قدر كبير من الرهانات والتوقعات التي بني عليها حزب المؤتمر الوطني مجده القادم عبر حواره قد سقطت مغشيا عليها عند عتبة القاعة الرئاسية قبالة شارع النيل وتلاشت تلك الصورة التي رسمت في الخيال بان مؤتمر الحوار سيكون هو المحطة الفاصلة لوضع ملامح رؤية جديدة لدولة سودانية راشدة نحن رعاية حزب المؤتمر الوطني لكن لايبدو ان كل الذي تم التخطيط له قد تحقق ولو بحده الادني . والصورة المرسومة هناك عند القاعة الرئاسية كانت في ابهي تجلياتها ونجهيزاتها كعروس تنتظر ليلة زفافها ..فجاءت "الميديا" المحلية والاجنبية تبحث "مائدة" تحرك بها احشائها والياتها فكانت حضورا طاغيا وحاشدا لكن خابت الامال فغاب الاخرين والذين ربما كان التعويل عليهم كبيرا او بالاحري هم الحافز الاكبر لكل هذا الاحتشاد الاعلامي ,فحدقت الكاميرات نحو منصات الحوار وفي كل الجنبات والصفوف فرات شخوصا ووجوها "مكرورة" فادركت ان كل هؤلاء من اصحاب التجارب السابقة فانشغلت بهم وبنشاط منقوص واهتمام بلا فكرة وبلا ابداع اما اصحاب اجهزة الرصد والتسجيل فهؤلاء آثر بعضهم الجلوس علي المقاعد الخلفية ينتظرون في ترقب وتحفظ محتفظين بمسافة فاصلة بينهم وبين تلك الوجوه "المكرورة" . كان العشم ان تحتشد مائدة الحوار بكل مكونات القوي السياسية السودانية وفصائلها وتياراتها واطرافها واطيافها الاخري و القاعة الرئاسية نفسها كانت مهيأ تماما بمناخ واجواء رطبة علها تطفي نيران المواقف والانفاس الساخنة التي قد تنبعث من بين صدور المشاركين وبالاخص من جماعة الرصيف لتحيلها الي رطوبة ومرونة . غاب السيد الصادق المهدي رغم ان كل المعطيات والتسريبات كانت قد تتحدث عن مشاركته في هذه المائدة لكن المهدي لم يغلق الباب ولكن جعله "مواربا" واحتفظ كذلك بمساحة للمناورة بينه وبين جماعة المؤتمر الوطني متي ما اكتملت التسوية "الثنائية" في غرفها الخاصة ,اما علي صعيد الحركات الدارفورية المسلحة فلم يكن في استطاعة الرئيس التشادي ادريس ديبي اقناع اكثر من ثلاثة من القيادات "الوسيطة" من حركات دارفور كاعلي سقف من حدود الجودية يمكن ان يلعبه لاشراك الحركات المسلحة في الحوار وبالتالي غاب عبد الواحد محمد نور وغاب اركو مناوي وكذلك جبريل ابراهيم اما الجبهة الثورية فهي تنظر لهذا الحوار وكأن المشاركة فيه "كفر وخيانة" وتصفه بانه التفاف حول الذات وان والمشاركة فيه انتكاسة ورجس من عمل "المؤتمر الوطني" اما مولانا السيد محمد عثمان الميرغني فلم يعد حزبه يشكل بعدا اوعمقا في قضية المشاركة وبالتالي تراجع تاثيره علي صعيد الحكومة وعلي صعيد المعارضة ايضا . وفي معسكر اخر يتخندق الحزب الشيوعي السوداني بعيدا عن معسكر المتحاورين لاعتقاداته الخاصة بان الذي يجري هناك عبر مائدة الحوار هو محاولة لتشكيل حلف جديد بذات الفكرة والمفاهيم التي صنعت نموذج الاسلام السياسي حتي لو اختلفت الطرائق والوسائل والهياكل ولهذا فان الماركسية السودانية لا سبيل لها الا وان تنأ بذاتها عن اي حلف يسقط عقيدتهم الحمراء او يخلط افكارها واوراقها مع جماعة الاسلام السياسي . هكذا يتبدي المشهد السياسي بكل مكوناته في سياق مجريات الحوار الحالي ولكن وبكل هذه المعطيات لم يجد