د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    السجن لمتعاون مشترك في عدد من قروبات المليشيا المتمردة منها الإعلام الحربي ويأجوج ومأجوج    الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    المرِّيخ يَخسر (سُوء تَغذية).. الهِلال يَخسر (تَواطؤاً)!!    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حنتوب تواصل انشطتها النهارية بالمسائية
نشر في الراكوبة يوم 29 - 09 - 2015

وسارالزمان بنا فى الصرح الكبيريفيض بالوفيرمن الانشطة المتعددة غناءا وتمثيلا وابداعا وامتاعا ومؤانسة من كل نوع وصنف. هل ننسى اياما مضت هل ننسى ذكراها .. اياما مضت درسا وخبرات ومرحا قضيناها..ليال وامسيات تظل عالقة فى الذاكرة لا يطويها النسيان مهما تقادمت عليها الايام كانت اولاها ليلة ليلاءغنائية فى الاسابيع القلائل الآولى فى عامنا الدراسي 1949 شارك فى احيائها المرحومان المبدعان عبدالحميد يوسف (الذى رأه البعض منا واستمعوا الى ابداعه لأول مرة وربما لم يكن أخرون قد سمعوا به.) شنّف آذاننا بباقة من اغنياته اولاها" غضبك جميل زى بسمتك" واتبعها باخريات لم تجد تجاوبا من المستمعين الذين طالبوه باعادة غناء "غضبك جميل"التى ظلت تسيطرزمانا ليس بالقصيرعلى مشاعرالكثيرين من الحنتوبيين يترنمون بلحنها الأخأذ بين الحين والآخركلما اجتمع نفرمنهم فى ساعة صفاء من نهار او ليل كما تواصل شدو الآخرين بها كل على حده من داخل الحمامات.مثلما ابتهجنا وطربنا لسماع المبدع ابن ودمدنى زين الشباب"الخيرعتمان" الذى طالما طافت شهرته آفاق الابداع بادائه المتميزلاغنية الشاعرالكبيرمحمد عوض الكريم القرشى"حنتوب الجميلة" بلحنها الرفيع الذى ابدع فى عزف موسيقاه كوكبة من كبارالعازفين الذين قدموا فى معية المبدع عبدالحميد يوسف من العاصمة..عرّفنا كل منهم بشخصه فى نهاية ليلة الابداع الفريدة فى ذلك العام الدراسى..لا تزال الذاكرة تختزن اسماء نفرمنهم..كان من بينهم عازفو آلة الكمان ممن ذاع صيتهم ولمعت اسماؤهم فى سماوات العزف الموسيقى المتفرد..السرعبدالله وابن ودمدنى البار بدر التهامى وحسن خواض وبشيرعمر الموظف برئاسة المديرية فى ودمدنى(رحمة الله عليهم جميعا)فضلا عن اصغرهم سناّ عازف العود..على مكى.كان عدد افراد الاوركسترالا يزيد عن اصابع اليد الواحده فى ذلك الزمان ولم يكن من بينهم عازف اوكورديون اوضارب طبل او"بنقز"اوغيرها من الآلات الموسيقية التى تزخربها ساحات الغناء والابداع فى هذا الزمان.
