*شاب يعبث بسلاح ناري فتنطلق منه رصاصة.. *الرصاصة تخترق صدر جارته الصغيرة فتموت في الحال.. *يختفي الشاب من البلدة خشية انتقام أهل الفتاة المسكينة.. *يرسل له عمه - خلسة - مالاً يعينه على الهرب بعيداً.. *ولكن الشاب يمضى بعيداً جداً إلى ما وراء البحار.. *إلى مارسيليا - في فرنسا - ومنها إلى ميناء شيربورغ.. *ويظل هناك منتظراً فرصة المغادرة لأمريكا أرض الأحلام.. *ويتحقق له حلمه يوم أن ترسو بالميناء السفينة ذات الشهرة.. *إنها ال(تايتانيك) التي انطلقت من ميناء ساوثهامبتون ببريطانيا.. *ثم عادت لمرفأ بجنوب بريطانيا بعد أن أقلت ركاباً من شيربورغ.. *ومن هناك انطلقت في رحلتها المشؤومة نحو الولاياتالمتحدة.. *وقد انزوى خط سيرها هذا في ركن قصي من ذاكرة توثيق رحلتها.. *كما انزوى - أيضاً - كثير من أحداث ركابها العرب.. *أما الشاب فهو ضاهر شديد من قرية عبرين بشمال لبنان.. *وهو أحد العرب هؤلاء الذين كانوا على متن السفينة.. *وجميعهم كانوا لبنانيين عدا مسافراً مصرياً واحداً.. *ثم إنهم جميعاً - كذلك - عانوا من عنصرية بغيضة تجاههم.. *عنصرية حتى من أمثالهم ركاب الدرجة الثالثة من الغربيين .. *ثم بلغت العنصرية هذه قمتها (القاتلة) فجر يوم الكارثة.. *وننتقل - هنا-إلى مشهد من فيلم (تايتانيك) عقب الاصطدام بجبل الجليد.. *وتحديداً لحظة تدافع الركاب صوب قوارب النجاة.. *فنحن نرى ضابط أمن يشهر مسدسه في وجوه المتدافعين.. *أي الذين نجحوا في التسلل إلى حيث القوارب من ركاب الدرجة الثالثة.. *ثم يصوبه نحو أحدهم ويطلق عليه النار تخويفاً للآخرين.. *ولم يكن القتيل هذا سوى الشاب اللبناني ضاهر شديد قاتل جارته.. *ويتجمع - إثر ذلك- بقية اللبنانيين في جانب من السفينة ينشدون لحن الختام.. *ومن كلمات ذلكم اللحن (ابكي ونوحي يا حردين ع الشباب الغرقانين).. *وهي مرثية لبنانية تحكي مأساة شباب غرقوا في زمن مضى.. *والجانب العربي المغفل من قصة التايتانيك هذه وثقته صحيفة (الهدى) آنذاك.. *إنها صحيفة للجاليات العربية كانت تصدر في نيويورك.. *وقد كان مصدرها ناجٍ لبناني من الذين أنقذتهم سفينة (كارباثيا).. *وما زال كتاب لبنانيون - إلى اليوم- يسردون مأساة عرب التايتانيك و (يسبُّون).. *يسبون العنصرية التي قتلت لبنانياً وأغرقت آخرين منهم (عريس وعروسه).. *يفعلون ذلك وهم أكثر العرب عنصرية في محيطهم الإقليمي.. *ومن يكن عنصرياً فلا يجب عليه أن يسب العنصريين.. *أو يشتكي من (العنصرية المضادة !!). الصيحة/السياسي