شهر مايو الماضي، بينما التفجيرات تعم الشرق الأوسط وتهديدات تنظيم الدولة الإسلامية لا تتوقف، فجرت الشرطة الأمريكية إناء طهي يعمل بالضغط "برستو" عُثر عليه داخل عربة قرب الكونغرس اشتبه في أنه قنبلة، الإناء عثر عليه قبيل بدء حفل تذكاري بمناسبة العيد الوطني، ليتضح- لاحقاً- أن صاحب العربة التي وُجد فيها الإناء ما هو إلا مواطن عادي يتكسب من هذه العربة، هكذا وصلت درجة الفوبيا، فليس غريباً أن يشتبه أي أمريكي في أي شيء. أحمد، طفل أمريكي مُسلم من أصول سودانية، ذهب إلى مدرسته يحمل ساعة قام باختراعها ليُريها معلمته، الطفل البالغ من العمر "14" عاما أطلقت ساعته صافرة تنبيه داخل الفصل، حِس الإسلاموفوبيا لدى معلمة الفصل صوّر لها صافرة الساعة قنبلة تقترب من انفجار وشيك، اتصلت بالشرطة التي اقتادته إلى التحقيق لمدة ساعة، حادثة الطفل أحمد التي حُظيت بتعاطف لافت اقتادته في النهاية إلى موعد مع الرئيس الأمريكي الذي قدم له الدعوة- ربما- هذا الجانب من حظ أحمد الذي دخل التأريخ عبر ساعة، لكن- في المقابل- الحادثة تُقرأ باتجاهين، أولاً، الدرجة المتقدمة من فوبيا الإرهاب التي سيطرت على العقل الأمريكي- بشكل خاص- والغربي- بشكل عام- الشعور الدائم أنك هدف للقتل هو دون شك تعبير مباشر عن حالة ترقب وتوقع دائم لوقوع كارثة ما، بالمقابل فالحادثة التي وجدت تفاعلا لافتا في إعلام العالم الإسلامي والعربي- تحديداً- تقودك بلا تردد إلى التعاطف المضاعف مع هذا العالم، وكأنما عثر على صك براءة من الإرهاب والقتل والصورة الدموية التي باتت مرتبطة بالمسلمين لدرجة هزَّت الثقة على نحو محزن. الأسلوب الاحتفالي الذي حُظيت به تغطية الحادثة والمتابعة المستمرة لها على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ثم انتقالها إلى وسائط الإعلام الأخرى، تخبرك أن مجرد العثور على خبر يقول إن مسلماً اشتبه في أنه إرهابي اتضح أنه مخترع بات يشكل مصدرا للفخر، صحيح هي مبعث فخر لكن الاحتفاء الإعلامي على أساس أنه مسلم كأنما يُراد الإشارة به إلى أنه يوجد هناك مسلم غير إرهابي، بل مخترع. هذه درجة من البؤس تستدعي إعادة صياغة كل شيء حولنا، كل شيء. التيار