لم يمر اسبوعان على تلك الليلة الليلاء ألآ وفوجئنا بانقطاع التيارالكهريائى قبيل بداية فترة المذاكرة..ذات مساء.. ولكن يا لفرحة لم تتم!..اذ سرعان ما بدأت الانوار تسطع فى كثيرمن ارجاء حنتوب..وظل االضياء يزداد كل حين حالما تبين لنا ان كافة الاحتياطات اللازمة كانت قد تم اتخاذها لمقابلة كل طارىء.كانت اعداد كبيرة من"الرتاين"جاهزة لأنارة كل موقع حسب الحاجه لاضاءته فى حينه اهمها فى ذلك التوقيت كان قاعة الطعام وفناء المدرسه امام مسرح المدرسة المفتوح مكان الاجتماع الصباحى اليومى. وجدت الداخليات حظها من الانارة بالابقاء على"رتينة"واحدة مضيئة فى كل داخلية تحت مسؤولية "فرّاش" الداخليه بعد ان فرض على جميع طلابهامغادرتها الى فناء المدرسه بمتابعة لصيقة متلاحقة من رؤساء الداخليات والعنابر حالما ضرب الجرس ايذانا بحلول ميقات بداية المذاكرة المسائيه.بطبيعة الحال لم نذهب الى الفصول المظلمة وانما كان التوجيه للكل بالانتظام فى موقع الاجتماع الصباحى عبرمتابعة وملاحقات "الفوات"الفصول واشراف "الفورم ماسترز" (اباء الفصول) مع الماسترزاون ديوتى".جاء الى المدرسة من اراد من المعلمين ألآخرين الى مكان الاجتماع بعد اتخاذ التدابيرلبقاء اسرهم فى الحفظ والصون فى منازلهم وبقى آخرون ممن ارادوا البقاء فى ديارهم والكل يامل فى عودة التيارفى اى لحظة. وعلى النجيلة جلسنا جميعا دون ان يكون للحديث عن الهوى مجال واتخذ كل من قدم الى المدرسة من المعلمين مكانا له سواء على خلفية المسرح اوعلى مقاعد طلاب سنه رابعه حول موقع الاجتماع. واعتلى مستربراون يصحبه مستر برووكس بقامته المديدة يرتديان البنطلونات الطويلة مما بدا لنا ازدياد قامة مستر برووكس ارتفاعا وعلوا على علوها . تحدث براون فى كلمات قلائل شاكرا ادارة الامداد الكهربائى(شركة النور- سودانلايت) فى ودمدنى على ابلاغه منذ الظهيرة بامرحتمية انقطاع التيارفى تلك الامسيه.فتم اتخاذ التدابيراللازمة لانارة كل ما يمكن توفيرالانارة له من المرافق..قاعة الطعام والمدرسة والداخليات الى جانب الاتفاق مع مستر برووكس على ملء الفراغ المسائى بتقديم برنامج علمى ترفيهى يشارك فيه المعلمون والطلاب.. هو برنامج " التوينتى كويسشنز" العشرين سؤال الذى كانت تقوم فكرته الاساسية على اقتراح بعض المعلمين والطلاب عدد من رؤوس الموضوعات يتم تسليمها لمستربرووكس ويحتفظ بها دون ان يفصح عنها الا فى حينها ليختارواحدا منها كل حين ويقوم بكتابته على سبورة متحركة يراه جمهور المشاهدين ..المعلمين والطلاب من غيرالذين يتم اختيارهم وهم المطلوب منهم التعرف على الموضوع بطرح عشرين سؤالا تصل بهم الى معرفة المكتوب على السبوره بعد ان يكون مستربروكس قد تحدث عن الموضوع المكتوب مبينا ان كان حيوانا اوجمادا نباتا او له صلة اوعلاقة باى منها اوكان مما يمكن ان يطلق عليه اسم(ابستراكت)مع تبيان شىء عن فوائده ومجالات استخداماته واين يوجد ومتى ظهرفى الوجود.ومن ثم يبدا افراد المجموعة المختارة للتعرف على الموضوع طرح اسئلتهم العشرين ليجيب المستر برووكس على كل واحد منها فقط "بلا اونعم" دون شرح اواطالة اكثرمما سبق ان قدمه من افادة مجملة عنه. بطبيعة الحال كانت الاسئلة المطروحه واجابات مستر برووكس ضربا من العصف الذهنى المثيرالمتبادل بين اعضاء كل مجموعة. وبين المشاهدين دون السماح لأى منهم بالتدخل زلو همسا. ان لم تتمكن المجموعه من التعرف على الموضوع المكتوب على السبوره عند اكتمال العشرين سؤال يعلن قائدهم عن فشلهم ويغادرون موقعهم ويقوم مستر برووكس بالافصاح عن الموضوع .ويتم تكوين مجموعة اخرى تبرعا وطواعية واختيارا.ويقوم مستر برووكس بكتابة موضوع آخر.. ويحدّثهم عنه وتبدأ الاسئلة العشرون ويستمرالحال كسابقه.. وتواصلت المحاولات على نفس النحو بين متابعة جمهور الطلاب وفرحتهم وهتافاتهم الداوية كلما حققت كل مجموعة النجاح فى التوصل الى الموضوع المطروح.. الى ان حان موعد تناول وجبة العشاء. وكانما كان بينه وبين ادارة الامداد الكهربائى ونهاية البرنامج سابق اتفاق اذ فجأة عم الضياء كل ارجاء حنتوب وبين تنفسنا الصعداء وصرخات الفرح بعودة التيارانطلقنا الى قاعة الطعام لتناول وجبة العشاء.ومن ثم انفض السامروعادت الحياة المسائية سيرتها الطبيعيه بتوجه البعض الى فصولهم لآداء واجبات ربما كانت تستلزم الاداء فى امسياتها تلك بينما انطلق آخرون الى احد المقهيين لتناول الساخن من المشروبات اولآستنشاق انفاس من لفافات التبغ "مخمّسة او مفردة" فضلا عن المسارعين الى قاعة الراديو للاستماع الى اغنية التاسعة مساء ونشرة الاخبار التى تليها اومن آثروا العودة الى داخلياتهم او توجهوا الى غيرها ينشدون لقاء الاصدقاء والاحباب قبل حلول ميقات الخلود الى الراحة فى العاشرة مساء. كان ذلك ضرب من النشاط الذهنى والمعرفى خارج مجال المواد الدراسيه مما يثرى الحياة ويفتح آفاق الطلاب ويتيح للمعلمين المزيد من فرص التعرف على قدرات طلابهم وطرائق تفكيرهم..
