تتسم مدينة عطبرة بصفة التعاون الكبير الغير موجود فى اى مكان فى العالم ونعرف و يعرف الجميع ان تكون صفة التعاون موجودة بين فئة معينة من الناس مثل القبيلة الواحدة او فئة العمال او فئة الموظفين او فئة التجار او فئة المهندسين ولكن هذه المدينة ضربت المثل الاعلى وخرقت العادة وخرجت عن كل المالوف فى مدى التعاون بين جميع الناس بالمدينة بكل الوانهم وقبائلهم واعراقهم ومهنهم و دياناتهم و الدليل ملموس وليس فيه شئ من الخيال وحدث ذلك بالفعل حينما اضرب عمال السكة الحديد عن العمل لمدة طويلة خلعت قلوب الانجليز الذين قرروا زلزلة العمال و ادخالهم فى دائرة الجوع و ذلك بان امتنعت ادارة السكة الحديد عن دفع راتب العمال ما لم يعودوا الى العمل طبعا عودتهم دون اتمام فترة الاضراب المعلنة فيه مذلة للعمال وخضوع وضياع للقضية التى اعلنوا الاضراب من اجلها فما هو الحل ؟.. الحل هو التعاون و المساندة من اهل عطبرة الكرام لقد اجتمع التجار سرا وقرروا فتح حسابات للعمال بمتاجرهم للحصول على متطلبات اسرهم وحذا حذوهم تجار الخضروات و الفاكهة و انصهرت مدينة عطبر الحرة كلها فى بوتقة واحدة فالكل سودانى و الكل ضد المستعمر و انتظر الانجليز طويلا عودة العمال للعمل لكنهم لم ينالوا الا خيبة الامل و اتم العمال اضرابهم و عادوا الى عملهم ورؤوسهم شامخة و هاماتهم مرفوعة الى عنان السماء بعد ان اتى اضرابهم اوكله بعدها بحث الانجليز عن كيفية استمرار العمال فى اضرابهم بدون مرتبات ومن اين اكلوا طيل هذه المدة ؟ وكانت الطامة الكبرى حينما علموا ان المدينة باسرها ساندت العمال. فهل وجدت يا عزيزى الغالى اناس وطنيون الى هذا الحد ؟ هل رأيت شعب ارقى من الشعب العطبراوى ؟ لا اعتقد هؤلاء العطبراويون ينطبق عليهم قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ( المسلم للمسلم كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضوء تداعت له كافة الاعضاء بالسهر و الحمى ) و اقول ان نقابة عمال السكة الحديد كانت بمثابةعفريت من الجن بالنسبة للانجليز حتى انها كانت تخرج من المالوف و تساند النقابات الاخرى ضد الانجليز متى ما اقتنعت ان مطالب تلك النقابات عادلة فتعلن تضامنها مع تلك النقابات وتهدد بالاضراب احيانا كثير كانت تنفذ الاضراب بالفعل وهذه هى عظمة رجال عطبرة و اهلها فشيمتهم الوفاء و الوفاق واحقاق الحق وهم ابعد ما يكونون عن الخوف و يتعاملون بالمنطق و الاقناع و الاقتناع و الكلمة الطيبة . ( من كتاب (كوستى صرة السودان) لمؤلفه الاستاذ على محمد يوسف ) [email protected]