عجيب أمر صحافتنا. طالعت منذ يومين خبراً جاء تحت عنوان " طفل سوداني نابغة لم يسمع به أوباما". الخبر تحدث عن صاحب ال 13 ربيعاً أحمد سبت الذي قيل أنه يملك موهبة الابتكار والأتيان بالجديد. فقد صنع أحمد حسب الخبر محركاً بمقدوره الحفر ورفع المخلفات، بالإضافة للدراجات الهوائية والطائرات وغيرها من المجسمات. المحزن في الخبر أن المخترع الصغير قال أنه أُضطر لترك المدرسة في الصف الخامس والعمل كسائق ركشة لكي يعين عائلته في كسب قوت يومها. طفل سوداني بهذه القدرات تجبره الظروف على ترك الدراسة ورغماً عن ذلك هناك من لا يجد عبارة يكمل بها عنوان خبره سوى " لم يسمع به أوباما"! هل نسيت الصحيفة التي نشرت الخبر أن الطفل السوداني الأمريكي أحمد محمد الحسن الذي (سمع به أوباما) تلقى دعوة من الرئيس السوداني للعودة إلى أرض الوطن! ألم يقدم وزير خارجيتنا الذي كان يشارك في جلسات الأممالمتحدة هدية لأحمد؟! فلماذا ( يتغابى) بعض الزملاء ولا يتناولون المواضيع من الزوايا الصحيحة؟! ألم يكن من الأجدى والأفيد أن يعنون الخبر ب " طفل نابغة سوداني لم يسمع به البشير"؟ أم تظنون أن أوباما ( فاتحا تكية) لكي يسمع بكل موهبة في أي من أنحاء العالم فيرعاها ويفتح لها أبواب البيت الأبيض للقاء؟! بالطبع يفهم من أعد الخبر أن الوضع ليس كذلك، لكنه ( التغابي). الصحيح هو أن يخاطبوا الرئيس السوداني قائلين " طالما أنك يا سعادة المشير قد دعوت الطفل أحمد ( صاحب الجنسية الأمريكية والمقيم هناك) للعودة للسودان بغرض رعاية موهبته، فها نحن نقدم لك موهبة تتفجر داخل الحدود، لكي ترعاها إن رغبت حقيقة. أو على أقل تقدير أن تأمر أعضاء حكومتك وأجهزتها المختلفة بدعم الأسر المحتاجة حتى يتمكن الصغير أحمد سبت وأمثاله من مواصلة تعليمهم. فالتعليم في مثل هذه السن اجباري في بلدان لم ترفع شعارات من شاكلة " هي لله"! ومن الظلم أن يجبر طفل بهذه القدرات على ترك الدراسة في الصف الخامس من مرحلة الأساس، فيما يجد أولاد ( المصارين البيض) فرص التعليم في أرقى المدارس دون أن يستفيدوا شيئاً من هذه الفرص، ليتحولوا في نهاية الأمر إلى طفيليين يعيشون على عرق الغلابة. والأكثر حزناً هو أن تتدارى صحفنا وتراوغ في التناول. أردد دائماً أنه لا يمكن لأي أمة أن تنهض في غياب صحافة نزيهة وحرة ومسئولة. [email protected]