وكان من بين الايام الخوالد فى اذهاننا ووجداننا هى ما كانت تعرف ب "ايام ألآباء" حينما كانت تتم دعوة اباء واولياء امور الطلاب لقضاء جزء من النهارمستشرفين دراسة ابنائهم بحضور هم داخل الفصول نهارا ومشاهدة انشطتهم الرياضية عصرا الى جانب العلمية والثقافية والفنية منها مساء لمن اراد البقاء مما يبين اوجه النظام التعليمى فى ابهى صوره فضلا عن تناول وجبة الغداء بانواع وكميات الاطعمة اليومية المعهوده مع ابنائهم فى قاعة الطعام يتقدمهم المستربراون ونائبه وبعض رفاقه المعلمين. ومن بعد قضائهم فترة من الراحة فى الداخليات يتوجه الجميع الى ميادين الرياضة لمشاهدة ضرب من ضروب النشاط الرياضي الذى يتنوّع ويختلف من عام الى آخر.ففى عامنا الاول ذاك ( 1949) شهد الآباء واولياء الامور ختام سباق اختراق الضاحية الذى حضرالضيوف بدايته امام المدخل الرئيسى للمدرسه (تحت البرج)كان المشاركون فى ذلك السباق هم افضل واسرع خمسة عدّائين من طلاب كل داخلية من الداخليات الثمان تم اختيارهم من واقع مشاركاتهم المتعددة اثناء الشهرين المنصرمين تدريبا واعدادا لذلك اليوم.انطلق الاربعون طالبا على مضمار السباق المتعارف وسبق لهم التدرب على مساره مهرولين.. يرتدى ممثلو كل داخلية فنائل قطنية جديدة ذات الوان مختلفة تميز كل داخلية عن الاخرى..وكان نفرمن المعلمين قد سبقوا المتسابقين قبل بداية انطلاقهم بوقت كاف الى نقاط محددة على مساررحلة السباق لمراقبة المتسابقين ويقوموا بتسليم كل واحد منهم - عند كل نقطة من تلك النقاط - بطاقةمحددة يحتفظون بها ليقوموا بتسليمها جميعا عند نقطة النهايه للتأكد من ان كل متسابق اكمل المسافة كاملة ومن ثم يحصل كل متسابق اكمل المشوار رقما يشهد بترتيبه لحظة وصوله. ثم يتم جمع ارقام وصول متسابقى كل داخلية على حده لتحديد الداخلية الفائزة وهى التى يكون مجموع ارقام متسابقيها الخمس ادنى المجاميع رقما مما يؤكد وصولهم المبكرنقطة النهاية فى دائرة الوسط على ميدان كرة القدم الرئيسى نمره (1). فى ذلك العام كان الفائز الاول هو طالب السنة الثالثه عبدالرحمن احمدالصومالى من داخلية ابولكيلك (الوليده)الذى قطع المسافة البالغ قدرها خمسة كيلومترات فى ثمانيةعشر دقيقة وخمسة وخمسين ثانية. تلاه فى المركزالثانى بعد ثوان خمس طالب سنة ثانية جعفرعلى من داخلية المك نمر(وهومن تقدم وتفوّق على عبدالرحمن الصومالى محرزا المركزالاول فى نهائى منافسات ذات السباق فى عام (1950) وكانت داخليتة ابو لكيلك هى الفائزة (1949) بعدد حساب ما احرزه طلابها الخمس من ادنى مجموع من ارقام ترتيب وصول متسابقيها فكانت فرحتنا ..طلاب ابولكيلك وتيوترها احمد ابوبكرابراهيم وهاوسماسترها استاذنا المقيم فيها عوض الكريم سناده (عليهم الرحمة جميعا فى الفردوس الاعلى) فرحة مزدوجة بحصول زميلنا عبدالرحمن الصومالى كأس الفائزالاول ونوال داخليتنا كأس المنافسة اللذين كان المسترهولت تيوترداخلية على دينارورئيس شعبة التاريخ والمشرف على تنظيم المنافسة قد تبرع بهما من حرماله!
