درجت سلطات الأراضي بين الحين والآخر على إعلان بيع قطع أراضٍ في مواقع مميزة وأحياء راقية عبر المزاد العلني.. رغم أن الطريقة معلنة وواضحة عبر الصحف، لكن انظروا إلى ما وراء هذه الشفافية. بعد انتهاء مرحلة البيع وفق الجدول الزمني لإدارة الاستثمار، تبقى ما يعرف بالرواجع أي قطع الأراضي التي تبقت دون شراء، هذه هي التي يمكن أن تفتح باب الفساد والتجاوزات.. كثيرون يعرفون الطرق التي توصلهم للحصول على البواقي عبر الشراء المباشر والتخفيض والتقسيط . حكومة الولاية السابقة استباحت أراضي الدولة بطريقة غير مسبوقة عن طريق البيع المباشر لسد العجز في الميزانية ولتمويل المشروعات التنموية والخدمية، دون مراعاة لحقوق الأجيال القادمة، فئة محدودة استأثرت بمواقع مميزة في سنتر الخرطوم بسبب سياسات إدارة الأراضي غير الرشيدة.. اكتظ وسط الخرطوم بالغابات الأسمنتية والأبراج السكنية العالية مقابل رصف الشوارع وتشييد كباري لا جدوى اقتصادية منها.. فمثلاً ما جدوى إنشاء كوبري توتي وأهل توتي أصلاً لا يرغبون فيه، هل جلب الخضروات والليمون إلى الخرطوم كان يحتاج إلى كوبري؟ لم تحسن ولاية الخرطوم ملف إدارة أراضيها، لا في التوزيع ولا في المتابعة والشفافية، لذلك رأينا ما رأينا من حالات تجاوزات من موظفين أو من لهم صلة ما بمسؤولين، كانت مادة دسمة للصحف كان أشهرها فساد موظفي مكتب الوالي، القضية الأشهر التي لم يستبعد كثيرون أنها السبب الرئيسي في إبعاد الخضر من المناصب السياسية والتنفيذية والدستورية، ولو أن هناك من بدأ يسوق لأن يصبح سفيراً في الرياض أو في أي إدارة في الخارجية. أول من أمس، كان قرار مهم لوالي الخرطوم الفريق عبد الرحيم محمد حسين قد صدر بإيقاف بيع الأراضي، وأعتقد أنه قرار عسكري بامتياز، نأمل ألا تحدث فيه تراجعات بسبب ضغوط نافذين في الدولة أو أصحاب المصلحة من جماعات مافيا الأراضي غير المرئية، كما أنه ليس كافياً فقط أن يكون القرار بوقف البيع.. على الوالي أن يقوم بمراجعات يشرف عليها بنفسه وليس عبر اللجان غير الفنية.. لا بد من مراجعات شاملة لطرق وكيفية الحصول على الأراضي، والبحث ليس في الطرق القانونية التي تتم عبر اللوائح المعروفة، وإنما أساليب "أم غمتي" واللف والدوران. نفهم أن يكون تخصيص الأراضي في وسط الخرطوم للخدمات الصحية والتعليمية، لكن ما فائدة أن تدخل مؤسسات حكومية كمضارب وسمسار أراضٍ. التغيير