حقيقة ما شهده السودان في التاسع عشر من يوليو 71 من الغاز وما يحيط به من أسرار أكثريتها لا تزال مخفية لان من يملكون خباياها يحجمون عن الإفصاح عما يعلموه أو عايشوه بل وبعضهم شارك فيه ولا يريد لدوره أن يكون معروفا وموثقا للتاريخ طالما إن ما يرتبط بالانقلاب من حقائق مغيبة لم يعد له ارتباط بالواقع الآن كما إن بعض العناصر المهمة في هذه الأحداث تم التخلص منها في المحاكمات التي أطاحت برؤؤس من يملكون حقائق حولها في عجالة حتى لا يكشفوا عنها ولعلني اذكر أن رحمة الله عليه مامون عوض ابوزيد وهو رجل استخبارات مميز حدثني يوم عدت للسودان من لندن بعد الحدث مباشرة انه هو وبعض زملائه أعضاء مجلس الثورة كان لهم رأى لم يأخذ ب النميرى تحت تأثير انفعال وردة الفعل تجاه ما تعرض له وبسبب أحداث بيت الضيافة التي هزت وجدان الشعب حيث تمثل مطلبهم كما قال في عدم التعجل بالمحاكمات حتى يتوفر المناخ للوقوف على كل أسرار هذا الانقلاب الذي أحاطت به ظروف غريبة وشابته تساؤلات كثيرة لابد من استجلاء الحقيقة إلا أن هناك من استغل انفعال النميرى للتعجيل بالمحاكمات التي فقدت ابسط ظروف العدالة خاص إن محاكم الشجرة ورغم إنها عسكرية سجلت حضورا لشخصيات مدنية كان وجودها نفسه فئ الشجرة محل تساؤلات كبيرة مثل الدكتور منصور خالد الذي كان حضورا في تلك المحاكمات وهو ما وثقه نفسه في كتبه انه كان شاهد عيان في التحقيقات والمحاكمات في الشجرة لقائد الحزب الشيوعي عبدالخالق محجوب وأكد لي الأخ مامون يومها إن النميرى اصدر يومها أمرا منع فيه دخوله هو وزين العابدين محمد احمد عبد القادر لاعتراضهم على التعجل في المحاكمات كما إن التاريخ يشهد إن هناك رؤساء محاكم رفضوا اصدرا أحكام متعجلة في حق البعض فتم استبدالهم بمن عجلوا في إصدار الأحكام حسب الطلب ولعل خبايا هذه المحاكم بحاجة لمن كانوا حضورا شهودا أن يوضحوا كل ما ارتبط بها من خبايا. بجانب هذا فان الكثير من الألغاز التي أحاطت بالانقلاب للكشف عنها من هم على قيد الحياة من اللذين يملكون الإجابة عنها حتى لو كان هذا خصما على مواقفهم فالمرحلة الآن توثيق تاريخ ليتعظ منها أجيال المستقبل طالما إن هذه الأحداث قاربت الخمسين عاما وأصبحت مصدرا لتوثيق التاريخ. أول واهم هذه الألغاز هل يمكن لمن اعترض على أن يعين المقدم بابكر النور عضوا في مجلس قيادة انقلاب مايو يوم 25 لأنه أحق منه بعضوية المجلس يقود بنفسه انقلابا في يوليو ويأتي بالمقدم بابكر الذي اعرض على عضويته رئسا لمجلس انقلاب يوليو رغم انه لم يكن مشاركا في الانقلابين. وهل يمكن لنفس الشخص الذي يملك ناصية القرار بحكم موقعه ودوره في الانقلاب أن يكون هو الذي سمى مجلس الانقلاب ألا يأتي بنفسه عضوا في مجلس الانقلاب حتى لو قبلنا المنطق في إلا يسمى نفسه رئيسا له وهو الذي اختلف مع زملائه عسكر مايو يوم تخطوه في التعيين عضوا بمجلس الثورة وه صاحب دور لا يقل عنهم ولما يصبح القرار بيده لا يأتي بنفسه عضوا. وكيف يمكن أن نجد تفسير لمجموعة العسكر اللذين استولوا على السلطة بانقلاب رسمي ألا يعينوا أنفسهم أعضاء في مجلس ثوري الانقلاب وهم أصحاب الكلمة والقرار فيه ويأتوا بمجلس أغلبيته لم تكن مشاركة في الانقلاب أو لا صفة عسكرية له وبينهم من كانوا خارج السودان وبغضهم لا يعلم عن الانقلاب شيئا هل يمكن لقائد الانقلاب الذي أنقذ سكرتير الحزب الشيوعي الشهيد عبدالخالق محجوب من الحبس وامن له حياته بعيدا عن أجهزة السلطة فهل يمكن له أن يقود انقلابا عسكريا باسم الحزب الشيوعي ولا يخبر سكرتير الحزب الذي حرره من الحبس وابقي عليه آمنا في منزله ليكون جاهلا بانقلاب حيث إن عبدالخالق نفى رسميا أمام المحكمة والحزب انه لا علم له به. وهل يعقل لضايط كبير في نفس رتبة قائد الانقلاب وزميلا له في القصر الجمهور أن يصرح لإحدى الصحف بعد فشل الانقلاب انه دخل على القائد في مكتبه واستفسر عن الانقلاب فأكد له القائد انه على رأسه وانه مطلوب منه أن يكون معهم مساندا للانقلاب إلا انه حسب تصريه أكد انه رفض له ذلك وأخطره رسميا انه سيقاوم الانقلاب ومع ذلك يقول انه توجه من مكتب قائد الانقلاب للقيادة العامة وقاد المقاومة للانقلاب فلماذا إذن لم يعتقله القائد وقد اعتقل من دون رتبة في بيت الضيافة وسمح له أن يدخل القيادة العامة قائدا المعارضة لإفشال انقلابه. هناك غير هذه الكثير من الألغاز والتساؤلات التي طرحها الانقلاب وإنها لابد من الكشف عن خباياها لتوثيق الحقيقة للتاريخ وما سأقدمه هنا من تخليل أو معلومات حول هذا الأمر في ختام هذه الحلقات لا ادعى واجزم بأنه هو الحقيقة كاملة بأمل أن يخرج ملاك الحقائق عن صمتهم حتى يكتب التاريخ الصحيح لأحداث 19 يوليو 71 19م وكونوا معي