فى لاحق السنوات كان الاباء وولاة الامورعند حضورهم يوم الاباء يشهدون منافسات العاب القوى الختامية بين الداخليات وهى التى كانت اكثرامتاعا لما كان فيها من تنوع واثارة فى كل سباق من سباقات المضماراومنافسات الميدان.وتواصلت حلقات الاحتفال بيوم الآباء تلك الامسية الخالدة من اماسى عام 1949 فى حضوربعض اولياء الامورالذين قضوا جزءا من الامسية مع ابنائهم واسرة المدرسة (معلمين وعاملين) وعدد كبيرمن اهل القرية الغرالميامين ولما كان ميدان الاجتماع اليومى المواجه لمسرح المدرسى لايسع الجميع ضيوفا كراما ومعلمين اخيارا واسرهم واهل القرية الفاضلة مع الطلاب البالغ عددهم اكثرمن خمسمائة طالب فقد تم تشييد مسرح مؤقت فى المساحة الخالية من كل الموانع الطبيعية..شجيرات" الطنضب والعشر" التى تمت ازالتها اقتلاعا من جذورها..ذلك هو الفضاء الواقع غربى داخلية على دينار.كان ذلك المسرح المؤقت قد تم اعداده من مصفوفة من الترابيزالخشبيه فرشت علي اسطحها عدد من البطاطين الصوفيه وجىء بعدد كبيرمن"الرتاين" توفيرا للمزيد من اضاءة المكان حيث قدم نفرمن الطلاب المبدعين قفشات قصيرة تمثل بعضها فى تقليد حديث بعض معلميهم الى جانب تقديم بعض المواقف التنكريه.. لن ننسى احدهم (عليه فيض من رحمة الله) الذى جاء متنكرا فى هيئة سيدة بعدما اجريت له بعض التعديلات على جسمه الذكورى ليتناسب مع الفقرة التنكريه وجاء يتمخطربالتوب السودانى وتنتعل حذاءا بكعب عال وبين دهشة المشاهدين وفى جرأة سارت السيدة الفضلى تشق طريقها الى الصف الامامى لتجلس بجانب المستربراون الذى حاول ان يخلى لها مكانه الآ انها امسكت بيده طالبة منه البقاء فى مجلسه فامتثل لطلبها ولكنه ظل يفسح لها المجال لتتمهل فى جلستها محاولا الابتعاد عن الالتصاق بها قدر الامكان ظنا منه انها زوجة لواحد من المعلمين .اجاد الطالب دوره التنكرى وابدع ايما ابداع بما لا يدع مجالا للشك ان الجالسة بجانب المستر براون كانت سيدة كاملة الدسم بحق وحقيق فقد صعب على الكثيرين من رفاقه التعرف على شخصيته الآ انه اماط اللثام عن نفسه وهو يغادر مكان الحفل حينما نسى نفسه والتفت لا شعوريا وهو يبتسم مستجيبا لنداء الاستاذ عبد الحليم على طه له باسمه الذكورى حينما تمكن الاستاذ بعينه الفاحصة وببصيرته النافذة من التعرف عليه. وكان تنكرالمرحوم عبد الساتررئيس داخلية الزبير فى هيئة شيخ من رعاة كردفان مدعاة للبهجة والسرور..ولن ينس الحنتوبيون القدامى طلوع اثنين من داخلية الولكيلك الى المسرح متنكرين فى هيئة زوج وزوجة من قبيلة الهوسا يتحدثان لغة القبيلة بطلاقة ادهشت المشاهدين(رحم الله الزوجة ومد فى ايام الزوج ومتعه بالمزيد من الصحة والعافيه)
