#تعرج الخطوط# ( 8 ) منذ الوهلة الأولى و أنا أدلف عبر بوابة "عبدالقيوم" قرر "الفاتح سلمان" أن ينزع جلباب الخاتمية ويطوح به بعيداً جلس عن كثب يرصد مجريات الأحداث تفاصيلها تفاعل الناس معها ردود أفعالهم نشأة الأحزاب تكويناتها برامجها إتباطها بالواقع خططها المستقبلية للنهوض بالوطن . في البدء نفر من الوضع القائم و كاد أن يتقوقع داخل شرنقته وينأى بنفسه !!؟... إلا أنني بعد إطالة التحديق و الفحص الدقيق للظواهر والبواطن إتفقنا دون إعتراض من أحد و بلا تردد "محمود و لبن" و أنا على المضي قدماً.. قررنا ثلاثتنا أن نخوض التجربة فكان أن إنخرطنا في سلسلة الخلايا الصغيرة ... لا تتعدى أعمالهمنا كتابة التقارير عن الحراك السياسي و مراميه ... في محيط العاصمة المثلثة فقط ، كانت دائرة تحرك كل منا داخل تخوم المدينة التي يقطنها يبدو أن المهام التي أوكلت إليهم لم تكن محفوفة بدواعي الريبة فقد خلت من توزيع المنشورات أو كتابة الشعارات على الجدران ليلاً أكتفى "الفاتح سلمان" بهذه المهمة و وافقت مزاجه كما وافق شن طبقه و يرى أنها فاعلة في ذات الوقت على مجمل مدار نشاط الحزب و وجد إنها مسلية و مبددة للرتابة و الملل ، فضلاً عن أنها مليئة بمصادر المعلومات التي تجعله يمتلك الرؤية النافذة بينما ضاق صديقاه ذرعاً بها و تعللا بأنها تخلو من روح المغامرة و بعيدة تماماً عن أي خطر قد يحدق بهم !!؟... بل ربما تكون عديمة الجدوى لرفد الحزب بطاقة مؤثرة !!... هل يمكن أن نجرد "الفاتح" من الحس الوطني ؟ ... ألا يمتلك ما يفدي به الوطن ؟... لماذا لا يتوق إلى ما يطمح له صديقاؤه لست من الذين يزجون بأنفسهم في الزوايا الضيقة !!.... لا أحد يجرؤ على إلحاقي ضمن دائرة العناصر الرخوة .... ماذا يجني الحزب إذا وقعت كالفأر المذعور في فخاخ السلطة الغاشمة !!؟... هل إعتقاله و تشريد من ينفق عليهم يضيف بعداً جديداً في خارطة النضال الانساني ؟ .... كيف يدير شأنه الخاص إذا فقد حريته ؟؟... أليس الشأن الخاص جزء جوهري من الشأن العام ؟؟.... في ظنى الغالب بل في إعتقادي الجازم لا يستقيم الثاني إلا إذا صلح الأول و إمتلك حرية الحركة !!... و حيوية الفعل و كان دائماً يزهو بأنه أكثر وطنية منهما !!؟... و أقدر على إنتشال الوطن من وهدة الخنوع و الاستكانة عن طريق الحوار و الطرق المثلى للتفاوض مع الآخر الغاصب !!... و كان يعتقد أن ما تنتهجه القوى السياسية في التعاطي مع لعبة فن الممكن .. إذا كانت حاكمة أو تمثل المعارض ، فشلت في تشكيل هوية وطنية تستوعب كل هذه الأعراق و الديانات والثقافات المتمايزة ، في بوتقة واحدة ، بل فشلوا في إدارة هذا التنوع الثري ... تصدى له "لبن" - و إن أبى هذا الغاصب - لا بديل في هذا الظرف القاهر سوى العصيان المدني الذي ابتدعه "غاندي" وإستلهمه ثوار أكتوبر و أطاحوا عبر آليته السريعة المفعول بالطغمة العسكرية الباغية التي إختطفت الحرية من أول نظام ديموقراطي يطبقه السودان قبل أن ينعم أهله بسعة التعددية و جدواها في سيادة الحكم الرشيد ... - لكننا سرعان ما فقدنا كل هذه المزايا التي تتحدث عنها في غمضة عين حينما قفز "نميري" و أتباعه بليل على منجزات الشعب الكادح !!؟... - ألا ترى أن قيادتنا إرتكبت خطايا لا تغتفر بمشاركتها في هذا الفعل الأرعن - بل كان جرماً أعظم ... - ربما كان