رمضان المبارك يمر علينا مرة في العام. وهو شهر تتصاعد فيه قوة الإرادات في مواجهة التحديات.للقوى السياسية في السودان اطروحاتها المختلفة لكنه تتفق في ان الشعب السوداني الكريم يستحق الأفضل. كنت اتوقع ان يبدأ الحوار مع أول صلاة تروايح .بين الحكومة والمعارضة فبينهما بلاد تعج بمصالح العباد. وبين المعارضة والشعب آمال وبين الحكومة والشعب إلتزامات. وبين المعارضة والحكومة والشعب وخالقهم ميثاق وشرطي استخلاف. بما أن الجميع يعلمون ان الشياطين تصفد في رمضان فهذا يعني ان شياطن التفاصيل هي ايضا مصفدة. وهذه ا كثير ما أفشلت جهود الأطراف وباعدت بين مواقفهم بعد تقاربها. وقد غادر المتحاورن الطاولة الحوار مرات عديدة وكل طرف غاضب من الآخر وملقيا كل اللوم على تعنته.حدث هذا بعد ان كان الأطراف قاب قوسين من الوصول إلى اتفاق يمس حيوات الملايين. الحكومة تتحمل الجزء الأكبر من مسؤلية الحوار فهي التي تهيئ الأجواء. تحدد زمان ومكان الحوار و اجهزة تأمينه وضمانات تنفيذ مخرجاته.. بينما تملك المعارضة قضاياها العادلة وهو ما يجعلها متماسكة متفقة على أهداف محددة مهما عصفت بها الخلافات الطبيعية أوالمفتعلة . أهواء النفوس يكبحها الصيام في هذا الشهرالمبارك. رمضان فرصة عظيمة لمراجعة الأنفس ومحاسبتها .الأجواء مشبعة بقيم التسامح والعطاء والإيثار والسمو والصدق والإخلاص في العمل والمسارعة في الخيرات. توافق القوى السياسية والمدنية على إيجاد لقضايا البلاد الملحة هو أمر يدخل في المسارعة في الخيرات. . وننبه إلى كلمة المسارعة نفسها. ففي المماطلة والمناورة والمراوغة خسارة وتعطيل مصالح العباد وتعميق جروح البلاد. نحيي القوى التي اعلنت عودتها للحوار في هذا الشهر المبارك ونتمى ان يتفق الجميع إبتداءا على أهمية إغتنام هذه السانحة في هذا الشهر المبارك. و الإستفادة من هذا الظرف الإستثنائي المقدس. على الأطراف تكثيف اللقاءات.التحضيرية والرسمية لتقليص المسافة بين ما يطرحه الطرفان وكيفية تحقيقه وان تأخير الوصول إلى حلول يضر بالسودان شعب وارض ويعقد قضاياه ويربك مساره قدما. التأخير يعيي تراكم مشكلات الديون الخارجية والبطالة وتعطل التنمية وتعميق الخلافات. وان يعوا ان في الظلام من يعمل لإفشال وتأخير التوافق. بعض المستفيدون من بقاء الأوضاع كما هي يتضررون بالأجواء المعافاة. هنالك من لايريد الديمقراطية بأنوارها الكاشفة لكل فساد وهنالك المستغلون حالات الظروف الإستثنائة ليثروا وهنالك المتاجرون بكل ما يراكم أموالهم وهنالك المستفيدون من إنشغال الناس بالقضايا الكبرى ليسرحوا في اموال الشعب واستغلال ثغرات اقوانين والإفادة من القرارات غير المدروسة. إن لم تصل القوى السياسية إلى اتفاقات فعلى الأقل تفاهمات. وهو ما يوفر الوقت بدلا من البداية من نفس المكان كل مرة. وبينما تظن السلطة ان الوقت في صالحها فليس هذا صحيح . والدليل تناقص موالوها وإنشقاق منسوبوها..