تعددت تقارير أنسانية وحقوقية موخراً صادره من عدة منظمات دولية تناولت الحرب بولاية جنوب كردفان والنيل الأزرق أكدت فيها بأن الحكومة السودانية ارتكبت (جرائم حرب) في جنوب كردفان والنيل الازرق وجرائم بحق الأنسانية في نهاية العام 2014 وبداية العام 2015، وأكدت هذة التقارير أن الحكومة السودانية والقوات المسلحة السودانية والمليشيات التابعة لها ارتكبت ما يمكن اعتباره جرائم حرب بحق السكان المدنيين في ولاية جنوب كردفان والنيل الأزرق، وأوضحت هذة التقارير أن الحكومة السودانية طيلة أربع سنوات من الهجمات التي قامت بها استخدمت خلالها القنابل العنقودية واستهدفت المدارس والمشافي والمستشفيات بصورة مباشرة وممنهجة وطوقم العمل الانساني وموظفي منظمات الإغاثة الأنسانية القليلة العدد، ووثقت هذة التقارير قيام الحكومة السودانية بسلاح الجو السوداني بإسقاط 374 قنبلة على 60 موقعاً بجبال النوبة/جنوب كردفان و289 قنبلة علي 29 موقعاً بالنيل الازرق، وأشارت تلك التقارير بان الحرب المستمرة منذ أربع سنوات تعددت وتسلسلت بواقع زمني محدد ومقصود، بغرض رفع الكلفة البشرية للحرب بالمنطقتين (لاجئين ونازحين وضحايا)، وهذة المؤشرات والحقائق تعتبر مؤشرات خطيرة للازمة الانسانية وتطورها بمسار الحرب والنزاع بالمنطقتين، وأن الحكومة السودانية ماذالت تنوي مواصلة حملاتها العسكرية بدلا من الوصول لاتفاق سياسي أنساني ينهي الازمة الانسانية والنزاع بالمنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق، لذا أنتهجت الحكومة السودانية سياسة الحرب بلا هوادة على الجيش الشعبي لتحرير السودان شمال بولاية جنوب كردفان والنيل الأزرق السودانية، عند تتبع وقائع التسلسل الزمني للهجمات الأرضية والجوية علي مناطق تمركز المدنيين يتضح أن تلك الهجمات فعلاً رفعت التكلفة البشرية لتلك العمليات العسكرية طوال الصيف الماضي من العام 2014-2015، والذي أزهق أرواح المئات من المدنيين وتسبب بحدوث أزمة إنسانية كارثية وظروف معيشية خانقة. الناتج الذي لايمكن تجاهله من هذة الحملات الصيفية للجيش السوداني والمليشيات الحكومية من عمليات القصف الجوي العشوائية والهجمات البريةكان الغرض منها الاستهداف المتعمد للمدارس والمستشفيات وذلك يشكل جرائم حرب، واتضح كذلك ان القوات المسلحة السودانية استهدفت مناطق مدنية والبنية التحتية على الرغم من أنها لا تؤوي أهدافاً عسكرية أو تجمعات عسكرية للجيش الشعبي لتحرير السودان شمال، كما أستخدم الجيش السوداني اسلحة محرمة ومحظورة دولياً ضد الاهداف المدنية والتجمعات السكانية، وأدى استخدام أسلحة محظورة من قبيل القنابل العنقودية التي أسقطتها الطائرات وهي تحلق على ارتفاعات عالية إلى وقوع خسائر في الأرواح وسط المدنيين. وأشار تقرير منظمة العفو الدولية في شهر أغسطس 2015م وتقرير هيومن رايتس وتش الامريكية في يوليو 2015 الي العثور على ذخائر عنقودية في أربعة مواقع في مكانين مختلفين بمقاطعة دالامي وأم دورين، وأدت عمليات القصف الجوي والمدفعي تلك خلال شهريناير وفبراير 2015 إلى مقتل ما لا يقل عن 35 مدنياً وجرح 70 آخرين، وألحقت أضراراً بمبانٍ مختلفة لا سيما المدارس. وأضاف تقرير منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس وتش انه منذ اندلاع النزاع في عام 2011، تعرضت 26 منشأة صحية "مستشفيات وعيادات ووحدات صحية" في مناطق جبال النوبة للقصف رغم أنها تحمل ما يدل على هويتها كمنشآت صحية من أعلام وُضعت على أسطحها، وأشار تقرير منظمة العفو الدولية "لم يتبق من بين المستشفيات الأربع المتوفرة في المناطق تحت سيطرة الحركة الشعبية سوى مستشفيان يعملان هناك".. وهذة النقطة مهمة وأساسية وتوضح بان الجيش السوداني ينتهك القانون الإنسان الدولي بصورة سارخة، مع العلم بان القانون الدولي الأنساني ينص على أن التقاعس عن التمييز بين المدنيين والمقاتلين يشكل خرقاً لمبدأ التمييز الأساسي، كما إن تعمّد توجيه الهجمات نحو المدنيين أو الأهداف المدنية مباشرة يشكل جريمة حرب. وبعد مضي 4 سنوات من الحرب بالمنطقتين مازال رفض الحكومة السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتاثرة بالحرب مستمراً، ما فاقم الأزمة الإنسانية وحرم السكان من الحصول على الغذاء والأدوية الضرورية، وفشلت أكثر من حملة للتطعيم ضد مرض الحصبة بالرغم منها انطلقت في مناطق أخري من السودان مؤخراً بإشراف (اليونيسيف) ومنظمة الصحة العالمية، حيث أدى تفشي الحصبة خلال مايو 2014 يناير 2015 إلى حصد أرواح 30 طفلاً على الأقل بعد إدخالهم إلى المستشفى. ان جمود الاستجابة الإقليمية والدولية للوضاع الأنسانية الحرجة بالأقليم على الرغم من أستمرار النزاع ودخوله عامه الخامس وأعلان الحكومة السودانية بعد أنطلاق عملية الحوار الوطني بانها مستعدة للحرب وقسمت الرافضين والممانعين الي معسكر الحرب وهذا يعني انها ستصعد من هجماتها العسكرية ضد المدنيين بالمنطقتين. فمنذ صدور اول تقرير عن الاوضاع الانسانية واوضاع حقوق الانسان بجنوب كردفان بواسطة الاممالمتحدة في العام 2011 توالت التقارير عن تلك الأوضاع، لكنها لم يصدر أي قرار عن مجلس الأمن بشأن ولاية جنوب كردفان منذ العام 2012. واشار قرار مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة في سبتمبر 2015 الي ضرورة السماح الفوري بوصول المساعدات الانسانية الي المتضررين وطلبت من الحكومة السودانية والحركة الشعبية بفتح طرق ومسارات وصول الاإاثة الانسانية بالمنتطقتين، وسار هذا القرار علي نفس الطريق الذي دعا به قرار الاتحاد الافريقي في اجتماع مجلس السلم والامن الافريقي الاخير، حيث أصدر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي في اجتماعه (539) بتاريخ 25 أغسطس 2015 القرار الخاص بشأن نشاطات الآلية الافريقية رفيعة المستوي حول السودان وجنوب السودان، والذي أعرب فيه عن قلقه البالغ إزاء الصراع الدائر والأزمة الإنسانية في دارفور والمنطقتين بما في ذلك انتهاكات القانون الإنساني ذات الصلة بالنزاع، ويدعو الطرفين للتوصل بشكل عاجل الى اتفاقيات لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية الى المحتاجين واحترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. ويدعو المجلس الأطراف الى اتخاذ كافة التدابير اللازمة لتهيئة الظروف للعودة الآمنة والطوعية والكريمة للنازخين واللاجئين الى ديارهم. الأزمة الانسانية في جنوب كردفان والنيل الأزرق يتعامل تتعامل مع الحكومة السودانية كقضية سياسية وليس قضية انسانية بالدرجة الاولي وتحتاج الي معالجة فورية، ويتضح ذلك من خلال إغفال الحكومة السودانية القرارات والبيانات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم الافريقي مما يثير بواعث القلق عن استمرار الازمة الانسانية في جبال النوبة والنيل الأزرق، وفي العديد من المرات التي يهيب فيها إلى مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الأفريقي المجتمع الدولي الضغط على حكومة السودان والحركة الشعبية شمال كي تسمحا بدخول المنظمات والمساعدات الإنسانية من دون عوائق إلى ولاية جنوب كردفان، تعلن الحكومة السودانية بعدها مباشرة شروط تعجيزية لايصال الأغاثة الانسانية للمنطقتين، وتعلل بالسيادة علي الأراضي التي تقع تحت سيطرتها وتعتبر المدنيين الموجودين في تلك المناطق بالمتمردين. اليوم بعد أن وصل هذا النزاع إلى مرحلة الانتهاكات الصريحة للقانون الدولي والكارثة الانسانية وأعلان الاممالمتحدة في شهر أكتوبر بتوقع حدوث فجوة غذائية باجنوب كردفان والنيل الأزرق، لابد من تحرك المجتمع الدولي وفك حلقة الجمود العبثي حول الكارثة والأزمة الانسانية بالولايتين، ويتعين على الجهات الدولية والاتحاد الأفريقي أن تعاود على وجه السرعة التدخل بما يكفل وضع حد لتلك المأساة الانسانة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الحرب، ومحاسبة مرتكبيها بجلبهم، ولا يوجد مبرر للتهاون مع مسألة ضمان عدم حدوث مجاعة في هذا الوقت بعد أن تحدد الطرف المسئول عن التسبب فيها، ولا يوجد مبرر لأستمرار الإفلات من العقاب على ارتكاب جرائم الحرب بجبال النوبة والنيل الأزرق، ومن العار أن يستمر العالم والسودانيين في تجاهل أزمة إنسانية طال أمدها بجبال النوبة والنيل الأزرق. [email protected]