قبل أيام حشد السفير السعودي بالخرطوم، الصحافيين في مبنى سفارته الواقعة في شارع الملك عبدالعزيز.. أمسك السفير بورقة صغيرة أعدت على عجل ليخاطب ضيوفه من أهل الإعلام.. تحدث السفير عن عاصفة الصحراء وكان يقصد عاصفة الحزم.. حينما نبهت الزميلة سمية سيد، السفير إلى زلة اللسان.. ابتسم الرجل وأعاد الاسم الصحيح على مسامع الحضور.. لم يكن السفير فيصل بن معلا أول من يخلط بين العاصفتين.. عاصفة الصحراء كانت العملية العسكرية التي حررت الكويت من قبضة جنود صدام حسين في العام 1991.. وعاصفة الحزم أريد بها أن يعيد التاريخ نفسه ويلعب وزير الدفاع محمد بن سلمان دور ابن عمه خالد بن سلطان بن عبدالعزيز في العاصفة الأولى ويتم على يديه استعادة الشرعية في اليمن. أمس الأول أعلنت المملكة العربية السعودية، على نحو مفاجيء إنهاء عمليات عاصفة الحزم.. المملكة بررت قرارها المفاجيء بأن العمليات الجوية أتت أكلها وأن الإيقاف جاء بناءً على طلب من الرئيس اليمني عبده ربه منصور.. الملاحظ هنا أن عاصفة الحزم لم تعلق عملياتها العسكرية لتمنح الجهود السلمية فرصة بل أنهت أعمالها بالكامل.. ولكن لم يحدث فراغ حيث أعلنت المملكة قيام حلف أكبر باسم إعادة الأمل.. الحلف الجديد بالاسم الرومانسي سيستند على مشروعية دولية من مؤسسات الأممالمتحدة هنا مبرك الجمل كما يقولون. حرب عاصفة الصحراء جاءت على نحو مفاجيء أربك الأصدقاء والخصوم.. كان من الواضح أن الملك الجديد أراد أن يلوح بعصاه أمام النفوذ الإيراني في المنطقة.. قرر أن يكوِّن حلفا جديدا على وجه السرعة ولا ينتظر حتى اجتماع الجامعة العربية أو يدعو مجلس الخليج التعاوني للانعقاد.. نجحت عاصفة الحزم في شل حركة الحوثيين وأنصارهم ولكنها لم تفلح في إصابة الرأس المحرك. نظرت المملكة العربية السعودية، ووجدت أن الخطوة القادمة تستلزم حربا بريا في جبال اليمن أو حلا دبلوماسيا يعيد الحوثيين إلى هامش المشهد اليمني.. الحرب البرية في اليمن ليست نزهة سهلة.. تجربة جمال عبدالناصر في حرب اليمن ومحاولة الأمريكيين إعادة الأمل للصومال عبر جنود (المارينز) أثبت أن النزال في أرض الخصم يحتاج إلى إعادة البصر كرتين.. المصريون ليسوا في حماس كبير لحرب مفتوحة في اليمن يمكن استنباط الموقف من حديث الرئيس المشير السيسي إلى قادة القوات المسلحة في مصر.. باكستان تحفظت على فكرة إرسال جنود إلى اليمن بعد رفض البرلمان الباكستاني.. تركيا اكتفت بالدعم السياسي والدعوات الصالحات. مجلس الأمن تحرك بشكل إيجابي في دعم العاصفة رغم تحفظ روسيا الذي لم يصل مرحلة استخدام (الفيتو).. إيران بدأت تتكلم بصوت مسموع بعد أن فرغت من جهادها الأكبر مع الغرب في ملفها النووي.. سوءات الحرب الجوية بدأت تطفح على السطح مما يقلل من حماس الرأي العام الدولي للحرب.. هنا كان لابد للمملكة أن تتحرك إلى الأمام لا إلى الخلف. في تقديري أن عملية إعادة الأمل ستعطي مشروعية دولية للحرب وبالتالي توسع من الحلف الداعم للشرعية في اليمن.. أغلب الظن أن المملكة ضمنت على الأقل صمتا روسيا في مجلس الأمن قبل أن تختار الحركة عبر المسار الدولي الشائك.. الرصاصة القادمة ستوجه إلى رأس المجموعات المتمردة أن لم تجنح للسلم. بصراحة.. ربما الوقت مناسب جداً لخروج وساطة إقليمية من السودان.. وساطة تحظى بدعم إيران ورضاء السعودية ومن قبل الترحيب من أهل اليمن.. ربما هذه سانحة ليرفع الشيخ حسن الترابي سماعة الهاتف ليحادث الإمام الصادق المهدي عن الأحوال في اليمن.. هل قلت الأحوال في اليمن. التيار