والانشقاق على مستوى القيادات. لم ترد الحكومة ان تصدق ذلك حتي فاجأتها مقاطعة الإنتخابات العامة الأخيرة. كما قل بشكل كبير المدافعون عنها المتصدون لمن ينتقدها بل تحول بعضهم إلى خصوم من اشد منتقديها. لكن ما يحسب للسلطة انها قامت بعمل تغييرات كبيرة .اطاحت بعدد من رموزها ممن لم يبدو مرونة كافية تجاه التوافق بعض قوى المعارضة لا تزال في محطة المطالب المثالية والأمثل ليس هو دائما الأنسب. وغالبا ما يشتت الإصرار على الأمثل جهود تحقيق الأنسب وهو غالبا الأفضل. ورفع السقوفات بعد كل هذه الجولات بين الأطراف لا يبدو امر عملي.وتحقيق بعض الأولويات المهمة قد يبدو الأفضل بدل من الإصرار على تحقيق كل المطلوبات دفعة واحدة. مراوغات السلطة ولعبها على الزمن بإعتبارها إستحواذ السلطة على الموارد ولعبها على عنصر الزمن يغريها ويغرها بالتكبر والمراوغة مما يمنعها من تقديم الخير لنفسها. وسقوفات المعارضة المثالية تمنعها من تقديم بعض من النوايا الحسنة وو أمر ليس في صالح قضاياها العادلة. نرجو ان تكون لدى الأطراف الرغبة الحقيقية للتوصل إلى إتفاق أو على الأقل تفاهمات تؤدي إلى تطابقات في وجهات النظر أو على الأقل تقاربها. فالوقت ليس في صالح اي طرف. ما جدوى الوصول إلى اتفاق في المستقبل اإن هرم الخريج وهلك الزرع والضرع وامتلأت النفوس بالمرارات. سيكون المردود ضعيفا إن حلت الروايات الحزينة مكان الحكايات الجميلة المحفزة للبذل و للعطاء. نرجو أن الا يضيع الوقت في الشكليات على حساب الموضوع نفسه. الحوار نفسه وسيلة للوصول إلى سلام دائم واستقرار يأمن فيه الناس على انفسهم وحرثهم وما يملكون. يعبدون خالقهم ويمارسون أعمالهم وأدوارهم في إعمار الأرض. راجع مقالنا في الراكوبة (عهد الإنقاذ في السودان إفتتان بالسلطة وإهدار لفرص التوافق) بتاريخ لا يزال في رمضان ثلثيه وللعيد ايامه ولشوال ست ايام طيبة وبعد قمرين يهل الأضحى. نرجو ان نغتنم هذه الأيام الطيبات للإكثار من الخيرات وهذا الشعب الطيب يستحق ان تصوم الحكومة والمعارضة تطوعا لتقهرا شياطينيهما. مثل خيمة الصحفيين اليومية نتمنى ان تنصب خيمة الحوار اليومية. يبقى فيها السياسيون وقادة المتمع المدني حتى السحور. . ان يستحضر الأطراف الحقيقة المهمة . ان الجميع في فريق واحد وهدفه واحد فقط تختلف الرؤى لتحقيق ذلك. ربما إكتشف الجميع انهم في فريق واحد هدفه واحد فقط تختلف الرؤى لتحقيق ذلك. بعض اللاعبون يريدون الوصول للمرمى مباشرة والبعض عبر تمريرات العمق والبعض بالجناحين. لكن الغاية واحدة. سودان عزيز يسع الجميع ويسرع نحو الطليعة. إن أطاحت الأطراف بهذه السوانح فعليها ان تجتهد ان تقديم اجابات مقنعة للأبناء وللأجيال القادمة. هنالك أسئلة مشروعة ستدور في عقول أجيال المستقبل عن اسباب تعثر البلاد وتأخر العباد عن غيرهم . ماذا؟ لا تقل لي انكم لم تفكروا في هذا. اللهم اكرمتنا بهذا الشهر المبارك اللهم فيه وفقنا لما تحب وترضى [email protected]