وكانت قصيدة الاستاذ الكبيرالعزيزالراحل عبد الحليم على طه (عليه فيض من رحمة الله)مسك الختام وهدية المهرجان البديع وهى احدى نفائسه التى اشتهرت وطافت الآفاق من بين ما نظم من خوالد اشعاره وكانت بعنوان"ابواتى الكبار"التى تناول فيها كل اوجه الحياة فى حنتوب.لم يترك شاردة ولا واردة الا ولقيت نصيبها من كلمات القصيدة الخالدات التى وصف بها الشعب (الأقسام)الدراسيه وما تقدمه من علوم ومعارف وخبرات وتجارب معلميها الاخيار.ولم ينس ان يذكرما اكتنف اختراق الضاحيه من احداث.. "الوقع انكسر وادّوا الحصص لبدالو..والجا راجع منّ "الجريه" ناسى نعالو"! وصدق معلم الاجيال فى كل حرف من حروف ما صاغه من ابيات فى حق المسترلوبس براون الذى ورد اسمه فى الملحمة الشعريه الفريده مخاطبا اياه بقوله:"يا التحت البرج من همّتك بنقيس..حيرانك كتار..دبّرامورك وسيس.. حنتوب سبحتك.. جرالالف يا لويس .. وحوّط مكتبك.. النصرى عندو حديث".. الا رحم الله تلك الايام الزاهية الجميلة والمغفرة لكل معلمينا الاخيار..كهولهم وشبابهم فى ذلك المكان الطيب ولكل من عاش فيه من رجال القرية الافاضل الذين سعدنا والله بلقائهم عبر السنين والزمان طلابا ومعلّمين
وكانت من انشطة طلاب الصرح العظيم فى عام 1949 والتى لا تنسى وخلدت فى ذاكرة الكثيرين ممن شهدوا تلك الامسية الفريدة الى قدّمت فيها مجموعة من طلاب السنة الرابعة الذين اختارهم "المسترويتفيلد" معلم اللغة الانجليزية وآدابها المتفرد بدقة وعناية لتمثيل رواية"مكبيث"الخالده على مسرح حنتوب.اشهد الله انى اهتزطربا كلما عادت بى الذكرى الى تلك ألأمسية الخالده.. فقد كنت من الذين اسعدتنى الظروف ان اكون متابعا لكل"بروفات الاداء التجريبى– ريهيرسالز" التى كا يؤديها من تم اختيارهم لتمثيل الرواية تحت اشراف المستروييتفيلد وذلك عبراحدى نوافذ فصلنا(اولى كولمبس)المطل مباشرة على مسرح المدرسه حيث كان المستر ويتفيلد يقوم بتدريب المجموعة المتميزة تلك من طلابه على اداء ادوارهم بدءا من قراءة النص من الكتاب وشيئا فشيئا يتخلّون عنه وهم يرتفعون كل امسية الى درجة اعلى من الاداء المتقن.جلوسى على مقربة من النافذة اتاح لى فرصة الاستماع والمتابعة والاستمتاع بكل بروفات التمثيل مما جعلنى التقط من عبارات الروايه ما ظلت عالقة مختزنة فى ذاكرتى سنين عددا وزادت خلودا فى النفس والوجدان ترسخا اكثرفى عامنا الاول بكلية الخرطوم الجامعيه حينما كانت رواية مكبيث احدى كتب ألأدب ألأنجليزى الواجب على"البرالمة" دراستها والتى سعدنا كثيرا بتلقيها على يدى المسترهارت.. رئيس القسم فى ذلك الزمان الزاهى الجميل.مثلما شاءت الظروف ان اقوم بتدريسها والغوص فى احداثها لطلاب السنوات النهائية فى مدرستى خورطقت ووادى سيدنا لاكثرمن ثلاث سنوات متتالية(1964 – 1966) ( بس نتساءل ان كان هؤلاء واولئك الطلاب الذين يتبوؤون اعلى المناصب الحكومية فى لواحق من الزمان يذكرون تلك الازمنة حينما كان عدد من مسرحيات وليم شكسبير الخوالد (كاملة الدسم والنص وليست ألأبريدجت)- مكبيث وتاجر البندقية وريتشارد الثالث وغيرها الى جانب عدد آخر من مسرحيات برنارد شو مثل "سينت جون.. وبيجماليون .. والرجل والسلاح" منذ قديم الزمان الى عام 1969 ومعها روايات "سترايف وجستيس" لقولزويرذى- كانت من بين مختارات المدارس الثانوية لكتب مادة الادب الانجليزى التى يجلس لها الطلاب من بين مواد امتحان شهادة كيمبريدج ومن بعدها امتحان الشهادة السودانيه (تتصوروا)!
