آخر تقرير أصدره مؤشر السلام العالمي في معهد الاقتصاديات والسلام العالمي لعام 2014، احتلت دولة قطر المرتبة الأولى عربيا وخليجياً، وحسب التقرير تحسن مركز السعودية وتقدمت من المركز 97 عام 2013 إلى المركز 80 في المؤشر الأخير، وجاء السودان ضمن أقل الدول سلاما وأمنا حيث احتل السودان المركز رقم 157 من جملة 162 دولة اختارها المؤشر، المؤشر يعتمد ثلاث مسائل أساسية، مستوى السلامة والأمن في المجتمع، مدى تأثر الدولة بالصراع الداخلي أو الدولي وأخيراً مستوى "العسكرة" في الدولة. مؤشر السلام هذا لا يأبه بكثرة اللافتات التي تحمل اسما لسلام، فهو غير معني بشارع السلام أو مسجد السلام أو مدينة السلام ولا حتى إذاعة السلام، وهذه المسميات ما أكثرها في بلادنا، وما أكثر ترديد مفردة "سلام" في أي خطاب سياسي رسمي أو جماهيري، يُمكن أن يبدأ بالسلام وينتهي بالسلام، يكمل القائد خطابه المحشود بكلمات السلام أمام الجماهير وينصرف مباشرة إلى الحرب، فلا غضاضة في ذلك، بل إن تناقض الأشياء مضى أكثر من ذلك، فهناك من يحدثك عن فرض السلام بقوة السلاح ذلك من شدة إصراره على السلام. لو أجرينا مسحاً علمياً شاملاً لعدد اللافتات التي تحمل كلمة "سلام" ربما يستغرق ذلك وقتاً غير متوقع، ولو مررنا سريعاً على المناطق التي تعاني صراعات وحروبات بما في ذلك الاحتقانات الأمنية ربما يُحظى السودان بمرتبة عليا ضمن أكثر الدول التي كلما تقدمت السنوات تطورت أشكال الصراعات فيها، وبالمقابل يكثر الحديث عن السلام، نحن أكثر الدول التي تعاطت خطاب السلام لدرجة الإدمان، والإدمان هنا يسير باتجاه الضد- إدمان الحروب، وواضح أنه كلما ارتفع مؤشر الحرب والصراعات المسلحة ارتفع مؤشر استخدام كلمات السلام، أو ربما العكس، أينما وُجد إسهاب في استخدام كلمات السلام يعني ذلك أن المقصود هو العكس. السودان من أكثر الدول التي وقعت إعلانات ومذكرات واتفاقيات سلام لكن كلها لم تؤدِ إلى طريق السلام، والتي أوقفت حربا تأريخية قادت إلى تقسيم البلاد، وولدت بالتالي المزيد من الحروب، وحتى في حالة الانقسام إلى دولتين لم تهنأ واحدة منهما بسلام، بل ظلت في حالة لا حرب ولا سلم، بل انفتحت مزيد من جبهات القتال التي أدت إلى استمرار حالات النزوح واللجوء، اللذين تتحمل فاتورتهما الشعوب، والخدعة الكبرى حينما يحدثونك عن ضرورة دفع فاتورة السلام. التيار