احتجاجات المواطنين على استمرار انقطاع المياه لا تتوقف، آخرها احتجاجات مواطني الفتيحاب بأم درمان، بالمقابل صمت مطبق من الجهات المسؤولة التي لم تتكرم حتى بالرد عبر بيان مقتضب توضح فيه أسباب انقطاع المياه واستمرار انقطاعها عن عدد من أحياء الخرطوم. مفارقة حقاً مدهشة، الخرطوم التي تحتضن نيلين لا تنقطع عنها أزمة المياه التي تتجدد كل مرة بشكل أسوأ من قبل، عدد من الأحياء استقرت على أزمتها وبدأت تتعايش مع الواقع وتشتري المياه بشكل يومي، والتي بلغ سعر البرميل منها نحو 35 جنيها، يحدث هذا في قلب العاصمة. هيئة المياه بولاية الخرطوم المعنية مباشرة بهذا الأمر لم تتكرم حتى الآن بالتوضيح وربما الأمر معتاد فهي مثلها مثل أي مؤسسة حكومية، هي الهيئة التي اتهمت المعارضة بقفل "البلوفة" حينما تفجرت أزمة مياه بري التي أحدثت احتجاجات واسعة. الأزمة الآن هي ليست انقطاع مياه فقط، بل اللامبالاة التي تتعامل بها السلطات مع المواطن، هل تعلمون أن كل الأحياء التي تعيش أزمة إمداد مائي، تدفع فاتورة استهلاك مياه هي لم تستهلكها، ولأن فاتورة المياه مربوطة بفاتورة الكهرباء فلا مفر من ذلك، بأي حق تؤخذ هذه الأموال من المواطنين؟ والأزمة مستمرة دون توضيح أسبابها، هل ينتظر هؤلاء المواطنون تدخل الرئاسة؟ الشح في الإمداد المائي المسمى بسوء توزيع الحصص بين الأحياء لا يحتاج إلى دليل قاطع ولا يختلف حوله أثنان، لكن المتفق عليه هو أن البلد الذي يحتضن النيل أهله عطشى، بل أن النيل بات أقرب من الصنبور السلطات التي ينبغي أن توفر الخدمات للمواطنين ليست متفرغة كاملا لخدمة المواطن، هي مشغولة بمهام ليست من اختصاصها، لماذا لا تنظر السلطات إلى القوة المكلفة التي تدفع بها لفض احتجاجات المياه التي يُمكن بسهولة أن تتحول إلى أحد الحلول بشكل إيجابي، مواطنون خرجوا الشوارع يطالبون بالمياه، هل الأجدى أن ترسل إليهم سيارات الشرطة، أم سيارات المياه؟ بدأت أزمة مياه بعض أحياء جنوبالخرطوم بالتزامن مع التوقيع على الوثيقة التاريخية بشأن سد النهضة الإثيوبي والتي أُحيطت بسرية بالغة، سد النهضة من المقرر أن يختزن نحو 73 مليار متر مكعب من المياه عند اكتماله 2017م، فإن كان هذا الوضع قبل 2017م، فكيف يصبح الحال حينما يحل العام 2017م؟ التيار