المفكر الاسلامي الشيح حسن الترابي زعيم المؤتمر الشعبي من ينافسه علي نجومية (ليلة السبت) و ربما كان لوحده صاحب الحضور اللافت يطلق التصريحات " التخريمات " يمينا وشمالا وبسخريته المعهودة فالتفت حوله الكاميرات كفراشات تبحث عن "رحيق" . ولو ان هناك سؤال يمكن طرحه هنا فاننا نقول للحكومة او نقترح عليها ان يكون حوارها فقط مع اؤليك الذين هم في الشاطي الاخر او مع الذين عارضوا وتمنعوا من الحضور والمشاركة في هذه المائدة ,ذلك لان الذين احتشدوا تحت قبة القاعة الرئاسية لا خلاف بينهم وبين المؤتمر الوطني فهم حلفاء اشبه "بالكمبارس" فلماذا اذن يهدرون كل هذا الجهد والوقت والمال فيما لا طائل منه ؟ . صوت من المهاجر ..! وجاءت الجالية السودانية بالمملكة العربية السعودية وهي مثقلة بجراحات الشتات والاحزان وتمزقات القبلية والجهوية جاءت للالتفاف حول مائدة الحوار تبحث عن سودان بلا احزان وبلا فرقة ..مليون شخص سوداني في مهاجرهم بالمملكة العربية السعودية تحدث عنهم شيخ العرب محمد حسن الهواري عميد الجالية السودانية بجدة وتحدث عنهم ايضا الاخ حاتم سر الختم من جالية المنطقة الغربية جاؤا هنا الي قاعة الصداقة بالخرطوم تلبية لدعوة السيد رئيس الجمهورية يريدون ايصال صوت الجالية لكل المؤتمر وللسيد رئيس الجمهورية ولكل مكونات القوي الحزبية وزعماء القبائل والادارات الاهلية بان السودان في مفترق طرق يكون او لا يكون وانهم كمغتربين ورغم مراراتهم ياملون في حوار هادف وجاد ومثمر يجنب البلاد ويلات الحروب والانقسامات . حالة عطش ..ام مشكلة مياه ؟ تحاول حكومة مولانا احمد هارون بعروس الرمال علي ان تختزل حالة العطش التي يعانيها مواطني شمال كردفان هناك الي مجرد "مشكلة في المياه" لا ترتقي الي مستوي العطش او الازمة المستعصية لكن واقع الحال كما يبدو يجافي الحقيقة التي يتحدث بها هارون فمشكلة الولاية مع المياه معلومة ومرصودة ضاربة الجزور والحكومات هناك تتوارث عجزها وفشلها جيلا بعد جيل والشكوي لن تنقطع كل حكومة تلعن سابقتها ..كنا قد زرنا ولاية شمال كردفان في الايام الاولي في حقبة هارون فالرجل كان قد وضع مشروعا اسعافيا ورؤية استراتيجية طموحة لحصاد المياه بحفر العديد من الحفائر والخزانات "العملاقة" للاستفادة من مياه الامطار وبالتالي معالجة ازمة مياه الابيض وقتها وجدت هذه الجهود والتحركات النشطة قبولا واستحسانا وسط المواطنيين وفتحت امامهم الامال العراض وظن البعض ان عهد هارون ستنتهي معه الي الابد معاناة البحث عن جرعة ماء صالحة للشرب و كنا نظن ايضا ان عروس الرمال واريافها قد قطفت ثمار الصبر علي المعاناة والانتظار الطويل خصوصا ان هذه الجهود مضي عليها اكثر من عام ولازالت الابيض تشكو العطش وحكومة الولاية تابي الا وان تصفها "بمشكلة مياه " وليس عطش لحساسية هذه العبارة لدي كل جهة رسمية ..فالي اين انتهي مشروع احمد هارون لمعاجة مشكلة العطش هل تبدد ام ضعفت الهمة نرجو ان يحدثنا مولانا هارون عن كل الجهود والمراحل عن معالجاته لمشكلة المياه وبالارقام والاحصاءات والبيانات العلمية الدقيقة حتي يعلم انسان شمال كردفان في أي محطة هم وحكومتهم ينتظرون ؟! . [email protected]