المجتمع،فالحكومات مهما طال حكمها مصيرها الزوال ولكن الشعوب باقية، ومهاما واجهت الحكومة احتجاجات المواطنين بالعنف والقسوة يجب ان يكون الرد هو المزيد من الاحتجاجات السلمية، في النهاية السلوك الحضاري والمحترم هو الذي سيبقى أما الزبد فسيذهب جفاء. مع الود صحيفة الجريدة