بسم الله الرحمن الرحمن أبيي الواقعة في جنوب جمهورية السودان في حدودها مع جمهورية جنوب السودان الوليدة ظلت منذ العام 2005 و تحديدا بعد توقيع إتفاقية السلام الشامل في نيفاشا تتصدر نشرات الأخبار و للأسف في أخبار الحروب و القتل و الاختطاف ، هذه الأبيي التي ظلت تعيش سلاماً دائماً و استقراراً طيلة فترة حرب الحركة الشعبية مع حكومات السودان المتعاقبة عادت أكثر دموية و خراباً و دموع ، فقد شهدت حربين كبيرتين في مايو 2008 و مايو 2011م ، و منذ ذاك التاريخ لم تعرف أبيي طريق الاستقرار فأصبحت تحت حماية القوات الدولية بناءاً على إتفاقية الترتيبات الأمنية المؤقتة 20يونيو 2011 و قرار مجلس الأمن الدولي (1990/2011) ، و رغم كل الجهود ظلت أبيي و شعبها بلا حكومة تقوم بمهام تقديم الخدمات فتوزع سكانها بين سلطة حكومتي السودان و جنوب السودان بعد أن أقرت اتفاقية الترتيبات الأمنية المؤقتة تبعيتها لرئاسة الجمهورية تحت سلطة لجنة إشرافية مشتركة و مجلس تنفيذي و تشريعي مشترك و شرطة مشتركة لكن لخلافات الطرفين لم يتم إلا تكوين اللجنة الإشرافية المشتركة و تعثر تكوين السلطة التشريعية و التنفيذية و الشرطة مما جعل كل تلك المهام في عاتق قوة الأممالمتحدة الأمنية المؤقتة في أبيي و التي عجزت عن القيام بهذه المهام المركبة و المعقدة ، كما أن اجتماعات اللجنة الإشرافية نفسها تعطلت منذ أمد بعيد بسبب خلافات السلطة في الدولتين. نود أن نذكر شعب أبيي ( مسيرية و دينكا) أن أبيي تتنازع الأحقية فيها الدولتان و هو نزاع حدودي طبيعي لكن آثار ذلك المباشرة قد تحملها شعب المنطقة من الضعفاء و لم يتحملها المتنازعون من الحكام فالموت و التهجير و النزوح عانى ويلاته أبناء المنطقة من البسطاء لذا هم الذين يدوسون على الجمر لا أولئك الذين يتأنقون بالبدلات الأنيقة و ربطات العنق المزركشة و يجلسون حول طاولات التفاوض في مدن العالم تحت أزيز المكيفات و تمتلئ خزائنهم بالدولار من كل جولة يخوضونها ، لذا خطابنا موجه لهؤلاء الذين يكتون كل يوم بحرائق الخلاف و الباقون على الأرض . نقول أن حقائق الجغرافيا تقول لنا أبيي يسكنها شعب مكون من المسيرية و الدينكا نقوك حقيقة واقعة على الأرض تُرى بالعين المجردة و تتنازعها دولتان هما السودان و جنوب السودان و يرى سكانها رؤاهما ففي الوقت الذي يرى فيه المسيرية تبعية أبيي لدولة السودان بناءاً على وقائع الجغرافيا و القانون باعتبارها تقع إلى الشمال من خط 1/1/1956م ، يرى الدينكا تبعيتها لدولة جنوب السودان مستندين في ذلك إلى تعريف برتوكول أبيي للمنطقة باعتبارها منطقة مشايخ دينكا نقوك التسعة التي ضمت لكردفان عام 1905م ، و على ذلك استمر الجدل بين الساسة من الدولتين بينما استمر القتل و الحرب يعانيها السكان من نقوك و المسيرية فإلى متى يستمر ذلك؟ نقول أن حقائق الجغرافيا جعلت من الدينكا و المسيرية جيران لو ذهبت أبيي إلى السودان أو جنوب السودان أو قسمت بين الدولتين سيظل المسيرية و الدينكا جيران فهل من المصلحة توتير الأجواء بينهما بالعداوة و البغضاء ؟ و من هو المستفيد من الحرب و القتل و النهب ؟ نعم هناك أخطاء كبيرة وقعت بين الطرفين و هناك آلامأً و مرارات بينهما بسبب الحرب التي أمتدت لسنوات طويلة و لكن إلى متى سنظل نرتهن للبغضاء ؟ نقول أن مصلحة الشعبين في السلام و لا شئ غير السلام يحقق مصلحتهما و استقرارهما و هذا يتطلب رجالا كبارا و عقولا كبيرة تتسامى فوق الجراحات من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة ، كما يتطلب الإعتراف الصريح بين الأطراف بكل ما وقع من مظالم تجاه بعضهما البعض مع الاستعداد للمعالجة وفقا لما يتراضوا عليه ، و نقر هناك جرائم كبيرة وقعت بين الطرفين و آخرها جرائم الاختطاف التي تمت في شهر فبراير و مارس الجاري و نشير هنا لعملية إختطاف الشاب ( النور هين وريل مكين) البالغ الثانية و العشرين من عمره و الأطفال الأربعة من أبناء دينكا نقوك وفقا للأمم المتحدة الذين تم خطفهم من قرية مريال أشاك ، حيث يتهم المسيرية الدينكا بالاختطاف الأول و كذا يتهم الدينكا المسيرية في الاختطاف الثاني ، فهل هذه أعمال أناس أسوياء ؟ إن الاختطاف و القتل و السرقة جرائم يعاقب عليها القانون السماوي قبل التشريع الإنساني حيث حرم الله قتل النفس من غير حق في كل الديانات السماوية و حينما خاطب الناس كل الناس حرم عليهم قتل النفس البشرية بغض النظر عن جنسيتها و نوعها و ديانتها و هذا أساس السلام و العدل ، من هنا ندعو الدينكا نقوك و المسيرية أن يتناولوا الموضوع بعقلانية و يجيبوا على السؤال ما هي الفائدة المكتسبة من الحروب ؟ و هل إذا آلت أبيي إلى أياً منهماً في ظل هذه الكراهية و الحروب سينعم الفائز بها بالسلام و الاستقرار ؟ قد لا يعجب مقالي هذا كثيرون و سأواجه بانتقادات كثيرة و لكن الحقيقة هي أننا أبناء حواء و آدم و لا فرق بيننا فلما الحرب و الموت و الدمار ، خطابي هذا موجة لعقلاء الدينكا و المسيرية الذين يرون أبعد من أرنبة أنوفهم و يفكرون في المستقبل و الذي لن يكون من غير السلام و المحبة مطلقاً .. فهل من رجل رشيد أو امرأة رشيدة تحثنا على وقف الموت و نبذ الكراهية لننعم بمستقبل نكون فيه مثل كل الناس ينعم أطفالنا بالصحة و السلام و التعليم و أن نفكر في حياتنا و نترك أمر تبعية أبيي السياسية ليقررها القانون أو الاتفاق فأين ما كان مصيرها سيظل الشعبان متجاوران و لابد من السلام و المحبة بين الجيران لتستمر الحياة . فهل من أذن تسمع و عقل يستوعب ؟ نأمل ذلك .. أمبدي يحيى كباشي حمدوك 9 مارس 2015م - المجلد [email protected]