في كتابه النفيس (الزمن الأمريكي:من نيويورك إلى كابول)،يستدعي الاستاذ محمد حسنين هيكل قول مهندس ومصمم مشروع الجهاد الاسلامي برجينسكي،كما يصفه،مستشار الرئيس الأمريكي الأسبق للأمن القومي، أنهم رفعوا درجة احتمال تدخل السوفيت في أفغانستان،أي) جرجروه( للتدخل في ديسمبر 1979م"لقد كانت فكرة رائعة أدت إلى دخول السوفيت في فخ تمنينا أن يدخلوا في مثله". وقال برجينسكي في رده على خطأ إعطاء أمريكا السلاح للإرهابيين الذين أصبحوا فيما بعد أعداء لأمريكا "أيهما أفضل للغرب:إنهيار الاتحاد السوفيتي أو ممارسة الارهاب بواسطة بعض الجماعات الاسلامية؟أيهما أخطر على الغرب طالبان أو الاتحاد السوفيتي؟" عندما سأله هيكل"هل يمكن أن يتحول الارهاب الاسلامي إلى موجة عالمية؟"،رد بيرجينسكي"هذا كلام فارغ يخلط بين الاسلام وظواهر العولمة.الدين الاسلامي دين له احترامه ويتبعه ما يقدر بمليار ونصف المليار من البشر.لننظر إلى الأحوال الاسلامية بدون تهييج.الدين الاسلامي-مثل المسيحية- لا يجمع الناس سياسيا في التحليل الاخير.ما الذي يجمع مسلما أصوليا من السعودية أو مسلما عسكريا من باكستان أو مسلما معتدلا من المغرب أو مسلما متعلما من مصر أو مسلما قبليا من وسط آسيا؟ لا شيء يجمع هؤلاء اطلاقا إلا ما يجمع المسيحيين في العالم، وهو في الواقع لا شيء." عصابات (المجاهدين) الأفغان صناعة أمريكية،طالبان صناعة أمريكية بالاصالة أو بالوكالة، درجا على النهج الأمريكي في استغلال الدين في الحرب ضد السوفيت،بعد تعذر قيام حرب نويية،و(إطلاق الأفكار قبل النار بما في ذلك الجهاد ضد الالحاد) حسب قول الرئيس الأمريكي الاسبق ايزنهاور، وهو ما وصفه هيكل بخطف الأديان الذي سبق خطف الطائرات.كل المؤشرات اليوم تشير إلى أن داعش صناعة أمريكية جديدة،وكثير من الجماعات المتأسلمة المختلفة المتصارعة في ليبيا وسوريا صناعة أمريكية،حتى بوكو حرام نفسها لا تسلم من شبهة التبعية لأمريكا،لكن الجديد في تجربة داعش أنها جمعت بين المسلم الاصولي والمسلم العسكري والمسلم المعتدل والمسلم المتعلم والمسلم القبلي مع اضافة نوع جديد من المجاهدين هذه المرة تحت مظلة جهاد النكاح، وجميعهم جاؤوا للمشاركة في إراقة دماء السوريين والليبيين والعراقيين،برعاية نفس المموّل والمخرج الأمريكي ،كما في حالة القاعدة وطالبان. ترى ما هي قراءة برجينسكي للواقع اليوم بعد أن اختلطت الأوراق وتشابكت الخيوط التي وصلت إلى جامعة مأمون حميدة؟ اقتبس هيكل مقولة اغريقية قديمة معبرة اختتم بها كتابه الذي صدر عقب احداث الحادي عشر من سبتمبر وتفجير برجي نيويوك "إن الآلهة لا تعاقب البشر حين تغضب عليهم وانما تسلط عليهم أنفسهم،وكفي". (عبدالله علقم) [email protected]