الفساد في طرق بيع وتوزيع وتخصيص الأراضي بولاية الخرطوم، موضوع تتحدث عنه المدينة. أمس ذكرت أكثر النماذج شهرة في عملية التجاوزات.. ثم إن التجاوزات نفسها ليست فقط الاستيلاء على مساحات من أراضي الأحياء الراقية أو الاستثمارية عبر العلاقات الفوقية والتخصيص وبيعها بأقل من سعرها في السوق، وعبر التقسيط المريح لنافذين أو رجال أعمال، وما الأبراج السكنية إلا تقف شاهداً على معظم التجاوزات. في "التغيير" وقبل عدة أشهر، فتحنا تحقيقاً حول هذا النوع من التجاوزات، وأشرنا إلى ما قامت به حكومة ولاية الخرطوم من رهن لإستاد التحرير الذي يتبع لوزارة الشباب والرياضة، حيث تم الرهن لصالح أحد البنوك التجارية لتنفيذ مشروعات تنمية في منطقة بحري المحلية التي يتبع لها الإستاد، هكذا كان التبرير عندما استجلينا الأمر من الجهات المختصة لماذا تدخل حكومة الولاية كسمسار عبر صندوق الإسكان والتعمير.. مفهوم أن يقوم الصندوق بتوفير السكن للشرائح الضعيفة، لكن ما السبب الذي يجعل الصندوق ينشئ المنازل الجاهزة والشقق ويبيعها في سوق الله أكبر؟!. أظن أن أكبر تركة مؤذية ومتشعبة وجدها عبد الرحيم محمد حسين أمامه هي ملف الأراضي.. لن يجد أن قراره بإيقاف بيع الأراضي كافٍ، بل لا بد من خطوات أكثر جرأة.. ما كسر لن يصلح.. لأن ما حدث خلال سنوات قليلة من التصرف في الأراضي لم يحدث في السودان منذ الاستقلال، وكثير من الجهات الرسمية والنظامية والاتحادات المهنية ظلت تضغط للحصول على مواقع مميزة ومساحات في أفخم الأحياء بتسهيلات لمنسوبيها، إما لإنشاء منازل بمساحات تفوق ال500 متر مربع أو عبر إنشاء المجمعات وتوزيع الشقق السكنية بأسعار ميسرة. لا شك أن الخرطوم شأنها والعواصم العالمية تحتاج إلى شكل جديد من العمران ومن التمدن، وهذا يتطلب الاستفادة من مساحاتها في تغيير الشكل الحضري للمدينة، لكن ما تم كان عشوائياً دون تخطيط، بل ظلت الخارطة الهيكلية التي اعتمدتها حكومة ولاية الخرطوم في وادٍ، وما يتم فعلياً من توزيع أراضٍ وإنشاءات في وادٍ آخر. نتمنى من والي الخرطوم أن يتخذ قراراً مهماً على خلفية قراره بإيقاف البيع، إلا وهو مراجعة صندوق الاستثمار والتعمير وحل إدارة الاستثمار بإدارة أراضي الخرطوم، كأول إجراء إصلاحي في هذا الملف الشائك والخطير. التغيير