عملاً تكتيكياً للإستيلاء على مقاليد الأمور ، و لاحقاً لتطبيق حلمنا على أرض الواقع ... - لكن الفشل الذريع كان حليفهم - ليته كان فشلاً فقط - لقد كان طامة كبرى !!؟.... - قضت على خيار قادة الحزب جميعاً - ألم أقل لكما أن العنف لا يولد إلا عنفاً أسوء ؟... - ماذا نفعل إذا كانت هذه الحادثات الجسيمة سمة غالبة على طبيعة عصرنا هذا !!؟... هكذا ظل ثلاثتهم طوال الفترة التي أعقبت أخماد أنفاس الحركة التصحيحية التي قام بها (هاشم العطا) لا يكفون عن الحديث حول هذا الحادث الجلل يختلفون حيناً ويتفقون حيناً !!... و يتصادمون في بعض الأحيان ... و يظل "الفاتح سلمان" مغايراً لهما في كل الأحايين .... غير أن ثلاثتهم كأضلاع المثلث لا يتخذ شكله الهندسي الكامل إلا إذا إلتأمت هذه الأضلاع !!؟... * * * لم تكف "رُمانة" عن المجيء إلى مأواه الصغير المتواري خلف ( شجرة النيم ) الضخمة في حي نمرة إتنين منذ هبطت عليه على حين غرة عقب ليلة المتاريس كان يوماً فارقاً في سيرة حياته إذا كان من الممكن أن يكتب في يوم ما سيرة ذاتية كأحد المشاهير أو مذكرات أو يوميات أو حتى ذكريات عن الماضي التليد كما درجت الشخصيات العامة أن تتوج خاتمة حيواتهم بمثل هذا الفعل حقاً كان يوماً فارقاً بل استثنائياً !!... رسم على متن خارطة الذاكرة لوحة تجريدية !؟... ظلت معلقة على جدار الحلم طوال سنوات حياته ... هل يمكن أن يخط بفرشاته خطوطاً متعرجة !؟... ربما تضيف عمقاً لفضائها السطحي انطوت ذكرى "فطومة" و ُطمست معالمها ... و لم يبق منها سوى "أيقونة" آخذه في التواري .... خلف غيوم الزمن الآفل بينما أخذته "رُمانة" من تلابيبه وإمتلكت بحضورها الطاغي مجمل أشواقه أدهشته بتلقائيتها كأنها لم تلج بيت رجل عازب !.. كانت امرأة بلا قيود !!؟... "أنثى" من اللحم الصقيل تفجرت عشقاً وضج النسل في أعراقها هجينة لخليط من الفور و العربان خلاسية من تمازج النازحين من اصقاع السودان المتباينة منذ الوهلة الأولى تهبك طزاجة الدهشة و تملأ عينيك بالإنبهار ما أحاره أنه لم يستشعر ضعفاً أمام سطوة كل هذه الأنوثة المتفجرة ما يحسه الرجل تجاه امرأة يشع جسدها بدلالة صارخة - هيت لك !!؟... سرعان ما أُلجم هذا النداء خذني عنوة أنا أسيرة هواك استبيحك قلاعي يقول هامساًَ لنفسه - معاذ لله كفت جوارحه عن ممارسة فعلها التلقائي في مثل هذه الحالات النادرة الحدوث طوال المدى الذي انقضى من حياته وبدت كأنها معطوبة !!؟.. ولكن لدهشته اسعده انه لم يتشكل رد الفعل المتوقع حتى ، لسانه سكن بين شدقيه و فقد طلاقته و حضر الصمت بديلاً لجيشان دواخله و أمتلك زمام أعنته و ظل هناك يرقبها راصداً مجمل ما يصدر عنها فعلاً كان أكثر إنفعالاً كأن حضورها الشاخص يوقظ وحوش هامش الشعور ويطلق زئيرها دون صدى خارجي كانت دهشتي الدائمة أمام هذا المشهد المحرض لارتكاب الحماقات النزقة اكتشافه لإمتلاكه لرصيد هائل من الكوابح !!؟... فظل متنازعاً بين صد ورد يراوح داخل حيز جعل له تخوماً حمراء لاتخترق ... بينما عيناها ضالعتان في تجريده من اسلحته وعطرها يفجر كوامنه و عودها السيسباني اللدن لينصب له الفخاخ كنت أخشى خشية الموشك على الغرق ألا يسمع إستغاثتي مغيث !!؟... لذلك ..... رحت أقاومك بضراوة أو على الأصح أقاوم فحولتي المستفزة وأنت لا تبالين !!!... تقبلين و تدبيرين في تلقائية و تلقين القول على عواهنه و تأتين وتمضين عفو الخاطر و أنا ذلك المسكون بهواجس الانزلاق لقد إختلقت مأزقي بذاتي - أتدرين كيف استشهد القرشي ؟ ... - حتماً كما يموت معظم الشهداء ... - كلا - لما النفي ؟ - ..... - ألم يكن من المحتمل أن تخترق الرصاصة الطائشة صدر أحد الطلاب الآخرين الذين شاركوا في تلك الندوة ؟... - مرة أخرى كلا لأن "القرشي" نذر نفسه للشهادة كان لا بد له أن يقدم روحه الطاهرة قرباناً للوطن ... لقد خرج من "البركس" وهو يعلم يقيناً أنه ذاهب إلى الموت كانت خطواته تتسارع كمن يخاف أن يخلف موعده مع أعز الناس - إذن لولا الشهادة التي نالها "القرشي" لما تفجرت ثورة اكتوبر - هو الشرارة التي إلتمعت في جنح الدجى فأضاءت دهاليز الدروب المتعرجة أكمل جملته الأخيرة و إنطوى على نفسه ... يثرثر مع الذات الأخرى تتداعى الافكار وتمتزج بالمشاعر وتتفجر الأسئلة لماذا "عزة" رهينة الوطن؟ هل الوطن قرين الحبيبة؟ كيف يمكن أن يخرج من هذا المأزق؟ لقد إختلفت مأزقي إختلافاً استعاد ذكرى باهتة تلاقينا خلسة خلف حقول القمح "فطومة" وأنا أخذت يدي اليسرى وضعتها فوق صدرها الشرس لأتسمع عبرها خفقات قلبها البكر !!؟... لم يطق صبراً ليتتبع خطوات ذلك المشهد الأستثنائي و قطعاً لتسلسله تعجلت و أتى بختامه كدت أن أكاوشها و أقع عليها و نذهب سوياً مذاهب شتى لكن بغته تسمر دون حراك و ها هو الآن يلج ذات التجربة و لكنها مرة أخرى لم تكتمل فصولها تظل ناقصة أو لعل نهايتها مفتوحة تقبل كل الإحتمالات كما يفعل الروائيون المحدثون في خواتم رواياتهم الآن.. في هذه اللحظة بالذات كل ما يحدث هنا دعوة مكشوفة لخوض التجربة كاملة.. فقط مع وقف التنفيذ ألا يثير الحيرة والعجب ما أحاط بحياته طوال ما انقضى من سنوات و حتى هذه اللحظة لم يختبر فحولته كان " محمود منصور" حينما يشعشع رأسه الخفيف ، عقب قعدة خميسية يحلو له كثيراً الذهاب إلى فساد الأمكنه ليخمد لهيبه و لكنه دائماً كان يخفق في مسعاه معه !!؟... فيكتفي في نهاية المطاف برفقة "لبن" دون ضلعهم الثالث ، كنت خلال الفترة التي إمتدت بين مرحلتي المراهقة و عنفوان الشباب أقف بين مفترق طرق خلف تخوم شهوة الجسد و تسامي الروح دون فعل !!!... و أحياناً أتسافل ويهفو جسدي لولوج الدهاليز الشبقية و سرعان ما أتسامى و أترفع عن أرتكاب الخطايا متحصناً يقيم و أعراق الأسرة الممتدة و أحياناً أتحسر على زهرة شبابي و أهجو نفسي مقرعاً إياها ؛؛؛؛ لأنها حرمتني من تفعيل طاقات ذكورتي الطبيعية كيف لي أن أصادرها ؟... لماذا أضع على مخارجها رتاجاً من ذهب ؟... الشهوة اللذة الجسد ملامسته تسلق تضاريسه مقاربته الإلتحام به كأننا واحد التماهي معه استنشاق رائحته أن تسكر بالخُمرة السودانية أن ترتشف ثمالتها من بين اعطاف إمرأة أن تنهل رحيق الشفاه من ينابيع انثى وأي انثى !!.... إنها خلاصة الأعراق المعتقة سليلة الفراديس إنها نيل الكوثر ها هي بين يديك تسترخي على أريكتك و"السكس آبيل" يشع من عينها من بين شفتيها من كتلة الأنوثة المتفجرة من بين الثنايا والأعطاف والإنحنايات والأستدارات والنتؤات اطلس من خرائط الجسد المجسمة هذه تضاريس فاتنة تغري بتسلقها تدعوك و أنت محكوم بأوهام و تكافح وعيك و تقمع جموح شهوتك هذه اساطير الأولين تحكى ولا تصدق !!؟... * * * [email protected]