عودا على بدء الى تلك الامسية الخالده التى كان فى مقدمة ضيوف حضورها المستربريدن مديرمديرية النيل الازرق (الممتدة من الكاملين شمالا الى الكرمك وفازوغلى جنوبا وتشمل مديريات الحزيرة والنيل الابيض والنيل الازرق) وكبار مساعديه من مفتشى المراكز البريطانيين من بينهم التوام(هوكسويرث اخوان – مفتش الرئاسة فى ودمدنى وتوأمه مفتش مركز الدويم) مع محافظ مشروع الجزيرة ومديرالابحاث الزراعية الى جانب مديرمستشفى ودمدنى العملاق (الدكتورلورنزين).وباشمفتش تعليم المديريه (وزيرالتربية والتعليم الولائى فى هذا الزمان) معلم الاجيال الشيخ (كما كان يحب ان ينادى عليه) صالح بحيرى(معلم اللغة الانجليزية منذ تخرجه فى كلية غردون عام 1914) كانت بحق ليلة ليلاء ابدع فيها المستر ويتفيلد اخراجا للمسرحيه على المسرح المفتوح لا ستارة فيه ترفع اوتتنزل مستخدما فى براعة تامة فى نهاية او بداية كل مشهد او فصل من مشاهد وفصول المسرحية عدد من "اللمبات" الكهربائية المثبتة بدقة وعنايةعلى ارضية جنبات المسرح اوعلى واجهته اضاءة واطفاءا حسبما يتطلب الامربعد تدريب كامل لواحد من الطلاب الذى تم تكليفه بتلك المهمة. وكان ابداع الكبارسنا وقدرا ومقاما من رفاق دربنا جميعهم(رحم الله من انتقل الى رحاب ربه) فى تمثيل احداث المسرحية امرا تعجزكل كلمات قواميس العجم والعرب عن وصفه.فقد بز وتفوّق على نفسه (صيغة فى المبالغة) القانونى الضليع مولانا عبدالله ابو عاقله - حفظه الله ومتعه بالمزيد من الصحة والعافية - الذى فام بتمثيل دور"مكبيث"(مولانا عبدالله كان هوالوحيد من بين اقرانه من احرزدرجة ألأمتياز"ديستنكشن" فى مادتى اللغة الانجليزية والادب الانجليزى فضلا عن درجات الامتيازفى اللغة العربية وفى اخريات من المواد التى جلس لها فى امتحان شهادة كيمبريدج فى ذلك العام.مولانا شدّ انتباه المشاهدين جميعا ونال اعجابهم الذى تمثل فى التصفيق المتواصل الذى كان ينبعث كل جين من صفوف الضيوف يشق سماوات وارجاء الصرح الشامخ..وفى هتافات رفاقه الطلاب كلما نطق كلمة اوخطا خطوة على المسرح متقمصا دور بطل المسرحيه.وبذات القدركان ابداع رفيق دربه الرشيد عثمان خالد(رحمة الله عليه فى الفردوس الاعلى) الذى تقمّص دور "ليدى مكبيث"التى يرى بعض النقاد انها هى بطلة المسرحية بحق. لوكانت تولت بنفسها القيام باغتيال ضيفها "دنكان" ملك سكوتلندا(حسبما جاء فى المسرحية) لأنه كما قالت" تمثل لها على سحنته قدركبير من شبه لوالدها"لكان من الممكن اعتبارها بطلة المسرحية!فهى التى خططت وظلت تزيّن لبعلها مستقبلهما بعد الجلوس على عرش سكوتلندا وهى التى وضعت كل التدابير وادقها لتتم عملية اغتيال الملك بنجاح على يدى زوجها"مكبيث"ليجلس هوعلى عرش سكوتلندا وتبقى هى السيدة الاولى بين سيدات المملكة.
