لماذا ذهبت نساء بلادنا للعمل بدول الخليج كعاملات منازل، وليس كخادمات كما يُشاع على سبيل الذل والاهانة؟ الاجابة بسيطة ولا تحتاج كثير عناء.. بل لماذا لا تذهب النساء إلى الخارج بحثاً عن لقمة العيش بعد أن ضاقت بهن أرض الوطن ولم تعد تسع الباحثين عن قوت يومهم. أو لم يعترف مدير شؤون جهاز السودانيين العاملين بالخارج بعضمة لسانه بأنهم ينجزون نحو "5" آلاف معاملة لطالبي التأشيرات إلى الخارج لتصححه إدارة الجوازات بأن "13" ألف تأشيرة تخرج يومياً وليس كما ذكر مسؤول المغتربين.. "13" ألف يومياً جلهم من الشباب من الجنسين ضاقت بهم الأرض بما رحبت، اتجهوا نحو الهجرة للبحث عن لقمة العيش شريفة كانت أو غير شريفة... في مهن كبيرة أو ضيقة المهم أن السودان لم يستطع أن يستوعب هذه الطاقات. الطبيبات والمعلمات والمهندسات والممرضات يبحثن عن طرق خروجهن للعمل في دول أخرى خاصة السعودية، والإمارات. وبذات درجة البحث توجد نساء أخريات الظروف الاقتصادية أو ظروف الحرب منعتهن من إكمال تعليمهن وهن في أمس الحاجة إلى المال.. فاتجهن للعمل كعاملات منازل أو ضيافة أو نظافة أو أية مهنة تتناسب ومقدراتهن والتي لا تتطلب شهادات عليا ثم بعد ذلك هن وحظهن أما العمل مع أسر تكرمهن لاعتقادها أن العمل في شؤون المنزل وإدارته مهنة محترمة وشريفة لا تؤدي بالسيدة إلى الاهانة والتنكيل أو أن يوقعهن الحظ العاثر في أسر متكبرة ومتعجرفة كما حدث لبناتنا مؤخراً في المملكة... ومن الانصاف ألا نعمم الظاهرة ونضع كل الأسر السعودية التي تعمل معها سودانيات في خانة الاتهام طالما أن مثل هذه الظواهر فردية وتحدث في كل مجتمع حتى عندنا في السودان فكثيرين يهينون عاملات المنازل لذلك يجب ألا يقود الانفعال الرسمي إلى قرارات يكون ضررها أكثر من نفعها. مثل هذه الحالات الفردية لاهانة المرأة العاملة في مهن بسيطة ولا أقول هامشية تنتشر عندنا حتى على المستوى الرسمي وما قضية صفية التي تناولتها بنفسي في تحقيق عبر (التغيير) الأشهر الماضية إلا دليل حي على ذلك. صفية خريجة جامعية تخصص لغة انجليزية من جامعة السودان لم تجد عملاً بشهاداتها رغم جلوسها المتكرر عبر لجنة الاختيار فكان الاختيار للمحظوظين أبناء الوساطات فقررت أن تبيع الشاي لإعالة والدتها وشقيقتها.. كانت كغيرها من بائعات الشاي تتعرض للعنف اللفظي من موظفي المحلية إلى أن جاء القدر بموظفين من محلية جبل أولياء ليتحول العنف اللفظي إلى عنف جسدي... هجم عمال المحلية وقذفوا بالموقد بما عليه من جمر وبراد مياه ساخن يغلي فأحدث بشابة في العشرينات تشوهات جسدية اضطرتها البقاء في المستشفى. كيف نرفض ونستشيط غضباً لكرامة الوطن ولكرامة المرأة والمواطن السوداني عندما يتعرض للاهانة خارج وطنه لكننا نقبلها وتتقبلها بصدر رحب عندما تحدث لمرأة عاملة داخل وطنها.. لماذا نطالب كلنا إعلام ومنظمات مجتمع مدني وبرلمان بتغيير القوانين واجازة قوانين مقيدة لحرية حركة المرأة وحظرها من السفر فقط لشبهة أو احتمالات تعرضها للاستغلال والأذى النفسي وفي ذات الوقت لا نطالب بتغيير القوانين التي تعرض العاملات في المهن الحرة داخل الوطن إلى السب والاهانة والتجريح والمصادرة وأحياناً التحرش والعنف الجسدي.. مالكم كيف تحكمون. التغيير