اما الساحرات الثلاث اللاتى التقى بهن"مكبيث" وصديقه"بانكو"فى بداية المسرحية وهما عائدان من قيادة احدى المعارك التى انتصرت فيها قواتهما واللاتى تنبأن لمكبيث بحصوله على لقب "ثين اوف كودور"اضافة الى نبوءتهن له ان سيكون فى لاحق من الزمان ملكا (دون الافصاح عن المكان) مثلما تنبّأن لبانكو بان يصبح ابناؤه ملوكا دون ان يكون هو فى يوم من الايام ملكا فقد قام بتجسيد شخصيات الساحرات على مسرح حنتوب المرحومون باذن الله فى الفردوس الاعلى بابكرعلى التوم (معتمد العاصمة ابّان الفترة المايوية) وطبيب الاسنان بابكرسليم والدكتور(بيطرى)محمد الحسن الفاضل الشهيربأسم"حزمر"رحم الله ثلاثتهم مع من قام باداء دور"بانكو"(عميد الجيش المصرى) السرخوجلى (رئيس ثانى داخلية ابو لكيلك) واللواء محى الدين موسى(رئيس ثانى داخلية دقته وكابتن فريق كرة السلّة الحنتوبى)مشخّصا دور"مكدف"الذى فقد كل افراد اسرته اغتيالا باوامر مكبيث لخروجه من سكوتلندا الى انجلترا للتحالف مع ابنى الملك دنكان..(ماكولم ودونالبين اللذين هربا اليها بعد مقتل والدهما والسعى معا لأسترداد عرش سكوتلندا) ماكدف هذا هوالذى كان على يديه فى نهاية المطاف مقتل الطاغية مكبيث فى نهاية المسرحيه. بانكو لم يطل دوره فى احداث المسرحية اذ هو من تم اغتياله بتدبيرمن مكبيث الذى كان يرجو ان يتم اغتيال ابنه "فليانس" معه لئلا يكون ابناء واحفاد بانكو ملوكا على سكوتلندا كما جاء فى نبوءة الساحرات فى بداية المسرحيه.خاصة وان مكبيث لم يكن له نصبب من خلف ذكرا كان او ذات ثدى يخلفه على عرش سكوتلندا الذى اغتصبه خسة ونذالة بقتل ضيفه الملك دنكان الذى اغدق عليه من الاوسمة العاليه وارفعها.
فى نهاية العرض البديع اعتلى المستر بريدن المسرح ومعه رفقاؤه واشادوا جميعا بما شاهدوه من اداء رفيع وشدّوا على ايدى اولئك المبدعين واثنوا على المستر وييتفيلد وعلى اخراجه المسرحية بتلك الصورة الفريده..مستر براون لم يشأ ان يتحدث الا فى صبيحة اليوم التالى فى بداية الاجتماع الصباحى .. تحدث فى انفعال جلىّ وواضح فى عباراته المتقطعة كانما كان من شدة غبطته وسروره يبحث عما تنطقه به نفسه مشيدا ايما اشادة بكل المشاركين فى التمثيل.. كانت بحق "ايام لها ايقاع فريد".. ولعله كما يقال الشىء بالشىء يذكر فقد قام طلاب مدرسة وادى سيدنا بتمثيل ذات الرواية وابدعوا ايما ابداع ولكن .. حالما انتهى العرض "كما جاء فى الخبر".. اصطف الممثلون على المسرح .. وقد اضمروا فى نفوسهم امرا لم يخطر على بال اى من رفاقهم او معلميهم.. ووقف المدعوون..يصفقون اعجابا ألآ وانطلقت حناجر الممثلين يتقدمهم "مكبيث" فى مظاهرة عارمة بين دهشة الضيوف وحرج المسترلانق ناظرالمدرسة يسقطون الاستعمار باللغة الانكليزية والعربيه.. وجاءت نهاية المسرحية بداية لتعطيل الدراسة ردحا من الوقت..
ونظل نرددها كلمات الاستاذ العزيز الراحل "احمد محمد سعد.. طيب الله ثراه وجعل الفردوس الاعلى مقرّا له ومقاما مع من انتقل من رفاق دربه وزملاء صباه معلمينا الابرار. وهو من عمل فى الثلاثة صروح الشوامخ..معلّما للعلوم فى حنتوب. ونائبا للناظرفى خورطقت.. وناظرا لوادى سيدنا :
"هل ننسى اياما مضت هل ننسى ذكراها.. فلنرفعن لأيام مضت مرحا قضيناها.. رايات الوفاء دواما لذكراها."
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.